أكد رئيس هيئة الرقابة الشرعية في بنك البحرين الإسلامي، د. عبداللطيف آل محمود، أن أزمة مالية عالمية جديدة ستكون بمثابة فرصة لإعادة التفكير في الأنظمة المالية الحالية، واعتماد الاقتصاد الإسلامي بديلا مستداما. وأشار إلى أن الأزمات الكبرى مثل أزمة 2008، التي أبرزت مزايا المصرفية الإسلامية، قد تدفع صناع القرار والمفكرين في العالم إلى البحث عن نموذج اقتصادي أكثر استدامة وعدلا.
وأوضح د. آل محمود، في كلمة ألقاها في فعاليات ملتقى بنك البحرين الإسلامي للتعريف بالبنوك الإسلامية للقطاع الأكاديمي، أن النظام المالي التقليدي القائم على الرأسمالية أثبت محدوديته في مواجهة الأزمات المالية، ما يدعو إلى استكشاف حلول جديدة. وأضاف “الأزمات الكبرى تدعو الساسة والمفكرين إلى إعادة النظر في أنظمتهم الحالية، وقد تكون الأزمة المقبلة نقطة تحول تجعل العالم يتبنى النظام المالي الإسلامي بشكل أوسع”.
وأشار د. آل محمود إلى أن المصارف الإسلامية، التي بدأت في سبعينات القرن الماضي، كانت تهدف في الأصل إلى أن تكون خطوة أولى نحو الاقتصاد الإسلامي الشامل، وأوضح أن الانتقال الكامل إلى هذا النظام يتطلب قرارات سياسية استراتيجية على مستوى الدول، مشددا على أن النظام المالي الإسلامي ليس مقتصرا على المسلمين فقط، بل هو نظام عالمي يخدم البشرية. وقال “رسالة الإسلام الاقتصادية هي رحمة للعالمين، والمصارف الإسلامية ليست فقط للعرب أو المسلمين، بل هي نموذج يخدم العالم بأسره”.
وتناول د. آل محمود في كلمته، دور التعليم الجامعي في تطوير المصرفية الإسلامية، منتقدا النظام التعليمي الحالي الذي يفرض قيودا على إعداد الكوادر المتخصصة. وأكد أن المناهج الحالية لا تركز بشكل كافٍ على المهارات الفقهية العميقة أو الجوانب العملية اللازمة للعمل في هذا القطاع. وأضاف “نحتاج إلى كوادر تمتلك ملكة فقهية تمكنها من معالجة المشكلات الشرعية، وابتكار منتجات مالية إسلامية جديدة تلبي احتياجات السوق”.
وشدد على أهمية تطوير برامج دراسية تركز على الجوانب الفقهية والشرعية، خصوصا في مجال المعاملات المالية والقواعد الشرعية ونظرية العقود، إلى جانب تعزيز التعاون بين الجامعات والمؤسسات المصرفية؛ لضمان إعداد خريجين مؤهلين.
وأشار د. آل محمود، إلى أن الأزمات المالية تمثل فرصة للنظر في البدائل الاقتصادية، مؤكدا أن المصارف الإسلامية أثبتت قوتها وصمودها أثناء أزمة 2008، ما جعلها محط اهتمام عالمي. وأضاف “إذا شهد العالم أزمة مالية جديدة، فستكون المصارف الإسلامية قادرة على تقديم حلول مستدامة تسهم في إصلاح النظام المالي العالمي”.
وانتقد د. عبد اللطيف آل محمود القيود التي يفرضها النظام التعليمي الجامعي الحالي، واصفا إياها بأنها تعرقل تقديم برامج تعليمية متخصصة تلبي احتياجات سوق العمل في المصرفية الإسلامية. وأشار إلى أن نظام الساعات المعتمدة يحد من قدرة الجامعات على إعداد خريجين مؤهلين بشكل عميق، داعيا إلى تطوير برامج تركز على الجوانب العملية والتخصصية.
وأضاف أن المصرفية الإسلامية تحتاج إلى باحثين، ومحاسبين، وقانونيين، ومراقبين شرعيين يتمتعون بملكة فقهية تمكنهم من معالجة المشكلات الشرعية، وابتكار منتجات جديدة تخدم الأسواق.
وأكد أن تحقيق هذه الكوادر يتطلب إعادة صياغة المناهج الدراسية، مع التركيز على القواعد الفقهية والمعاملات المالية الشرعية، إضافة إلى تطوير برامج تدريبية تكسب الطلاب مهارات عملية.
واختتم د. آل محمود كلمته بدعوة إلى الحفاظ على المكتسبات التي حققتها المصارف الإسلامية، وتعزيزها لمواكبة التحديات المستقبلية. كما أشاد بجهود بنك البحرين الإسلامي في تنظيم هذا الملتقى، إذ عدّه منصة مهمة لتوحيد الرؤى وتطوير العمل المصرفي الإسلامي، ما يخدم المسلمين والعالم أجمع.