مع إصدار المحكمة الجنائية الدولية أوامر الاعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت سارعت الأوساط الإسرائيلية لرفض هذا الأمر، ليبقى السؤال الأبرز كامناً بتفاصيل الخطوة التالية. فكيف تتعامل إسرائيل بمؤسساتها مع أوامر الاعتقال؟ عن هذا أوضح مستشار قناة "العربية/الحدث" للشؤون القانونية مجدي الحلبي، أن المحافل السياسية في إسرائيل والمنطقة تتفق على أن تنفيذ هذه الأوامر أمر شبه المستحيل، إلا أن ذلك يظل ولو من الناحية النظرية على الأقل، وارداً إذا استطاعت الدول التي تعترف بالجنائية الدولية أن تمنع طائرة نتنياهو من التحليق في أجوائها أو إرغامها على الهبوط في حالات معينة من أجل اعتقاله. كما رأى أن إصدار أوامر الاعتقال لم تفاجئ الإسرائيليين، إذا انتظر هؤلاء ذلك، خصوصا أن الأوساط القضائية تعي جيداً مسار الجنائية الدولية، وما يمكن أن تصل إليه المحكمة في ظل استمرار الشكاوى الدولية والاتهامات ضد رئيس الحكومة وأعضائها. ولفت إلى أن المعلومات تشير إلى أن المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية غالي بهراب ميارا كانت حذرت نتنياهو من هذه النتيجة، واقترحت عليه الإعلان عن تشكيل لجنة تحقيق رسمية برئاسة قاضٍ من محكمة العدل العاملين الإسرائيلية. إلا أن رئيس الحكومة رفض ذاك الاقتراح، ظناً ألا أحد يستطع المساس به، وأن الجنائية الدولية لن تقترب منه. كذلك لفت إلى أن المؤسسة القضائية تعد بتقديم استئناف لمحكمة الجنايات الدولية لتفند فيها مزاعم الاتهامات الواردة في أوامر الاعتقال، لكن المستوى السياسي بقيادة نتنياهو يعتقد أن ذلك لن يجدي نفعا، مراهناً على دخول الرئيس دونالد ترامب للبيت الأبيض وهو ما سيضع حداً للمحكمة الجنائية، وفق تفكير نتنياهو. الخطر الأهم إلى هذا، رأى أن القلق الأكبر في إسرائيل من جهة المؤسسة القضائية والعسكرية الأمنية هو إصدار قاضي محكمة الجنايات الدولية أوامر سرية ضد ضباط ورجال أمن ووزراء وأعضاء كنيست إسرائيليين تحدثوا أو عملوا أو اتخذوا قرارات أو شاركوا في جرائم الحرب أو صرحوا تصريحات عنصرية تدعو لقتل الأبرياء. من ناحية ثانية، يقول خبراء القانون بإسرائيل إن هناك طريقة أخرى بموجب المادة 16 من وثيقة روما وهي قيام مجلس الأمن بالإعلان عن تجنيد العمل بهذه الأوامر لأسباب سياسية تخدم السلم العالمي، وهذا الأمر يمكن أن يتم بالأكثرية في مجلس الأمن، خصوصا أن الفيتو غير وارد في مثل هذا الأمر، بحسب كلامهم. أما على الساحة السياسية في إسرائيل، فرأى الحلبي أنها برمتها تقريبا باستثناء الأحزاب العربية، قد استنكرت إصدار أوامر الاعتقال. أخيراً، شدد على أن خطر أوامر الاعتقال سيبقى جاثما فوق صدر نتنياهو خصوصا أنه يمنعه من السفر، وبهذا يبقى آلاف الضباط وجنود الاحتياط في ترقب، يتفادون السفر أيضاً حتى تتضح الصورة خشية اعتقالهم أيضاً. "جميع الدول ملزمة بالتنفيذ" يشار إلى أن المحكمة الجنائية الدولية كانت أصدرت أمس، أمراً باعتقال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، مشددة على أن هناك أسبابا تدعو للاعتقاد بأن نتنياهو ووزير الدفاع السابق "حرما عمدا وعن علم المدنيين في غزة من أشياء لا غنى عنها لبقائهم، بما في ذلك الغذاء والماء والأدوية والإمدادات الطبية، وكذلك الوقود والكهرباء"، ما يشكل جرائم حرب. ردا على ذلك، أفادت مصادر مطلعة بأن حكومة نتنياهو بدأت دراسة الخيارات المتاحة لتغيير قرار الجنائية الدولية، وفق ما نقلت هيئة البث الإسرائيلية. كما أضافت أن أحد الخيارات المطروحة هو إعلان إجراء تحقيق جدي ومستقل فيما إذا كانت إسرائيل التزمت بالقانون الدولي الإنساني في قطاع غزة. الجدير ذكره أن جميع الدول الـ 124 التي وقعت على ميثاق الجنائية الدولية ملزمة بتنفيذ قرارات التوقيف بحق نتنياهو وغالانت، بما يجعل المسؤولين الإسرائيليين محاصرين إلى حد بعيد، لاسيما أن فرنسا وهولندا وبلجيكا وغيرها أكدت أنها ملزمة باحترام تلك الأوامر. كما أن تلك القرارات تشكل ما يشبه الإدانة المعنوية والحقوقية الدولية بحق إسرائيل، وفق العديد من الخبراء.