الطيبون وإن رحلوا عنا .. فإنهم يرحلون أجساداً فقط .. ولكن تبقى أرواحهم الطيبة تنفث شذاها في ذاكرتنا عبر مآثرهم ومحاسن مواقفهم..
الطيبون لا يُنسون أبداً .. وسيرتهم تظل خالدة متوهجة كما كانت في حياتهم ..
أخونا الغالي وزميلنا العزيز الدكتور القدير يوسف محمد "بومحمد" شملهُ الله بواسع رحمته وعفوه ورضاه وجعلهُ في عليين..
لم يكن شخصية عابرة يوماً ما في المجتمع البحريني بل والخليجي والعربي كذلك .. كان إنساناً ومسئولاً وإعلامياً استثنائياً ..
أخلاقهُ تسبقهُ في كل محفل .. وبعيداً عن كفاءته المهنية التي يشهد لها القاصي والداني ..
مبسمه وشراحته وذوقه في التعامل مع الجميع من يعرفهُ ومن لا يعرفهُ كانت عناوين بارزة لشخصيته..
اليوم وفي غمرة هذا الحزن على رحيل أخونا الغالي بومحمد .. تعود بي الذاكرة الى سنين طويلة للوراء .. وتحديداً في بدايات عملي في سلك الإعلام قبل أكثر من عشرين عاماً..
لأستذكر تلك السهرات الإذاعية الجميلة التي جمعتنا أنا وأخوي العزيز فايز السادة وبقيادة أخونا العزيز ومعلمنا الملهم الإعلامي الاستاذ وليد الذوادي مع لمسات اخونا وزميلنا العزيز المخرج المبدع أحمد الشريان..
تلك البرامج التي كان الدكتور يوسف محمد أحد أبرز نجومها وكنا نسترسل معه في حوارات شيقة ومتنوعة وذات قيمة في الفن البحريني والموروث والذاكرة الوطنية والإعلام المسئول وكلها كانت لقاءات نوعية بالنسبة لنا ..
وكم نشتاق لتلك الأيام الجميلة..
آخر لقاء جمعني بالدكتور يوسف محمد كان في شهر مارس الماضي حيث تشرفت بدعوته لمشاركتي الحوار في ندوة مشتركة بين اذاعة البحرين والإذاعة الأردنية حول اختيار المنامة عاصمة الإعلام العربي لعام 2024..
وكعادته بومحمد هذا الرجل الوطني من الطراز الأول أضفى على هذا اللقاء الكثير من التفاصيل الثرية التي تنبع من حسه الوطني الأصيل وحبه لترسيخ كل ما يدعم الهوية الوطنية وصورة البحرين المشرقة بكل معانيها ..
لأعود مجدداً الى السنوات الأولى من هذه الألفية .. كانت لبومحمد رحمهُ الله بصمة لا أنساها في ذاكرتي السعيدة .. عندما أهداني زفة يوم زواجي بصوته الرائع .. لم يتردد أبداً في أن تكون له ذكرى في هذا اليوم المميز بالنسبة لي..
هو وأخوي الغالي الشاعر المبدع عارف الهاشل "بوخليفة" أطال الله في عمره الذي أهداني يومها أيضاً كلمات جياشة بإلقائه المميز ..
وقفات لم ولن أنساها لإخوان حفروا موقعهم في داخلي بأصالتهم وطيب أخوتهم وشهامتهم ..
أكتب اليوم هذه الكلمات وتخالجني بداخلي غصة لأرثي بومحمد الأخ الذي لا ينسى.. الأخ الذي دائماً عندما كنت أخطط لبرنامج أو فكرة أو لقاء كنت أسمع منه جملة "ما ينرد لج طلب يا أم عبدالله" ..
رحمك الله ياخوي بومحمد .. سيرتك العطرة سيظل عبقها بيننا .. سنتذكرك دوماً وسنقول والله ومليون نعم في بومحمد .. رحل عنا وباقٍ فينا بطيبته وأخوته المباركة ..