بعد مرور نحو 40 عاما من مباشرة شقيقين عملهما في مجال خياطة العباءات النسائية بمحلين تجاريين منفصلين، أقدم أحدهما على رفع دعوى قضائية ضد الآخر، مختصما أيها بزعمه استعمال العلامة التجارية الخاصة به لمحله التجاري، ما يؤدي إلى حدوث لبس لدى الزبائن، وطلب في دعواه إلزام شقيقه بالتوقف عن استعمال الشعار وتغييره.
وتشير التفاصيل، بحسب ما أفاد المحامي عبدالعظيم حبيل، إلى أن المدعي وموكله (المدعى عليه الأول)، شقيقان، وكلاهما يمتلكان محلات تجارية في البلاد متخصصة بالعباءات النسائية منذ نحو 40 عاما، إلا أن المدعي قرر اختصام شقيقه الأكبر منه (المدعى عليه الأول)، وأقام دعواه القضائية ضده وضد المدعى عليها الثانية (وزارة الصناعة والتجارة والسياحة)، طالبا فيها إلزام شقيقه المدعى عليه الأول بالتوقف عن استعمال شعاره التجاري المطابق لعلامته التجارية المسجلة وإلزامه بتغييرها.
هذا علاوة على إلزام المدعى عليها الثانية (وزارة الصناعة والتجارة والسياحة) بشطب اسم محل المدعى عليه الأول التجاري؛ كونه مشابها لاسم المدعي التجاري، وحال كونه يحمل علامة تجارية مسجلة، وكذلك إلزام المدعى عليه الأول بإتلاف جميع السلع والمنتجات (العباءات) التي تحمل العلامة التجارية المقلدة، والتي تشكل اعتداء على العلامة التجارية ملك المدعي، وأن يؤدي للمدعي مبلغ 1200 دينار تعويضا مؤقتا عما أصابه من ضرر نتيجة استعمال علامته التجارية.
وذكر المحامي أن المدعي يمتلك مؤسسة فردية متخصصة بالعباءات النسائية، وأن شقيقه (المدعى عليه الأول) يمتلك مؤسسة فردية أخرى بذات المجال، وبحسب قول المدعي، فإن المدعى عليه الأول يستعمل شعارا تجاريا مطابقا لعلامته التجارية، فضلا عن تقارب الاسم التجاري للمحل، وهو ما يؤدي لحدوث لبس لدى العملاء.
وعليه تقدم المدعي بشكوى ضد شقيقه المدعى عليه الأول لدى وزارة الصناعة والتجارة، وأقام دعواه القضائية لحث شقيقه على الامتناع عن استعمال شكل العلامة التجارية.
وتداولت المحكمة الدعوى الواردة إليها في محاضر جلساتها، وفيها قدم المحامي عبدالعظيم، وكيل المدعى عليه الأول، مذكرة دفاعه، التي دفع فيها بعدم جواز رفع الدعوى لرفعها على غير ذي صفة، ولانعدام المصلحة، وثبوت أن العلامة التجارية مملوكة للمدعى عليه الأول بالاستعمال، وانتفاء عنصر التقليد، وانتفاء ركن الخطأ والضرر.
وأشار وكيل المدعى عليه الأول في مذكرة دفاعه إلى أن المدعى عليه الأول والمدعي إخوة ويعملون في ذات المجال منذ نحو 40 عاما، وأن موكله المدعى عليه الأول فوجئ بخطاب وكيل المدعي بالتوقف عن استعمال العلامة التجارية، موضحا أن موكله المدعى عليه الأول قام بتعديل الشعار التجاري الخاص به واللوحات الإعلانية والفواتير الخاصة به رغم حيازته للعلامة التجارية بالاستعمال، وأنه قام بتعديل ذلك قبل رفع الدعوى.
وأرفق بالمذكرة تقرير الخبير، الذي عاين محلات المدعى عليه الأول، واتضح له أن الأخير تجاوب مباشرة مع المدعي وغير هويته التجارية وجميع المتعلقات، وأنه لا يستخدم الهوية التجارية للمدعي.
وعلى الجانب الآخر، قدم وكيل المدعي مذكرته الدفاعية، التي أشار فيها بأن المدعى عليه الأول لم يذهب لشركة متخصصة لإعداد لوحة جديدة له، وإنما قد طمس الشعار ببرنامج الفوتوشوب، وبحسب قوله بأنه ما زال يستخدم الاسم التجاري حتى تاريخه، ولم يلتزم بنص المادة 15 من قانون الأسماء التجارية، عبر وضع إعلان في الصحف المحلية عن تغيير الاسم التجاري.
وعليه أمرت المحكمة، وقبل الفصل في الموضوع، بإحالة الدعوى للتحقيق ليثبت المدعي بجميع طرق الإثبات القانونية، ومنها شهادة الشهود استخدام المدعى عليه الأول شعارا متطابقا لشعاره التجاري والتعدي الحاصل منه، ويثبت الأضرار التي تعرض لها جراء ذلك، متمثلة في لجوء الزبائن إلى محلات المدعي عليه الأول، على أساس أنها تابعة للمدعي أو أحد فروعه، وللمدعى عليه الأول النفي بذات الطرق.
ولم يقدم المدعي شهوده، وعليه أنهت المحكمة إجراءات التحقيق وأعادت الدعوى للمرافعة، وفيها قدم المدعي مذكرة ختامية طلب فيها توجيه اليمين الحاسمة لشقيقه المدعى عليه الأول؛ ليثبت عدم حيازته أي بضائع في المخازن أو خلافه تحتوي على الشعار المقلد.
فلما كان ذلك، وكان تقرير الخبير، بعد أن عاين كلا المحلين، قد أوضح أن المدعى عليه الأول لا يستعمل العلامة التجارية ولا الاسم التجاري الخاص بالمدعي، وقد أقر المدعي بمذكرته بإزالة العلامة من “اللافتات”، كما أنه لم يثبت وجود أي بضاعة تحمل العلامة المقلدة، الأمر الذي يكون معه هذا الطلب قائم على غير أساس ويتعين رفضه دون أن تجيب المحكمة لطلب المدعي بتوجيه اليمين الحاسمة للمدعى عليه الأول.
وكانت المحكمة قد أحالت الدعوى للتحقيق؛ ليثبت المدعي الضرر الحاصل عليه، إلا أنه لم يقدم شاهدا، ولم يثبت وقوع ضرر عليه يبين أحقيته في مطالبته بالتعويض، ما يكون معه المدعي عاجزا عن إثبات ركن الضرر في حق المدعى عليه الأول، وعلى إثر ذلك حكمت المحكمة برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات وأتعاب المحاماة وكذلك قيمة أتعاب الخبير.