لم يكن منتخب عمان الأول لكرة القدم، قبل منافسات النسخة السادسة والعشرين من كأس الخليج المقامة حاليا في الكويت، أحد المرشحين للمنافسة على اللقب، في ظل تكهنات صبت في صالح منتخبات أخرى استنادا إلى مقومات مختلفة منها التاريخ والأرض والجاهزية. المقياس الرئيس في الترشح كان الظهور الأخير للمنتخبات خلال الجولات الستة التي خاضتها سبع منتخبات من أصل ثمانية في المرحلة الثالثة من تصفيات كأس العالم 2026 وتحديدا الجولتين الخامسة والسادسة اللتين لعبتا قبيل 33 يوما من انطلاق الحدث الخليجي، فتم ترشيح الإمارات ثم العراق عطفا على الظهور الأخير في التصفيات، في حين خرج ترشيح السعودية عن نص التصفيات، وذلك بسبب دعوة نجوم الصف الأول للمرة الأولى منذ فترة طويلة بعدما اعتاد الأخضر على اللعب في كأس الخليج بصف ثانٍ، ومن ثم البحث عن تتويج خليجي طال انتظاره لأكثر من 21 عامًا، فيما رُشح المنتخب الكويتي بحكم الأرض والجمهور وكذلك الظهور الأخير أمام الأردن وصيف آسيا 2023 في تصفيات المونديال.  المنتخب العماني كان مستثنيًا من الترشيحات لأن نتائجه في الجولتين الخامسة والسادسة من تصفيات المونديال لم تكن مرضية، بيد أن الظهور في كأس الخليج كان مختلفا، حيث قدم منتخب عمان مستوى رائعا وراقيا في كل تفاصيله، بعد تحديات كبيرة في مجموعة أولى لم يكن أيضا مرشحا حتى لتجاوزها بوجود المنتخب الإماراتي المراهن على اللقب والمنتخب القطري بطل آسيا والمنتخب الكويتي المدعوم بالأرض والجمهور. الحقيقة أن منتخب عمان كان الأفضل في المجموعة من خلال مستويات كبيرة قدمها في المباريات الثلاثة بشخصية قوية تجسدت بقدرته على العودة بعد التأخر في المواجهات الثلاثة، فعاد بنقطة أمام الكويت في الافتتاح 1–1 وقلب الطاولة على العنابي ليفوز 2-1، وعاد في الدقائق العشرة الأخيرة أمام الإمارات وتعادل 1–1، فاستحق ريادة المجموعة عن جدارة. تحد سعودي ورهان كبير رغم النقص أجمع جل المراقبين والمتابعين أن نهاية مغامرة المنتخب العماني ستكون على يد المنتخب السعودي في نصف النهائي، وتأجج الشعور بطرد لاعب منتخب عمان منذر العلوي بعد مرور 35 دقيقة على البداية. لكن الذي جرى بعد ذلك يُدرس سواء في طريقة التعامل مع النقص وأفضلية المنافس العددية أو بالقراءة الراقية للمدرب رشيد جابر للتفاصيل الصغيرة، عندما فضل عدم الاستعجال بالتغيير وأوجد الحلول من داخل الميدان، ووصولًا إلى روح قتالية وإصرار زرعه المدرب جابر وجهازه المعاون في اللاعبين الذين قدموا ملحمة تاريخية، بعدما تحدوا النقص وسجلوا هدفين، فلم يشفع التلقيص للأخضر بتجنب الخروج. أرقام تؤكد تفوق أسلوب منتخب عمان صحيح أن المباراة النهائية أمام المنتخب البحريني تعد الحظوظ فيها متساوية في ظل مستويات كبيرة قدمها الأحمر البحريني، لكن منطق الأفضلية للمنافس عادة ما كان حاضرا في كل مباريات منتخب عمان، الذي اعتاد أن يقلب التكهنات. الأرقام الإحصائية لمنتخب عمان تؤكد بأنه كان الأفضل في البطولة عن جدارة.. إذ سجل المنتخب ستة أهداف بنسبة 1.5 هدف في المباراة الواحدة، واستقبل أربعة أهداف فقط بنسبة هدف واحد في المباراة. منتخب عمان لا يعتمد كثيرا على الاستحواذ الذي لم يتجاوز معدله في المباريات الأربعة 46 % وعدد تمريرات لم يتجاوز معدله 317 تمريرة في المباراة الواحدة، وهذا يدل على نجاعة الأسلوب الذي يتبعه المدرب رشيد جابر بالتعويل على التحولات السريعة والوصول إلى مناطق المنافس بأقل عدد من التمريرات وبأقصى سرعة، بدليل أن المنتخب العماني يخلق في المباراة الواحدة 4.2 فرصة بنجاعة هجومية كبيرة دون لحاجة إلى الكثير من الاستحواذ، ويسجل 1.6 هدف من تلك الفرص المحققة في المباراة الواحدة، في حين أن معدل التسديدات يصل إلى عشرة تقريبًا في المباراة الواحدة، وبنسبة نجاعة كبيرة تصل إلى 39 % بين الخشبات. الخلاصة أن منتخب عمان القادم من المجهول منذ بداية البطولة، يملك كل مقومات الفوز باللقب الثالث في تاريخيه، مستبشرًا بأرض الكويت التي تعد الأولى التي حصد عليها لقب خارج أرضه في خليجي 23 عام 2017 بعد اللقب الأول في خليجي 19 على أرضه عام 2009.