شهدت صناعة السيارات الكهربائية في الصين تطورا متسارعا في السنوات الأخيرة، إذ لم تحقق إنجازات مرموقة في السوق المحلية فحسب، بل أظهرت قدرات تنافسية قوية في السوق العالمية أيضًا، وتلعب الابتكارات التكنولوجية دورا أساسيا وتشكل قوة دافعة في تقدم الصناعة الناشئة في الصين.  تنامي القدرات التنافسية عالميا احتل إنتاج ومبيعات السيارات الكهربائية الصينية المرتبة الأولى في العالم 9 سنوات على التوالي. وفي العام 2015، بلغ كل من الإنتاج والمبيعات للسيارات الكهربائية الصينية 340 ألفا و331 ألفا، لتتبوأ الصدارة في العالم للمرة الأولى، وفي يناير إلى نوفمبر 2024، بلغ كل من الإنتاج والمبيعات 11.35 مليون و11.26 مليون، بحيث تخطى عتبة 10 ملايين سيارة سنويا، ما جعل الصين أكبر منتج ومصدر للسيارات الكهربائية في العالم. وأخذ حجم صادرات الصين وحصتها العالمية من المركبات الكهربائية في توسع مستمر، إذ تم تصدير 426 ألف سيارة بالعام 2021، ما يمثل 52 % من المبيعات العالمية، وتم تصدير 679 ألف سيارة في العام 2022، وهو ما يمثل 63 % من المبيعات العالمية، وتم تصدير 1.2 مليون سيارة بالعام 2023، ما يمثل 64 % من السوق العالمية، وتم تصدير 1.86 مليون سيارة في الفترة من يناير إلى نوفمبر بالعام 2024، وهو ما يمثل 68.9 % من السوق العالمية، وفي شهر أكتوبر من العام 2024، بلغت حصة السيارات الكهربائية الصينية 76 % من السوق العالمية. وباتت شركة BYD الصينية لؤلؤة على التاج، إذ تربعت عرش مبيعات السيارات الكهربائية في العالم قاطبة. وفي العام 2023، بلغ إجمالي مبيعات BYD نحو 3 ملايين سيارة، متجاوزة بذلك شركة تيسلا، لتصبح العلامة التجارية الأولى عالميا من حيث مبيعات السيارات الكهربائية. وفي العام 2024، بلغت مبيعات “BYD” السنوية 4.27 مليون سيارة، لتواصل تبوأها المركز الأول عالميا. كما سجلت “BYD” رقمًا قياسيًا عالميًا للمبيعات الشهرية، إذ احتلت المرتبة الأولى عالميًا في أكتوبر 2024 بمبيعات بلغت 500 ألف سيارة. بالإضافة إلى ذلك، فإن “BYD” هي شركة السيارات الوحيدة في العالم التي أتقنت التكنولوجيا الأساسية لسلاسل الصناعة بأكملها. وفضلا عن شركة BYD، فإن هناك عددا من الشركات الصينية الناشئة مثل “Azure” و “Xiaopeng” و “Ideal Auto”، تتفوق بمنتجات ذكية وعالية الأداء، لتشكل مجموعة من علامات السيارات الكهربائية الصينية الرائدة عالميا. ويعود تألق السيارات الكهربائية الصينية إلى الابتكارات التكنولوجية والجودة العالية والأداء الممتاز والأسعار المعقولة. وفيما يتعلق بالتكنولوجيا، حققت تكنولوجيا الرقائق والمحركات والبطاريات ونظام التشغيل، ابتكارات واختراقات كثيرة، وتم تطبيق تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بشكل واسع لتحقيق التقدم التكنولوجي، مثل القيادة الذكية والاتصالات الذكية، ما حقق تحسنا كبيرا من حيث السلامة ومدة التشغيل، وجعلها خيارًا مثاليًا للمستهلكين في العالم.  الإجراءات الحمائية ضد السيارات الصينية في الآونة الأخيرة، فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي رسومًا جمركية إضافية على السيارات الكهربائية الصينية، وتعمل الولايات المتحدة قدر المستطاع على ترويج ما يسمى بالقدرات الإنتاجية المفرطة للصين، إذ اتخذت الولايات المتحدة حزمة من السياسات والتدابير لكبح جماح تطور صناعة السيارات الكهربائية الصينية، بما في ذلك رفع الرسوم الجمركية على السيارات الكهربائية الصينية من 25 % إلى 100 %، وفرض الجمارك الإضافية على بطاريات الليثيوم الصينية من 7.5 % إلى 25 %.  وقام الاتحاد الأوروبي بفتح التحقيقات بشأن ما يسمى بقضية السيارات الكهربائية الصينية، إذ فرض رسوما إضافية لمدة 5 سنوات على السيارات الكهربائية الصينة ابتداء من 31 أكتوبر 2024، وتتراوح معدلات الرسوم المطبقة بين 17 % و35 % على الشركات الصينية المختلفة. وتستمر الولايات المتحدة وأوروبا في تصعيد الحملات على صناعة السيارات الصينية، ويرجع ذلك أساسًا إلى أن صناعة السيارات الأميركية والأوروبية فقدت القدرة التنافسية الدولية، خصوصا أمام السيارات الصينية؛ لضعف الابتكارات التكنولوجية والأسعار غير المنافسة، وبالتالي لجأت الولايات المتحدة والدول الأوروبية إلى اتخاذ تدابير تنتهك مبادئ التجارة الحرة وقواعد منظمة التجارة العالمية لحمائية صناعتها. وفي الواقع، يعكس هذا السلوك خوف الدول الغربية وقلقها من تطور وصعود الدول النامية، وتحاول استخدام الإجراءات الحمائية والأحادية للحفاظ على وضع مهيمن غير متكافئ ونهب مزيد من الأرباح الفاحشة من الدول النامية. وتشجع الصين التطور المستمر لصناعة السيارات الكهربائية بعقلية منفتحة وصدر رحب، وعبر التعاون والمنافسة الشريفة، إذ ترحب الصين بشركات السيارات العالمية للاستثمار فيها لتشارك فرص السوق الصينية التي تعد الأكبر في العالم عبر تقديم تسهيلات وامتيازات كثيرة. وخير دليل على ذلك، أن أكبر مصنع لشركة تسلا الأميركية يقع في مدينة شنغهاي بالصين، وتتفوق كفاءته الإنتاجية على سائر مصانع “تسلا” في العالم. وفي الآونة الأخيرة، أعلنت شركة تويوتا اليابانية العملاقة، أنها ستنشئ مصنعًا جديدًا للسيارات الكهربائية في مدينة شنغهاي، وسيركز المصنع الجديد على إنتاج سيارات “لكزس” الكهربائية.