تطفئ الصحافة السورية هذه الأيام شمعة عيد ميلادها السابع والخمسين بعد المئة باحتفالية مختلفة، بعد سقوط نظام بشار الأسد، وصعود إدارة هيئة تحرير الشام بقيادة أحمد الشرع الملقب بأبي محمد الجولاني، في غمرة “صورة غامضة” بشأن مستقبل الصحافة والإعلام في سوريا الجديدة.
“فقدت الجلالة”
على موقعها الإلكتروني، نشرت صحيفة “السوري اليوم” مساء الاثنين 6 يناير 2025 مقالًا للإعلامي رياض معسعس بمناسبة عيد ميلاد الصحافة السورية، استهله بالقول: لم يسبق الصحافة السورية في النشأة في العالم العربي سوى الصحافة المصرية التي عرفت أول صحيفة أنشأها محمد علي باشا في العام 1828 باسم “الوقائع المصرية”، فأول صحيفة في سوريا صدرت في مثل هذه الأيام من العام 1865 كانت باسم “سوريا”، وهي صحيفة رسمية أصدرها الوالي العثماني في دمشق، واستمرت الصحيفة في الصدور إلى غاية سقوط السلطنة بالعام 1917.
ولم يتطرّق معسعس إلى “سوريا الجديدة” بأي شكل من الأشكال، لكنه اختتم مقاله بعبارة: “صاحبة الجلالة في سوريا فقدت الجلالة منذ زمن بعيد”.
أهداف غير مشروعة
كيف سيكون وضع الصحافة والإعلام في الحكم الجديد؟ هذا السؤال شغل بال الأمين العام للاتحاد الدولي للصحافيين أنتوني بيلانغر، فقد أصدر الاتحاد بيانًا حثّ فيه جميع الأطراف المشاركة في الصراع في سوريا، خصوصا هيئة تحرير الشام، على الالتزام بالمعايير والمبادئ الإنسانية الدولية، خصوصا أحكامه لحماية الصحافيين ومعاملة العاملين في مجال الإعلام والمرافق الإعلامية كمدنيين (وبالتالي أهداف غير مشروعة)، وإجراء العمليات العسكرية بالعناية الواجبة.
لكن بيلانغر عبّر عن قلقه بالقول إن الوضع الوضع السياسي في سوريا مربك للغاية في الوقت الحالي، وفي كثير من الأحيان في مثل هذه المواقف يكون الصحافيون فئة ضعيفة؛ لأن وظيفتهم هي التحقيق والإبلاغ، في جميع أنحاء العالم، يدافع الاتحاد الدولي للصحافيين عن التعددية وحرية المعلومات وسلامة العاملين في وسائل الإعلام.
تعهد الوزير العمر
في أواخر ديسمبر 2024، عقد وزير الإعلام السوري الجديد محمد يعقوب العمر لقاءً من مع وسائل الإعلام طمأنهم فيه بالعمل على “إعادة بناء إعلام سوري حر يتصف بالموضوعية والمهنية”، والاعتماد على الخبرة والكفاءة لإعلام يعبر عن الثقافات السورية المتنوعة وطموحاتها، وينقل اهتماماتها ويشكل صلة وصل بين الشعب والإدارة الموجودة. وربما لا يمثل هذه التوجهات للكثير من الإعلاميين، فالرئيسة التنفيذية ومؤسسة محطة راديو روزانا السورية المستقلة لينا الشواف التي تنتقل في عملها بين بلدين “فرنسا وتركيا”، ترى أن الصحافيين السوريين في البلاد وفي المنفى ينتظرون في حالة من عدم اليقين لمعرفة ما سيكون عليه نهج الحكومة الجديدة تجاه وسائل الإعلام.
من تركيا إلى دمشق
وتحدثت لموقع “نايم ريبورت” مؤكدةً أن وسائل الإعلام الوحيدة المسموح لها بالعمل في ظل نظام الأسد مملوكة للدولة، ولطالما صنفت سوريا كواحدة من أخطر الأماكن في العالم بالنسبة للصحفيين، وخلال الحرب الأهلية، سُجن المئات من الصحفيين وقُتل العشرات، ما أجبر معظم المنافذ المستقلة على العمل في المنفى، وكسبت سوريا المرتبة قبل الأخيرة في مؤشر حرية الصحافة العالمي لمنظمة مراسلون بلا حدود، وتقول “الزملاء في راديو روزانا يقدمون الآن تقارير علنية على الأرض في سوريا ويسارعون إلى نقل جهاز الإرسال الخاص بهم من تركيا إلى دمشق”.