إضاءةً على دور مملكة البحرين وسلطنة عمان تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية والهيئات والمنظمات الدولية، أو على مستوى العلاقات الثنائية، فإن القيادتين والشعبين الشقيقين، يمثلون ترابطا وثيقا في المكانة؛ ذلك لأن البحرين وعمان أنموذج للحكمة والسلام ومناصرة قضايا الخليج والعرب والعالم الإسلامي، ولهما الدور الأبرز في العمل المشترك مع كل الأطراف لإرساء الاستقرار الإقليمي والعالمي، والمساهمة مع المجتمع الدولي في تحقيق أهداف التنمية وتقدم الأوطان والشعوب.
فاتحة خير
على طول مسيرة العلاقة بين البلدين، يمكن قراءة اتجاهات عديدة مهمة لها صبغة حضارية يعتز بها الجميع، وتأتي زيارة ملك البلاد المعظم صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، لأخيه صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم؛ لتعزز الامتداد والتلاقي والتواصل وفق ما يصف الكاتب والباحث في الشؤون السياسية رئيس جمعية الصحافيين العمانية د. محمد العريمي، الذي يلفت إلى أن العلاقات البحرينية العمانية ممتدة على مدى آلاف السنين عبر الحضارات القديمة (حضارتا دلمون ومجان قبل 5 آلاف سنة)، أي أن هذه العلاقة ضاربة في عمق التاريخ، وتعززت وتطورت بالعقود الخمسة الماضية بين دولتين تسيران على طريق النهضة في شتى الميادين، وزيارة جلالة الملك المعظم هي فاتحة خير على الدولتين والشعبين، وعلاوة على أهميتها، فهي تفتح آفاق لتعزيز مجالات التعاون بين البلدين خصوصا في المجال الاقتصادي والاستثماري فضلا عن المجال السياسي. إن علاقات البلدين المبنية على التعاون والتفاهم، عبر منظومة مجلس التعاون أو العلاقات الثنائية تتسم دائما بفتح مسارات إنجاز بين البلدين.
لقاء القادة في مسقط سيكون له كبير الأثر في كل مجالات التعاون، ويفتح آفاقا جديدة، وبالتالي يعطي دفعة قوية للمسؤولين في البلدين لتعزيز وتطوير وتذليل الصعاب إن وجدت، ليستفيد المواطن البحريني والعماني.
السمات المشتركة
لقاء العاهلان له أهمية في ظل ملفات ومستجدات تشهدها المنطقة، من أي منظور ترى الأهمية؟
بالتأكيد، نحن جميعا نتطلع إلى هذه الزيارة الميمونة واللقاء المبارك كنافذة من نوافذ قراءة الفترة المقبلة، بين جلالة الملك المعظم وجلالة السلطان هيثم، فهناك العديد من الملفات التي يمكن التباحث فيها من أجل إيجاد حلول، وأنا واثق تماما من أن السمات المشتركة بين القائدين والبلدين والشعبين والسمات المشتركة للدبلوماسية البحرينية والعمانية وتوافقهما في السياسة الخارجية، هي أمر نستطيع التعويل عليه ليس على مستوى منطقة الخليج العربي والإقليم، بل على مستوى العالم، وأقول إن هناك ملفات وقضايا مهمة تبحثها مثل هذه الزيارات، وتستوجب مثل هذه الاجتماعات والقمم رفيعة المستوى للتباحث بشأن الأزمات وتجنيب المنطقة أي تداعيات.
ومثل هذه الزيارات المتبادلة تسهم إيجابا في التنسيق ودعم جهود السلام والوساطات الإقليمية، فهناك مبادرات عديدة قامت بها عمان وبدعم من مملكة البحرين لتحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة، فالتعاون المشتركة لإحلال الأمن والاستقرار على مستوى المملكة والعالم، له شواهد كثيرة.
وكوني متابعا سياسيا، أرى هذه الزيارة فرصة ثمينة، وربما هناك مبادرات جديدة سترى النور؛ لأن المشتركات كثيرة في العمل الدبلوماسي الخليجي المشترك في هذه المرحلة الحساسة، التي تشهد توترات في كل العالم، وهذا العمل يسري أيضا على منظومة الجامعة العربية والأمم المتحدة.
لقاء الحكمة
ما تطرقتم إليه يمكننا ربطه بدعوة جلالة الملك المعظم لمؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط، ما الذي يمكن أن تبحثه الزيارة؟
في الحقيقة، تواجه منطقة الشرق الأوسط العديد من التحديات والملفات والقضايا، ولهذا شخصيا أرى أن “لقاء الحكمة” بين القائدين، سينحو نحو بحث وقراءة هذه الملفات لإيجاد مسارات حل إيجابية، وبالتأكيد لن تكون على صعيد البلدين فقط بل على مستوى العالم، خصوصا أننا نعي حقيقة ما يتمتع به القائدان من حكمة وخبرة ورؤية في المجال السياسي.
شؤون الحياة العامة
كونك قريبا من البحرين، كيف تابعت أثر المشروع الإصلاحي على مدى السنين الماضية؟
أتابع مملكة البحرين منذ أكثر من عقدين من الزمان، وأرى كل الجهود التي تبذلها الدولة بقيادة ملك البلاد المعظم صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، بل كنت أتابع مسيرة التطور في البحرين منذ كان جلالة الملك المعظم وليا للعهد، ولا شك في أن التطور الذي تشهده البحرين سريع والدافع الرئيس لهذا التقدم هو المشروع الإصلاحي لجلالته، وهذا نابع من إيمانه بأهمية المشاركة الشعبية في صنع القرار.
كل هذا لم يكن ليتحقق لولا إيمان القيادة بدور المواطن البحريني فيما يخص مختلف شؤون الحياة العامة، ومن حسن الطالع أن في هذه البلاد الطيبة إرادة شعبية للإسهام في كل نواحي التطوير، وهذا ما لا يمكن أن نجده في كثير من الدول، سواء في العالم العربي أو في العالم ككل، وأشعر بالغبطة، وأتمنى للبحرين مزيدا من التقدم خصوصا في ميدان المشاركة السياسية؛ لأن ذلك سوف ينعكس على كثير من البلدان انطلاقا من تجربة مملكة البحرين.
الحلوى.. بحرينية عمانية
سنختم بفرحة عمت كل الخليج وكان ختامها “البحرين وعمان” في كأس “خليجي 26”.. أين كأس البطولة؟
هذا الإنجاز عشنا صداه في عمان كما عشناه في البحرين، وهناك كيمياء متميزة بين الشعبين، صحيح، قبل النهائي كان كل عماني وكل بحريني يتمنى الفوز لمنتخبه، لكن بعد فوز البحرين وجدنا تلك الروح الطيبة بين العمانيين الفرحين بوصول الكأس إلى البحرين سواء في اللقاءات أو المسيرات الاحتفالية وكأن الفريق العماني هو الفائز، وهذا دليل على محبة كبيرة وصادقة، وهذه الكيمياء عمت حتى كبار السن مع الشباب في تهانيهم لأهلهم في البحرين، واعتبر الجميع الفوز واحدا، وأنا متأكد تماما لو أن منتخب عمان هو الفائز فإن هذه المشاعر والفرحة ستكون ذاتها في البحرين، وعلى العموم، استمتعنا طوال البطولة، وعشنا في المباراة الختامية الحماسة والمتعة، وفيها قدم اللاعبون العمانيون والبحرينيون مباراة رجولية بأداء بطولي، وهو مستوى يليق بعمان والبحرين والكرة الخليجية.