تحتضن مسقط اليوم الثلاثاء ضيفا عزيزا وزعيما عربيا من الطراز الأول، وقامة سياسية رفيعة يُشار لها بالبنان على مستوى الإقليم؛ وذلك لما يمثله صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين الشقيق من ثقل سياسي وإرث حضاري فريد لبلد مجيد وشعب عظيم، تشكَّل من نسيجه وعناصره الذهبية المجتمع البحريني، الذي نعده في مقدمة الشعوب العربية قاطبة، في العلم والثقافة والتاريخ التليد عبر الأزمان، فقد سبقت البحرين جميع دول الخليج في تصدير النفط، وهي أول دولة في المنطقة دخلت إليها الكهرباء، وكذلك ظهرت فيها أول إذاعة مسموعة.
وارتاد البحرينيون دور السينما قبل غيرهم من شعوب المنطقة، وانتشر فيها التعليم، وخرجت المدارس والجامعات البحرينية أجيالًا متعاقبة من المتعلمين، والذين ساهموا في بناء بلدهم وكذلك الدول المجاورة.
وبالفعل، تعتبر مملكة البحرين أقدم كيان سياسي في الخليج العربي؛ كون هذا البلد الصغير في مساحته، والكبير في حكمة قيادته وإنجازاته الحضارية، وإسهامات شعبه الإنسانية نحو العالم، مضربًا للمثل في كل النواحي. فاللقاء التاريخي الذي تجدد مرة أخرى بعد زيارة جلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد يحفظه الله ويرعاه لمملكة البحرين في عام 2022 يعود من جديد لمسقط، وذلك لكتابة فصول مضيئة من العلاقات العمانية البحرينية الخالدة والمتجذرة في أعماق التاريخ.
ومن أهم الملفات التي ستكون حاضرة بعون الله في قمة مسقط، والتي تجمع ضيف عمان الكبير؛ جلالة الملك حمد مع أخيه جلالة السلطان هيثم، في زيارة دولة ليومين في 14 يناير، التباحث في مختلف القضايا العربية والإقليمية، وخاصة الشأن الخليجي. كما أن ملف العلاقات الثنائية المتميزة بين الشعبين العماني والبحريني سيكون حاضرًا بقوة في اجتماع مسقط. فهناك قواسم مشتركة وعلاقات خاصة تجمع بين القيادتين في البلدين، مما ينعكس إيجابًا على مختلف الجوانب السياسية، كتنسيق المواقف المشتركة في القضايا العربية والدولية، والأهم من ذلك كله، تطوير التعاون في المجال الاقتصادي، وزيادة التبادل التجاري بين البلدين، وزيادة المشاريع المشتركة؛ وخاصة حجم الاستثمارات التي نتطلع لمضاعفتها خلال هذه الزيارة التاريخية الكريمة.
هذا إذا عرفنا أن قمة المنامة قبل ثلاث سنوات قد نجحت بتوقيع 24 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين البلدين الشقيقين في مجالات متعددة، كالأمن والنقل البحري والتعليم والابتكار والبيئة، بينما بلغت الشركات البحرينية العاملة في السوق العمانية أكثر من 320 شركة خلال العام الماضي 2024.
وفي الختام، إن المتابع للعلاقات الحميمة بين المجتمعين البحريني والعماني يتجلى له بوضوح عمق هذه العلاقات والتواصل التاريخي عبر الأجيال في البلدين. فقد استقبلت البحرين أفواجًا متعاقبة من العمانيين وأبناء دول الخليج العربية منذ ظهور النفط في ثلاثينيات القرن العشرين، من أجل الدراسة والعمل. والأجمل من ذلك كله، هو ما يكنه البحرينيون من حب واحترام وتقدير لإخوانهم في سلطنة عمان. ففي زياراتي المتكررة، وجدت تلك العلاقات التي تختلف عن الآخرين من دول الخليج والعالم العربي. عمان حكومة وشعبا ترحب بالملك حمد ضيفا عزيزا ومكرما في بلده الثاني سلطنة عمان.