بعد صراع طويل ومعاناة شديدة أسفرت عن استشهاد 46 ألف شخص وإصابة أكثر من 110 آلاف آخرين، تواجه عملية إعادة إعمار غزة تحديات هائلة تعكس حجم الدمار الواسع الذي خلفته الحرب.  ومع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ بعد 15 شهرًا من النزاع العنيف، يبدو أن الطريق نحو التعافي ما يزال طويلًا.  ووفقًا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإن الحرب قد ألحقَت ضررًا بالغًا بالاقتصاد الفلسطيني، حيث تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 35 % منذ بداية النزاع، كما انهارت مستويات التنمية في القطاع لتعود إلى ما كانت عليه في الخمسينيات من القرن الماضي. وقد أدى النزاع إلى تدمير أجزاء كبيرة من اقتصاد إسرائيل أيضًا، ما شكّل عبئًا إضافيًّا على الأوضاع الاقتصادية في المنطقة، وقالت تشيتوسي نوجوتشي، مسؤولة في البرنامج الأممي، في أكتوبر الماضي، إن مستوى الفقر في غزة يقترب الآن من 100 %، في حين بلغ معدل البطالة 80 %. وفقًا لتقرير أممي، يحتاج اقتصاد غزة نحو 350 عامًا للعودة إلى حالته السابقة قبل الحرب. الركام: أرقام لا تُصدق  تُقدّر كمية الركام الناتج عن الدمار في غزة بحوالي 42 مليون طن، وهو ما يعادل خط شاحنات يمتد من غزة إلى أبعد نقطة في أمريكا، أو من نيويورك إلى سنغافورة، وفقًا لبيانات “بلومبرغ”. وتبلغ تكلفة نقل هذا الركام وحدها حوالي 700 مليون دولار، وتستغرق العملية سنوات طويلة. حتى فكرة التخلص من الركام في البحر تثير تحديات سياسية، حيث قد تؤدي إلى تغييرات جغرافية تؤثر على مساحة غزة. تكلفة إعادة الإعمار الإجمالية  تشير التقديرات إلى أن تكلفة إعادة إعمار غزة بالكامل قد تتجاوز 80 مليار دولار. تشمل هذه التكلفة إعادة بناء الإسكان، وترميم البنية التحتية، وإعادة تأهيل الزراعة، وإصلاح الأنظمة الصحية التي تضررت بشكل كبير. وتثير هذه الأرقام تساؤلات كبيرة حول مصادر التمويل والجهات التي ستساهم في توفير الدعم المالي. الإسكان: العبء الأكبر تدمير المنازل يشكّل الجزء الأكبر من تكاليف الإعمار، حيث تقدّر تكلفة إعادة بناء المنازل بحوالي 13 مليار دولار. وقد أدّى حجم الدمار الكبير في المساكن إلى تشريد آلاف الأسر. الزراعة: خسائر ضخمة  تعد الأراضي الزراعية من القطاعات الأكثر تضررًا، حيث دُمِّر حوالي 50 % من الأراضي الزراعية في غزة. ومع كون الزراعة تشكل جزءًا أساسيًّا من اقتصاد القطاع، فإن هذه الخسائر تؤثر بشكل كبير على الأمن الغذائي لسكان غزة. البنية التحتية والتعليم والصحة في أزمة  تضرّر أكثر من 70 % من المنازل والمدارس والمستشفيات والشركات في غزة، ما يزيد من تعقيد عملية إعادة الإعمار ويؤثر بشكل مباشر على الحياة اليومية للسكان. عقبات قانونية تواجه عملية إعادة الإعمار أيضًا تحديات قانونية تتعلق بتحديد الملكيات، ما يعطّل عملية البناء بشكل كبير. ويرجع ذلك إلى غياب إطار قانوني واضح يعالج هذه النزاعات. إعادة إعمار غزة ليست مجرد مهمة بناء، بل هي معركة اقتصادية وسياسية معقدة تتطلب تعاونًا دوليًّا وجهودًا مشتركة. التعامل مع هذه التحديات يستدعي حلولًا مبتكرة ودعمًا مستدامًا لإعادة الأمل إلى سكان غزة وإعادتهم إلى الحياة الطبيعية.