مع استمرار حملات المقاطعة ضد ماكدونالدز في الشرق الأوسط، التي بدأت بعد النزاع الأخير في غزة، شهدت الشركة تراجعًا كبيرًا في أدائها المالي الإقليمي، في مصر، بلغت نسبة الانخفاض في مبيعات بعض الامتيازات نحو 70 % خلال الأشهر الأخيرة من العام 2023، واستمرت المبيعات بالتراجع خلال العام 2024، كما أفادت تقارير بانخفاضها في الشرق الأوسط بنسبة تجاوزت 30 % مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق.
فيما يخص الأداء العام للشركة خلال 2024، بلغ صافي أرباح ماكدونالدز في الربع الأول 2.04 مليار دولار، بزيادة طفيفة مقارنة بالعام السابق، لكن أداء السوق الشرق أوسطي ساهم في إبطاء النمو العالمي، حققت المبيعات العالمية زيادة بنسبة 3.4 % فقط خلال الربع الرابع من 2023، وهو ما انعكس في العام 2024، مع استمرار ضعف المبيعات الإقليمية نتيجة للمقاطعة، هذا الانخفاض دفع الشركة إلى إغلاق بعض الفروع وتقليص عدد العاملين في دول عدة بالمنطقة.
وعلى الرغم من تضرر مبيعاتها، فقد حاولت ماكدونالدز تحسين صورتها محليًا عبر مبادرات خيرية في دول عدة بالمنطقة، وشملت هذه الجهود تقديم الدعم للمجتمعات المحلية، وهو ما ساهم في تخفيف حدة الغضب الشعبي في بعض الأسواق، لكنه لم يكن كافيًا لاستعادة مستويات المبيعات السابقة.
وتشير بيانات الشركة إلى أن العملاء في المنطقة ما زالوا مترددين في العودة إلى فروعها، وهو ما يلقي بظلاله على خطط الشركة للتوسع الإقليمي خلال السنوات المقبلة.
في الوقت نفسه، ساهمت المقاطعة في تعزيز الاهتمام بالمطاعم المحلية والإقليمية، واستفاد العديد منها من التحولات في خيارات المستهلكين.
ويرى المحللون أن ماكدونالدز، وغيرها من العلامات التجارية المستهدفة، تحتاج إلى استراتيجيات أكثر شمولية لتحسين صورتها وعلاقتها مع الأسواق الشرق أوسطية، مع التركيز على أهمية الحياد في القضايا السياسية الحساسة.
حملات المقاطعة أثرت أيضًا على علاقات ماكدونالدز التجارية مع الموردين والشركاء المحليين في الشرق الأوسط، الذين أبدوا مخاوفهم بشأن استدامة التعاون التجاري مع الشركة، لاسيما في ظل التراجع الكبير في الطلب.
هذا الواقع دفع الشركة إلى إعادة تقييم استراتيجياتها اللوجستية وسلاسل الإمداد الإقليمية، مع التركيز على تقليل التكاليف التشغيلية وضمان الحفاظ على الحد الأدنى من استمرارية العمليات، ومع ذلك، فإن هذه التغييرات قد تؤثر سلبًا على قدرة الشركة على الاستجابة للطلب إذا عادت السوق للتعافي لاحقًا.
علاوة على ذلك، أدى التراجع المستمر في الأداء الإقليمي إلى تفاقم التحديات الداخلية للشركة، ففي حين تسعى ماكدونالدز إلى تحسين صورتها العامة، تواجه انتقادات واسعة النطاق من المساهمين والمستثمرين بشأن إدارة الأزمة.
ويعتقد بعض المحللين أن الفشل في التعامل مع التداعيات السياسية والثقافية للمقاطعة يُظهر حاجة ملحة لتعزيز فهم العلامة التجارية للسياقات المحلية، ولتبني استراتيجيات تسويقية أكثر توافقًا مع القيم والمبادئ الثقافية للشعوب في المنطقة.
من المتوقع أن يستمر العام 2025 في تكريس التحديات التي تواجهها ماكدونالدز في الشرق الأوسط، حتى بعد انتهاء الحرب، رغم انحسار التوترات السياسية المباشرة، فإن آثار المقاطعة الطويلة قد تركت بصمة دائمة على العلامة التجارية في المنطقة وأصبحت أشبه بالعادة عند المواطن العربي تحديدًا، ويظل العملاء مترددين في العودة إلى فروع الشركة، وهو ما يعكس عمق الفجوة التي أحدثتها الأحداث السابقة في الثقة بين المستهلكين والعلامة التجارية.
ويُتوقع أن تواجه الشركة صعوبات كبيرة في استعادة مكانتها بالسوق، كما أصبحت العديد من المطاعم المحلية والإقليمية بديلاً مفضلاً لدى المستهلكين، ما يقلل من فرص ماكدونالدز لاستعادة حصتها السوقية السابقة، التحديات المالية المستمرة قد تدفع الشركة إلى تقليص مزيد من الفروع وخفض استثماراتها المخططة للتوسع، ما يعزز من الصورة السلبية المرتبطة بعلامتها التجارية في المنطقة.