تستحضر ذاكرة المسرح البحريني الراحل راشد عبدالله المعاودة، والذي يعد من رواده ومن رواد الثقافة والفن في مملكة البحرين، بتاريخ حافل من العطاء الوطني المميز، مثريًا عبر موهبته الفنية الفريدة، الكثير من الحقول الفنية، وأضاف إليها إبداعا استثنائيا، هو نتاج موهبة أدبية جميلة.
ولد الكاتب والفنان راشد المعاودة في مدينة المحرق العام 1941، في حي سمو الشيخ عبدالله بن عيسى بن علي آل خليفة حاكم المحرق، المسمى بفريج “الشيوخ”، وكان ترتيبه الرابع والأخير في أسرته، التي تمتهن التجارة، إضافة لولعها الكبير بالفن والأدب والشعر.
الشيخ محمد بن جامع
بدأ المعاودة رحلته بحفظ القرآن الكريم عند الشيخ محمد بن جامع مستشار حاكم المحرق، الذي اهتم بإكساب راشد وأقرانه المعارف في شتى مجالات الأدب، والثقافة، وتوفيره الكتب لهم للاطلاع والدراسة، ثم أكمل المعاودة دراسته لمبادئ اللغة العربية لدى الشيخ محمد بن علي الحجازي، والذي ركز على الشعر والأدب، لتعليم طلابه، وتوسيع مداركهم الفكرية، وتنويرهم في أمور دينهم، وتعليمهم الصلاة.
انتقل المعاودة للتعليم النظامي، وانضم لمدرسة الهداية الخليفية، وتتلمذ على يد العديد من رجالات التربية والتعليم آنذاك، أمثال الأستاذ حسن السيد علي، والأستاذ سلمان الجودر، والأستاذ عبدالرحيم بوعلي، والشيخ عمر آل خليفة وغيرهم.
المجالس المحرقية
أثر المناخ التربوي الزاخر بالثقاف والأدب الذي تميزت به مدرسة الهداية الخليفية ضمن أنشطتها العديدة، في زيادة المخزون الثقافي والأدبي له، حيث شارك في العديد منها والمتمثلة في المسرحيات والتمثيليات، وكان الراحل من رواد المجالس المحرقية، والتي تعد مدارس لجميع طوائف المجتمع، ما أكسبه أخلاقيات التعامل مع من مختلف الطبقات الاجتماعية.
دراسة الإخراج المسرحي
واصل المعاودة حياته بالدراسة في المدرسة الأهلية صيفًا، ثم انتقل للعمل في وزارة المعارف ثم إدارة إسالة المياه في مدينة الحد، وقرن عمله بمواصلة الدراسة، حيث انضم لمدرسة عبدالرسول التاجر المسائية، وقد شجعته زوجته لاحقًا على مواصلة الدراسة في معهد الاتحاد اللاسلكي في العام 1968 بالقاهرة، وعندما انتقل إلى وزارة العمل، توجه إلى جمهورية مصر العربية في بداية السبعينات من القرن الماضي، اصطحب معه أسرته المكونة من زوجته واثنين من أبنائه وبناته الاثنتين لدراسة الإخراج المسرحي.
أعمال أثرت الساحة
يعد المعاودة من الكتاب العديدين الذين تفتخر بهم مملكة البحرين، ممن أثروا الساحة الأدبية والفنية بأعمالهم، وقد ألف وأخرج وشارك في التمثيل بعض الأحيان في العديد من المسرحيات والمسلسلات الإذاعية التي كانت رائجة آنذاك منها بيت طيبة السمعة، 7 ليالي، توب توب يا بحر، عمارة رقم 20، والمسلسلات والتمثيليات الإذاعية مثل سلامة وفرج، والدانوب.
حماية الإرث الفني الشعبي
ألف المعاودة العديد من الألحان التي تغنى بها العديد من المغنيين آنذاك، كما أنه كان من الحاضنين والمشجعين على حماية الإرث الفني الشعبي المتمثل في دور الغناء الشعبي، والتي كانت منتشرة آنذاك في منطقتي المحرق والرفاع بالتحديد، كما أنشأ جمعية البحرين للموسيقى والفنون الشعبية، بالتعاون مع العديد من فناني البحرين آنذاك، وبرعاية كريمة من جانب الدولة، وواصل عطاءه حتى وفاته يوم 15 يوليو 2020، بعد مسيرة طويلة من العطاء الفني والثقافي المميز.