المبادرات تعكس رغبة قوية في تقديم الأمل للمرضى البحرين: تطوير برامج جديدة لزيادة عدد عمليات الزراعة السعودية: نقص المتبرعين من المشكلات الرئيسة  الإمارات: إطلاق “قانون التبرع بالأعضاء” في 2020 قطر: تحسين برامج التوعية وزيادة أعداد المتبرعين الكويت: مراكز متخصصة بالتعاون مع مستشفيات دولية عمان: توسيع نطاق عمليات الزراعة لتشمل الكبد والقلب   تعد زراعة الأعضاء البشرية من أبرز التطورات الطبية التي أثبتت نجاحًا كبيرًا في تحسين جودة الحياة وزيادة أمل البقاء للمرضى الذين يعانون من قصور في أعضاء حيوية مثل الكلى والكبد والقلب. وفي دول الخليج العربي، شكلت زراعة الأعضاء موضوعًا مهمًا في مجالات الصحة العامة، حيث عملت هذه الدول على تطوير وتوسيع برامج الزراعة بشكل ملحوظ خلال العقود الأخيرة. وفي هذا التقرير والذي يأتي امتداداً لحملة "حياة جديدة" والتي أطلقتها صحيفة "البلاد" قبل ثلاثة سنوات، لتشجيع الناس على التبرع بالأعضاء، نستعرض تجارب دول الخليج في هذا المجال، مع التركيز على التقدم والإنجازات، بالإضافة إلى التحديات التي تواجهها في تعزيز برامج الزراعة. نهضة منذ التسعينيات بدأت مملكة البحرين في زراعة الأعضاء في التسعينات، مشروع زراعة الكلى على يد الدكتور جورج أبونا، والذي يمثل الأب الروحي لهذا المشروع الرائد والاستباقي خليجياً، وعربياً، وذلك بمستشفى السلمانية الطبية ، حيث تمكنت خلال سنوات عديدة، من اجراء عمليات زراعة كثيرة للكلى، والعمل -بذات السياق- على تقديم برامج مبتكرة وتطوير مراكز طبية متخصصة بهذا المضمار. وتتعاون مستشفيات المملكة مع مراكز طبية دولية لتوفير الأعضاء اللازمة، كما بدأت في زراعة الأنسجة مثل القرنية، وهي الآن تعمل على تطوير برامج جديدة لزيادة عدد عمليات الزراعة، خصوصاً مع صدور لائحة تنفيذية العام الماضي 2023 ، بشأن نقل وزراعة الأعضاء البشرية، والتي ستحدد قائمة الأعضاء البشرية المصرح للمؤسسة الصحية إجراء عمليات النقل والزراعة بشأنها. وتتولى الهيئة الوطنية للمهن والخدمات الصحية "نهرا" المراجعة، والتقييم، والرقابة، والتفتيش على المؤسسة الصحية المصرح لها، والتحقق من استمرار توافر الاشتراطات، والترتيبات الصحية، والتجهيزات الفنية، ومتطلبات السلامة، ومعايير الجودة المقررة، والاشتراطات المعمول بها. 1000 عملية زراعة سنوياً تعتبر المملكة العربية السعودية من الدول الرائدة في مجال زراعة الأعضاء في منطقة الخليج، خصوصاً عبر المركز السعودي لزراعة الأعضاء من الأحياء والمتوفين، حيث بدأت برامج الزراعة بشكل رسمي في منتصف الثمانينات من القرن الماضي، وفي عام 1985، تم إجراء أول عملية زراعة كلى ناجحة في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض، ومنذ ذلك الحين توسع برنامج زراعة الأعضاء بشكل كبير. وبشأن زراعة الكلى، فإن المملكة تعتبر من أكثر الدول في منطقة الشرق الأوسط في إجراء عمليات زراعة الكلى. ووفقًا للإحصائيات الرسمية، في عام 2020، تم إجراء حوالي 1,000 عملية زراعة كلى سنويًا في مستشفيات المملكة. وفيما يتعلق بزراعة الكبد والقلب، فلقد تمت أيضًا عمليات ناجحة لزراعة الكبد والقلب، حيث يُجرى العديد من هذه العمليات في مستشفيات متخصصة مثل مستشفى الملك فيصل التخصصي، أما زراعة الأنسجة، فلقد حققت المملكة تقدمًا في زراعة الأنسجة أيضًا، حيث تمتالعديد من عمليات زراعة القرنية وزراعة الجلد. وعلى الرغم من التقدم الكبير، لا تزال هناك تحديات كبيرة في توفير الأعضاء المتاحة للزراعة، خاصة بالنسبة للأعضاء النادرة مثل الكبد والقلب، حيث يشكل نقص المتبرعين والموافقة على التبرع بالأعضاء إحدى المشاكل الرئيسية التي تؤثر على عملية الزراعة. واستطاع المركز السعودي لزراعة الأعضاء في منتصف الشهر الحالي، من الحصول على موافقة ذوي إثني عشر متوفي دماغياً، للتبرع بأعضاء ذويهم لصالح مرضى الفشل الكلوي، حيث تم انقاذ حياة مريضين، بإجراء عمليتي زراعة قلب لهم، وتم إنقاذ حياة تسعة آخرين (سعوديين) بزراعة تسعة أكباد لهم، وإنهاء معاناة اثني عشر مريض فشل كلوي، بزراعة كلى لهم، وإعادة الأمل لمريض آخر، بإجراء عملية زراعة بنكرياس له. نجاح بمستشفى "توام" أثبتت الإمارات العربية المتحدة خلال العقدين الماضيين قدرتها على تطوير قطاع زراعة الأعضاء، حيث تعتبر واحدة من أبرز الدول في منطقة الخليج في تطوير مراكز طبية متخصصة في زراعة الأعضاء. ويمثل مستشفى "توام" في إمارة العين، من أبرز المستشفيات في الإمارات في هذا المجال، حيث يعد مركزًا متميزًا في زراعة الأعضاء، وفي عام 2019، تم إجراء أول عملية زراعة كبد من متبرع حي في مستشفى "توام" بنجاح. وبالإضافة إلى زراعة الأعضاء الأخرى، تحقق الإمارات نجاحًا ملحوظًا ومتقدماً في زراعة الكلى، حيث يتم إجراء العديد من العمليات سنويًا. كما تسعى الإمارات لزيادة أعداد عمليات الزراعة من خلال التعاون الدولي وتعزيز حملات التوعية بشأن التبرع بالأعضاء، وفي عام 2020، أطلقت الإمارات "قانون التبرع بالأعضاء" والذي يسهل عملية التبرع ويشجع المواطنين على المشاركة في هذه المبادرة الإنسانية. مركز متميز بالمنطقة أنشأت دولة قطر مراكز طبية متطورة في مجال زراعة الأعضاء منذ أوائل التسعينات، على غرار مملكة البحرين، حيث يعتبر مستشفى حمد الطبي في الدوحة واحدًا من أبرز المراكز التي تقدم خدمات زراعة الأعضاء في المنطقة. وبدأت قطر في عمليات زراعة الكلى في التسعينات، ومنذ ذلك الحين، أصبح مستشفى حمد واحدًا من المراكز التي تقدم أكبر عدد من عمليات زراعة الكلى في منطقة الخليج. ونجحت قطر في السنوات الأخيرة، في عمليات زراعة الكبد، ومن المتوقع أن يشهد القطاع الطبي في قطر تطورًا أكبر في هذا المجال في المستقبل القريب. وبالرغم من التقدم بهذا المضمار، إلا أن هناك تحديات تواجهها قطر في توفير الأعضاء اللازمة، حيث تسعى الحكومة إلى تحسين برامج التوعية وزيادة أعداد المتبرعين. مشاريع جديدة للزراعة تعد دولة الكويت من الدول الرائدة في الطب في منطقة الخليج، حيث أسست أيضًا برامج زراعة الأعضاء منذ بداية التسعينات، ويعتبر مستشفى مبارك الكبير ومركز الكويت للصحة المتخصصة من أبرز المنشآت التي تقدم عمليات الزراعة في البلاد. ولقد بدأت الكويت في إجراء عمليات زراعة الكلى بشكل منتظم منذ أكثر من 30 عامًا، وتستمر في تحقيق نسب نجاح عالية، حيث يتم إجراء حوالي 300 عملية زراعة كلى سنويًا. وبالإضافة إلى زراعة الأعضاء الحيوية، فقد بدأت الكويت في إجراء زراعة الأنسجة مثل زراعة القرنية والجلد، كما تسعى الكويت -بالمقابل- إلى زيادة أعداد عمليات الزراعة من خلال مشاريع مستقبلية تشمل تطوير مراكز متخصصة وزيادة التعاون مع مستشفيات دولية. تقدم ببرامج الزراعة على الرغم من أن سلطنة عُمان بدأت في مجال زراعة الأعضاء بعد دول الخليج الأخرى، إلا أنها حققت تقدمًا كبيرًا في هذا المجال، وأصبحت تقدم خدمات زراعة الأعضاء في مستشفيات متخصصة، منها زراعة الكلى، والتي بدأتها في منتصف التسعينات، وتمكنت من تحقيق نجاحات جيدة في هذا المجال، حيث يتم إجراء عمليات زراعة كلى سنويًا بعدد متزايد. كما عملت عُمان على توسيع نطاق عمليات الزراعة لتشمل الكبد والقلب، وتسعى إلى تحسين الوصول إلى الأعضاء من خلال التعاون مع الدول المجاورة، لكنها تواجه تحديات مماثلة لتلك التي تواجهها بقية دول الخليج في توفير الأعضاء المتبرع بها، كما تعمل على زيادة برامج التوعية. وتُظهر تجارب دول الخليج في مجال زراعة الأعضاء تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، حيث أسست هذه الدول مراكز طبية متخصصة وسعت إلى تحسين الإجراءات والقوانين المتعلقة بالتبرع بالأعضاء. ورغم التحديات التي تواجه هذه الدول، مثل نقص الأعضاء المتاحة، إلا أن التقدم المستمر في هذا المجال يعكس رغبة قوية في تحسين الخدمات الصحية وتقديم الأمل للمرضى في منطقة الخليج.