ارتفاع التأشيرات السياحية للبحرينيين إلى اليابان بأكثر من الضعف مقارنة بفترة ما قبل الجائحة
اليابان قدمت 2.6 مليار دولار مساعدات للفلسطينيين منذ 1993
74 سفينة و55 طائرة دورية يابانية ساهمت في تأمين الملاحة البحرية بالخليج خلال 15 عاما
600 مليون دولار حجم واردات البحرين من اليابان خلال العام الجاري
4 شركات يابانية جديدة تستثمر في البحرين في البرمجيات وتنظيم الفعاليات
أكَّدت سفيرة اليابان لدى مملكة البحرين، أوكاي أسّاكو، على متانة العلاقات الثنائية بين البلدين والتطور المستمر الذي شهدته في مختلف المجالات، مشيرة إلى أن هذه العلاقات تمتد لما يقارب قرنًا من التعاون الوثيق.
وفي حوار خاص مع “البلاد” استعرضت السفيرة الجوانب الرئيسة التي تركز عليها لتعزيز الشراكة البحرينية-اليابانية، بما في ذلك التعاون الاقتصادي، التبادل الثقافي، وفرص الاستثمار المتاحة بين البلدين. وتطرقت إلى آفاق التعاون في مجالات الاستدامة والطاقة النظيفة، إلى جانب الجهود المبذولة لتعزيز التبادل الأكاديمي والسياحي، لا سيما في ظل استعداد اليابان لاستضافة معرض إكسبو 2025 في أوساكا. وفيما يلي نص الحوار:
كيف تقيّمين المستوى الذي وصلت إليه العلاقات بين اليابان والبحرين في السنوات الأخيرة؟ وما المجالات التي تركزين عليها لتعزيز هذه العلاقات؟
كان تطور العلاقات بين اليابان والبحرين في السنوات الماضية ملحوظًا. فمنذ بداية علاقاتنا التجارية في عام 1934، قمنا بتنمية شراكة شاملة تمتد لما يقرب من قرن من الزمان. وكان الاحتفال بالذكرى الخمسين لعلاقاتنا الدبلوماسية في عام 2022 بمثابة حدث مهم يعكس التزامنا الطويل الأمد بالاحترام المتبادل والتعاون.
لقد تطورت علاقاتنا لتشمل أبعادًا مختلفة، بما في ذلك التعاون الاقتصادي والثقافي والسياسي والأمني. وقد وطَّدت محطات بارزة تلك العلاقات مثل زيارة صاحب الجلالة الملك حمد إلى اليابان في عام 2012 وحضور صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد ولي العهد رئيس الوزراء حفل تنصيب صاحب الجلالة الإمبراطور ناروهيتو في عام 2019.
وفي المستقبل، سنركز على استكشاف مجالات جديدة للتعاون، بما في ذلك تعزيز الشراكات الاقتصادية وتعميق التبادلات الثقافية. أنا متحمسة حقًّا لمستقبل علاقاتنا والفرص التي تنتظر كلًّا من اليابان والبحرين.
ما هو حجم التبادل التجاري بين البلدين في عام 2024؟
بلغت قيمة صادرات البحرين إلى اليابان حوالي 426 مليون دولار أميركي في عام 2024، بينما بلغت قيمة وارداتها من اليابان أكثر من 600 مليون دولار أميركي، لتكون اليابان بذلك من بين أكبر عشرة شركاء استيراد للبحرين.
بالإضافة إلى المنتجات البترولية والبتروكيماوية، تعد منتجات الألمنيوم من أهم الصادرات البحرينية إلى اليابان، في حين إن أهم واردات المملكة من اليابان هي المركبات والآلات. وبالنظر إلى المستقبل، فإننا نطمح إلى تحسين تبادلنا التجاري مع البحرين وجذب استثمارات كبيرة لتعزيز النمو الاقتصادي وتقوية علاقاتنا الثنائية.
ما هي فرص الاستثمار والأعمال التي ترينها لليابان في البحرين؟ وهل هناك أي مشاريع مشتركة قيد التنفيذ أو قيد الدراسة؟
بالتطلع نحو المستقبل، هناك إمكانات هائلة للشراكات في مجال الطاقة المتجددة، والمدن الذكية، والتحول الرقمي. ومن خلال دمج التقدم التكنولوجي الياباني مع الرؤية الاستراتيجية للبحرين، يمكننا تعزيز التنمية المستدامة وتحقيق النمو المتبادل. كما نلاحظ جاذبية الأعمال المتعلقة بالملكية الفكرية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المعلومات لجيل الشباب، حيث يمكن أن تساهم هذه الأعمال بشكل كبير في تنويع اقتصاد البحرين وتعزيز فرص العمل. وتعمل الحكومة البحرينية على تعزيز هذا النمو من خلال برامج دعم الشركات الناشئة وحاضنات الأعمال.
بالاستفادة من هذا الزخم، يسعدني أن أذكر أن شركتين ناشئتين يابانيتين متخصصتين في تصميم البرمجيات وحلول الملكية الفكرية قد سجلتا رسميًّا للعمل في البحرين. بالإضافة إلى ذلك، تستعد شركتان رائدتان في قطاع تنظيم الفعاليات لفتح أبوابهما هنا. يمثل هذا التحول المثير علامة فارقة في علاقاتنا الاقتصادية، متجاوزًا بذلك القطاعات التقليدية.
وإنني على ثقة بأن هناك إمكانات هائلة للتعاون بين اليابان والبحرين. ولأجل ذلك، فنحن نتعاون بشكل دائم مع مجلس التنمية الاقتصادية وتمكين لتعزيز هذا التعاون وتشجيع المزيد من الشركات على أن تصبح جزءًا من السوق البحريني الواعد.
كيف تعمل اليابان على تعزيز التبادل الثقافي مع البحرين؟ هل هناك خطط لتنظيم فعاليات ثقافية يابانية في البحرين؟
تعمل السفارة اليابانية في البحرين بنشاط على تعزيز التبادل الثقافي من خلال مجموعة متنوعة من الفعاليات. في عام 2024، نظمنا العديد من الفعاليات البارزة منها معرض “أنا أحب السوشي”، ومهرجان أفلام الرسوم المتحركة اليابانية والتوكوساتسو، كما احتفلنا بالمهرجانات التقليدية اليابانية مثل هيناماتسوري، وتاناباتا، ويوم الثقافة. تضمنت هذه الفعاليات حفلات الشاي، وفن الأوريغامي، والواجاشي (الحلويات اليابانية)، والخط العربي، وفن ترتيب الزهور “إيكيبانا”، والألعاب اليابانية التقليدية. وأصبح مهرجان الجمعية اليابانية حدثًا سنويًّا محبوبًا لدى شعب البحرين، حيث يشتمل المهرجان على عرض الرقص التقليدي بون أودوري، وعروض فنون الدفاع عن النفس، وأكشاك الطعام الياباني. بالإضافة إلى ذلك، أقامت السفارة فعالية العد التنازلي لمعرض أوساكا في أكتوبر، حيث تم استقبال تميمة المعرض “مياكو مياكو” إلى جانب عرض الطبول اليابانية “تايكو”.
كما تم التخطيط لباقة متنوعة من الفعاليات الثقافية في النصف الأول من هذا العام. حيث سيشهد هذا الشهر ورش عمل وعروض لفن “إيكيبانا” بإشراف معلمة من مدرسة سوجيتسو، وذلك بالتزامن مع المعرض الدولي للحدائق. كما سيشهد شهر مارس معرضًا خاصًّا للحرفيين المتخصصين في أدوات الشاي الياباني ضمن فعاليات مهرجان ربيع الثقافة.
وسعيًا منا لزيادة الاهتمام بالثقافة اليابانية، تستعد السفارة لتوسيع مهرجان أفلام الأنمي اليابانية في الخريف المقبل بالتعاون مع مهرجان “كوميك كون”. تعكس هذه الفعاليات التزام اليابان الراسخ بتوسيع آفاق التعاون الثقافي مع البحرين.
هل هناك تعاون بين اليابان والبحرين في مجالي التعليم والبحث العلمي؟ ما الخطط المستقبلية لدعم الطلاب البحرينيين الذين يدرسون في اليابان؟
تتمتع اليابان والبحرين بشراكة قوية وطويلة الأمد في مجالي التعليم والبحث العلمي، مع تركيز خاص على التبادل الأكاديمي وتوفير الفرص التعليمية المتميزة للطلاب البحرينيين في اليابان. ويشكل علم الآثار أحد أبرز مجالات التعاون بين البلدين، حيث تقوم الفرق اليابانية التي تزور البحرين بالحفر في مواقع دلمون وتايلوس منذ أكثر من عقد من الزمان. وفي فبراير 2024، تم توقيع مذكرة تفاهم لإنشاء “مركز البحرين لآثار وتراث الخليج العربي”، الذي سيكون له دور رئيس في تعزيز البحث الإقليمي وتعميق التعاون الثنائي.
كما تقوم سفارتنا بدعم التعليم من خلال برامج تبادل الطلاب، مثل منحة الحكومة اليابانية (MEXT) التي تمنح الطلاب البحرينيين الفرصة للدراسة في أرقى الجامعات اليابانية، بالإضافة إلى برنامج تدريب اللغة اليابانية للدبلوماسيين الشباب. (اقرأ الحوار كاملا بالموقع الإلكتروني)
وفي إطار تعزيز الروابط مع المؤسسات الأكاديمية المحلية، تقوم السفارة اليابانية سنويًا بتقديم مجموعة من الكتب حول اليابان إلى العديد من الجامعات والمعاهد البحرينية، بهدف تشجيع البحرينيين على تعميق فهمهم للثقافة اليابانية.
كيف يمكن لليابان دعم البحرين في تحقيق أهدافها في مجالات الاستدامة والطاقة النظيفة؟
تلتزم اليابان بدعم البحرين في تحقيق أهدافها في مجال الاستدامة والطاقة النظيفة، وتجدر الإشارة إلى أن مشاركتنا في هذا المجال لها تاريخ طويل بدءًا من إنشاء مصنع استعادة ثاني أكسيد الكربون (CDR) في شركة الخليج لصناعة البتروكيماويات (جيبك) في عام 2006.
وشهدت السنوات الأخيرة العديد من الشراكات بين الشركات اليابانية والشركات الكبرى في البحرين، مثل بابكو إنيرجيز وألبا، مع التركيز على تقنيات التقاط وتخزين ثاني أكسيد الكربون (CCS). وكان من أبرز هذه الشراكات توقيع اتفاقية استراتيجية بين ألبا ودايكي لصناعة الألمنيوم في العام الماضي لإنشاء وحدة معالجة خبث الألمنيوم المستدامة في البحرين. ويعكس هذا التعاون التزامنا المشترك بتعزيز الاستدامة.
علاوة على ذلك، تسعى اليابان لتطوير تقنيات جديدة للحفاظ على المياه وتعزيز استخدام الهيدروجين والأمونيا كمصدرين للطاقة النظيفة. وتتوافق هذه المبادرات تمامًا مع استراتيجيات البحرين لمعالجة التحديات البيئية وتعزيز التنمية المستدامة.
كيف تنظرين إلى دور اليابان في تعزيز الاستقرار في منطقة الخليج؟ هل هناك تعاون بين اليابان والبحرين في القضايا الدولية؟
تدرك اليابان أهمية السلام والأمن في الشرق الأوسط، وخاصة في ظل عدم الاستقرار الحالي في عدة مناطق مثل غزة ولبنان وسوريا واليمن. ويتجلى التزامنا بتعزيز الاستقرار في منطقة الخليج في دعمنا الثابت لحل الدولتين، مما يسمح بالتعايش السلمي بين إسرائيل ودولة فلسطينية مستقلة في المستقبل. فمنذ عام 1993، قدمت اليابان 2.6 مليار دولار كمساعدات للفلسطينيين، مما يبرز التزامنا بتعزيز السلام.
تولي اليابان أهمية كبيرة للتعاون بين الدول، حيث قدمت مساهمات عديدة لضمان سلامة وأمن الطرق البحرية الدولية، التي تعتبر حيوية للتجارة العالمية. فعلى سبيل المثال، في نوفمبر الماضي، شاركت سفارة اليابان في المنامة في استضافة احتفال بمناسبة الذكرى الخامسة عشرة للعمليات اليابانية لمكافحة القرصنة قبالة سواحل الصومال وفي خليج عدن. وكان لقوات الدفاع الذاتي اليابانية دور بارز في القوة البحرية المشتركة، حيث نشرت 74 سفينة و55 طائرة دورية بحرية على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، ورافقت ما يقرب من 4000 سفينة تجارية وضمنت مرورًا آمنًا للعديد من السفن الأخرى.
إن تعاوننا الدفاعي والأمني مع البحرين آخذ في الازدهار، كما عزّزت مذكرة التفاهم الموقعة في نوفمبر 2023 الزيارات الدورية للموانئ. وشمل ذلك زيارات وفود رفيعة المستوى من قوات الدفاع الذاتي اليابانية وتمرينين مشتركين للنوايا الحسنة تم إجراؤهما قبالة سواحل البحرين في عام 2024.
ومن خلال هذه الجهود، تلتزم اليابان بلعب دور حيوي في تحقيق السلام والأمن في الشرق الأوسط، والعمل بشكل وثيق مع الشركاء الذين يشاركوننا الرؤية، كالبحرين، لمعالجة التحديات الدولية ودعم الاستقرار في المنطقة.
ما هي الخطط التي لديكم لجذب السياح البحرينيين إلى اليابان، خاصة مع استضافة اليابان لمعرض إكسبو 2025؟ هل هناك مبادرات لتعزيز السياحة اليابانية إلى البحرين؟
تضع اليابان أولوية عالية لجذب السياح من دول مجلس التعاون الخليجي، وقد أنشأت المنظمة الوطنية اليابانية للسياحة مكتبًا في دبي قبل ثلاث سنوات لدعم هذه الجهود. ومن المشجع أن نلاحظ بأن عدد التأشيرات السياحية الصادرة من السفارة للمواطنين البحرينيين قد زاد بأكثر من الضعف مقارنة بمستويات ما قبل جائحة كوفيد - 19. بالإضافة إلى ذلك، يتم التخطيط لبرامج السفر التعليمية من بعض المدارس والجامعات البحرينية، وهو تطور واعد للغاية للتبادل الثقافي بين قادة المستقبل. وقد اتخذنا بالفعل خطوات لمعالجة العوائق من خلال التواصل مع أصحاب المصلحة، بما في ذلك زيارتي إلى سوق السفر العربي في دبي في مايو الماضي.
ويمكن للبحرين الاستفادة من معرض أوساكا لرفع مكانتها في اليابان وجذب السياح اليابانيين، حيث يقدم المعرض منصة مميزة لاكتشاف الفرص والتوسع في أسواق جديدة، مما يسمح للشركات البحرينية باكتساب الرؤى حول التقنيات المتطورة والممارسات المبتكرة للحلول المستدامة، بالإضافة إلى عرض منتجاتها وخدماتها للجمهور الدولي. أعتقد أن هذا الحدث سيكون فرصة ممتازة لتشجيع الزيارات المتبادلة وتحقيق الشراكات المثمرة.
تحتفل سفارة اليابان بعيد ميلاد جلالة إمبراطور اليابان الخامس والستين هذا الشهر. ما هي الرسالة التي ترغبين في نقلها في هذه المناسبة؟
بمناسبة عيد الميلاد الخامس والستين لجلالة الإمبراطور ناروهيتو، أتقدّم بأصدق التهاني، متمنية لجلالته دوام الصحة والسعادة. منذ توليه العرش في عام 2019، أظهر جلالته، إلى جانب جلالة الإمبراطورة ماساكو، تفانيًا كبيرًا للبلاد وشعبها، مجسدًا رمز الدولة ووحدة الشعب الياباني.
يتذكر جلالته بحب الضيافة الدافئة التي حظي بها خلال زيارته للبحرين في عام 1994، بعد وقت قصير من زواجه. وتؤكد هذه الذكرى العزيزة على الروابط القوية بين عائلتينا الحاكمتين ودولتينا.
وبصفتي سفيرة لليابان لدى مملكة البحرين، يشرفني أن أنقل تمنيات جلالته لمواصلة تطوير علاقاتنا الودية مع مملكة البحرين.
هل لديك أي كلمات ترغبين في إضافتها؟
شكرًا لكم مرة أخرى على إتاحة الفرصة لي لمشاركة أفكاري مع قرائكم الأعزاء. إنني ملتزمة تمامًا بمواصلة تعزيز التعاون بين اليابان والبحرين، وأتطلع إلى دعمكم المستمر لتحقيق آفاق أرحب من التعاون المشترك لتقوية شراكتنا وللمساهمة في مستقبل أكثر إشراقًا لكلا البلدين.