قدّم الشيخ د. ياسر المحميد، مساء يوم أمس، محاضرة مهمة ضمن برنامج جامع المغفور لها بإذن الله تعالى صاحبة السمو الشيخة موزة بنت حمد آل خليفة، الخاص بشهر شعبان، وذلك بعد صلاة العشاء، بحضور جمع من المصلين. وقال الشيخ المحميد في سياق حديثه “إذا كان الإنسان يعلم بقدوم ضيف، فإنه يكون الترحيب به، والاستعداد له، بقدر حجمه، وبقدر معزته، وصلته، ونفعه، وصلاحه، فتكون الضيافة أكثر من ذلك، عندما نعرف بأن من سيقدم علينا هو شهر رمضان الذي خصه الله من بين الشهور، فكانت لياليه رحمة، وأيامه بركة، والناس يترقبونه لأنهم يعلمون بأنه شهر مغفرة الذنوب، والعتق من النيران، والشهر الذي يفوز به العبد بجنات عرضها السموات والأرض”. وأضاف المحميد “ونلاحظ هنا أن الناس ينقسمون في العبادة وفي فعلها إلى أحوال ثلاثة: فمنهم ظالم لنفسه، ومنهم مقتصد، ومنهم سابق بالخيرات، ويعني ذلك أن هناك أصحاب همة عالية ونشاط وجد، وهم طيلة الأيام والشهور حريصون كل الحرص على اغتنام الأوقات، لا يفرطون في واجب، ولا يقعون في محرم”. وتابع “وهم يتطلعون إلى طاعة الله عز وجل في الليل والنهار، فإذا قدم عليهم شهر رمضان، انشرحت نفوسهم، وسرت أرواحهم، وأحبوا هذا الشهر، وفرغوا أنفسهم لعبادة ربهم، وتركوا كثيرا من المشغلات، واشتغلوا بما أمروا به، ويجسدهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فإنه إذا قدم رمضان، كان يشد المئزر، ويوقظ أهله، ويحيي ليله، كما كان يقوم الليل طيلة السنة، وكان يزداد انشغالا وحرصا حين يقدم رمضان”. وأردف المحميد “حين يشترك أهلك معك في الطاعة، فإنهم سيكونون عونا وتشجيعا لك، فبعض الناس يقتصر على النصائح، افعل ولا تفعل، وهذا طيب، لكن إذا كانت النصيحة مع مراقبة، وتربية، وأن تكون في البيت قارئا للقرآن، مصليا، ذاكرا، بعيدا عن تضييع الأوقات، فإن أبناءك سيقتدون بك قدوة صالحة، فلن تصلح الناس وأنت فاسد، مهما عملت”. وقال “الفريق الثاني هو المقتصد، فإذا أقبل عليه شهر رمضان، يقتصر على فعل الواجبات، وقد يفعل أحيانا المستحبات، يترك المحرمات وربما غرته نفسه أن يقع فيها، وهو يعلم أن شهر رمضان هو شهر الصيام الظاهر بترك المفطرات، والصيام الباطن بترك المحرمات، فلا يكون رمضان شهر ولائم، وأنس، وأصحاب، ومخيمات، بل هو شهر عظيم، لا يمكن أن تفرط في أوقاته، ولا تضيع ساعاته”. وزاد “فهؤلاء المقتصدون يفعلون الواجبات، ولكن لا يكثرون من المستحبات، يتركون المحرمات، وإذا وقعوا فيها استغفروا الله، ولكن تكون نفسهم أحيانا أمارة بالسوء”. وأضاف المحميد “الصنف الثالث هم المفرطون، المضيعون، الظالمون لأنفسهم، الذين هم قبل رمضان، وخلاله، وبعده، لا تتغير أحوالهم، بل أحيانا لا يزيدهم رمضان إلا إهمالا، ونفورا، واستعلاء، فتجدهم في الليل يسهرون فيما يغضب الله، وفي النهار يضيعون الوقت في النوم، والبحث عن المأكولات والمشروبات، وربما صام أحدهم، وربما لم يصم”. وأبان “فإذا صام، كان صيامه صيام الظاهر، فإن بعض الناس - والعياذ بالله - يصوم ولا يصلي، ويرون بأن الله شرع الصيام من أجل أن يجوعنا، ولكي نعطش، ونتعب، وأن الله لا يريد منا جوعا، ولا عطشا، ولكن يريد التقوى منا”. وتابع المحميد “إذن هذه هي أحوال الناس الثلاثة، وكم من رمضان أقبل علينا ونحن لا نعلم هل تقبل الله منا هذا الشهر أم لم يتقبله؟ ومن أعظم الخسران أن يأتي عليك هذا الشهر، فيغفر الله لملايين البشر، ولا تكون أنت واحدا منهم، فأي حسرة، وأي خسارة”.