قضاة فرنسيون أكدوا أن نظراءهم البحرينيين منفتحون ومتطورون وضمن الأفضل في المنطقة  التحكيم التجاري يوفر حلولا جيدة في القضايا المعقدة بشدة  لا توجد قضايا لفترات طويلة في محاكم البحرين ضرورة انتداب الخبراء الأكفاء للحصول على أحكام جيدة الموثقون الخاصون نظام استفاد منه مجتمع الأعمال القضاة في البحرين كفوئين ويتحدثون الإنجليزية بشكل جيد المنفذ الخاص واحد من أكثر الأنظمة تطورا في المسيرة القضائية أكدت خبيرة التحكيم والوساطة التجارية د. أسيل زيمو، أن النظام القضائي في مملكة البحرين متطور، مشيرة إلى أن مملكة البحرين تعمل لتكون مركزا تحكيميا وقضائيا دوليا، وأن محاكم البحرين هي من بين القلة في العالم التي استمرت بالعمل حتى أثناء الجائحة؛ بسبب الأنظمة الإلكترونية الموجودة فيها. وأوضحت د. زيمو في محاضرة بعنوان “التطورات القضائية الأخيرة في مملكة البحرين”، نظمتها الجمعية البحرينية الهندية، في فندق الإنتركونتننتال أمس الأربعاء، بحضور عدد من رجال الأعمال والمهتمين والمختصين، أن القضايا التي كانت تأخذ سنوات عدة في أروقة المحاكم، أصبحت تأخذ أشهرا وربما أقل من ذلك، بسبب التطوير الكبير الذي شهدته المحاكم بالسنوات الماضية. وأشارت إلى أن إحدى النقاط الرئيسة في تطوير القضاء في مملكة البحرين كانت عبر أنظمة إدارة الدعاوى القضائية، التي تضمن عدم السماح بتأخير القضايا من جميع الأطراف، وتضع توقيتات محددة للمحامين فيما يتعلق بالدعاوى التي لديهم، ومتى يقدمون مرافعاتهم وغيرها من الإجراءات المتعلقة بهذه القضايا. وأكدت زيمو أن الأنظمة الخاصة بإدارة الدعاوى واجهت رفضا من بعض المحامين في بداية تطبيقها، ولكن الآن أصبح الجميع يعرفون كيفية التعامل معها، والالتزام بالمدد والآجال المحددة لكل خطوة من خطوات هذه الدعاوى. وقالت إن من بين الأمور التي شهدتها مسيرة تطوير القضاء في البحرين، هي انتداب الخبراء، حيث أصبحت المهمة معقدة؛ نظرا لتشعب التخصصات، فلم يعد المحاسب محاسبا فقط على سبيل المثال، وإنما هناك تخصصات عدة في المحاسبة، وهو ما يعني ضرورة انتداب الخبير الصحيح للدعاوى، كونه سيكون عاملا حاسما في القضايا، ولذا فإن انتداب خبراء من القطاع الخاص ومن الجهات المتخصصة لشرح للمحكمة كل التفاصيل المتعلقة بالقضية، يعد من أهم الأمور التي تطورت في القضاء البحريني. وأكدت د. أسيل زيمو أهمية ندب الخبراء المناسبين للقضايا، مشددة على أن القطاع الخاص يقدم خدماته بشكل أفضل وأسرع وأكثر كفاءة. وتابعت “الأمر كذلك ينطبق على الموثقين الخاصين، وهو النظام الذي تم إنشاؤه في مملكة البحرين، واستفاد منه بشكل كبير مجتمع الأعمال، فسابقا، كان الأمر يقضي بالوقوف في طوابير طويلة من أجل الحصول على موعد توثيق، ولكن الآن يمكن الحصول عليه بشكل مباشر وبرسوم معقولة، ومن خلال الموثقين الخاصين”. وأشارت زيمو إلى أن الانتقال إلى رقمنة النظام القضائي في مملكة البحرين، كانت فكرة قبل حتى جائحة كورونا، وتم البدء بالعمل عليها قبل الجائحة، لذا كانت البحرين من الدول القليلة في العالم التي لم تغلق محاكمها أثناء الجائحة. وتابعت “كان من المفترض أن نبدأ بمحكمة واحدة في أبريل 2020، ولكن بسبب ظروف الجائحة، تم اتخاذ قرار على أعلى المستويات، بأن يتم فتح جميع المحاكم إلكترونيا، وقمنا بذلك بالفعل، في حين كانت هناك دول متطورة اضطرت إلى إغلاق محاكمها وتراكم القضايا لسنوات عدة”. وبينت أن الأمر سيتطور ليشمل محاكم الاستئناف والتمييز في مملكة البحرين، مشيرة إلى أن النظام يتم العمل على تطويره باستمرار، لتحسين تجربة المستخدمين، والتطورات كبيرة في المنصة. وقالت “الأمر المهم في الأنظمة الرقمية القضائية، هو أنه يمكن تقديم الطلبات من خلالها، وإرسال كل شيء من خلالها، كما تتم جميع الاتصالات من خلال الأنظمة الإلكترونية، والحصول على الإشعارات بالدعاوى وغيرها أيضا رقميا”. وشددت د. أسيل زيمو على ضرورة أن تكون جميع البيانات الموجودة في السجل التجاري، وأي منصات أخرى، محدثة وصحيحة، فهناك بعض الدعاوى التي يتم التبليغ بها إلكترونيا، وقد تذهب إلى أشخاص تركوا العمل أو الوظيفة، أو إلى الشركات الوسيطة التي قامت بإنشاء السجل التجاري، أو تتولى مهامه، وغيرها من الأمور التي قد تحدث، ولذا، فإنه يجب أن تكون جميع هذه البيانات صحيحة، وتصل إلى الأشخاص المعنيين. وفيما يتعلق بالمنفذ الخاص، أكدت أنه واحد من أكثر الأنظمة تطورا في المسيرة القضائية، حيث كانت القوائم في التنفيذ طويلة جدا، بسبب محدودية عدد المنفذين، وكانت تستغرق فترات طويلة قبل الحصول على تنفيذ أمر قضائي، أما الآن فهناك التنفيذ الخاص الذي يعتبر موجودا في بلدان عدة حول العالم. وتحدثت د. أسيل زيمو أيضا عن عدد من الإجراءات المتعلقة بالدعاوى والمطالبات المالية، سواء كانت أكثر من 5 آلاف دينار أو أقل من ذلك، فلكل واحدة إجراءاتها الخاصة، كما أن المطالبات فيها يجب أن تكون خلال مدد محددة، سواء لتمديد الحكم أو استئنافه أو غيرها من التفاصيل المتعلقة بالأحكام القضائية. وشددت على أن المحاكم التجارية أصبحت أكثر سرعة في الأحكام، فالمطالبات الصغيرة تتم في أكثر الأحيان خلال شهر ونصف الشهر، أما المطالبات في المبالغ الأكثر من 5 آلاف دينار، فتأخذ ما بين 3 و6 أشهر. وفي تطور آخر، تحدثت د. أسيل زيمو عن الدعاوى باللغة الإنجليزية، وهو أمر حدث في النظام القضائي قبل أكثر من عام ونصف العام، مشيرة إلى أنه سابقة في المنطقة، حيث لا تعتمد العديد من دول المنطقة والعالم العربي القضايا باللغة الإنجليزية، ولا تصدر الأحكام بهذه اللغة. وتابعت “هناك قضايا باللغة الإنجليزية في دول مجاورة، ولكنها حقيقة تتم من خلال محاكم خارجية، أما في البحرين، فهو نظام قضائي وطني يتعامل بهذه اللغة، وتم تدريب القضاة وغيرهم لتكون المحكمة بالإنجليزية، عندما تكون المطالبات فوق الـ 500 ألف دينار بحريني”. وأشارت إلى أن هذا النظام أحدث فرقا كبيرا في القضايا من هذا النوع، فهناك العديد من القضايا التي اضطر فيها المتقاضون إلى ترجمة مستندات بأكثر من 50 ألف دولار، واضطروا لترجمة أكوام من الأوراق التي احتاجوا إليها، أما الآن فيمكنهم تقديمها باللغة الإنجليزية. وبينت أن واحدة من مساوئ الترجمة التي كانت تحدث، هي أن اللغة العربية بها مصطلحات عدة، وربما استخدام مصطلح بدلا من آخر يغير المعنى الكامل للبند أو العقد، ولهذا فإن التعامل في القضايا باللغة الإنجليزية، للعقود التي تمت كتابتها بهذه اللغة أمر مهم جدا. وتابعت “حتى محكمة الاستئناف والتمييز، فقد أصدرتا أحكاما باللغة الإنجليزية، وهذه أمور فريدة من نوعها، وهي جزء من خطوات البحرين لتلبية احتياجات مجتمع الأعمال”. وشددت على أن القضاة في مملكة البحرين يتحدثون الإنجليزية، وبعضهم من أفضل وأشهر المحكمين الدوليين والإقليميين، ويتمتعون بنزاهة كبيرة، ويثق العالم بهم، وكل ذلك يعد فرقا كبيرا لمجتمع الأعمال. وأكدت أهمية أن تخضع جميع العقود التي يتم توقيعها إلى استشارات قانونية من الخبراء، فالعقود وغيرها من الإجراءات، هي ما سيبنى عليها أي أحكام قضائية، كما أنه سيبنى عليها التحكيم لاحقا، ولذا فإنها يجب أن تكون مصاغة بشكل جيد. كما شددت على أهمية توكيل محامين ذوي كفاءة ومسؤولية ولديهم الخبرة الكافية، مستشهدة بإحدى القضايا التي ظن الشخص أنها مستمرة لمدة 3 سنوات، ولكن بعد التأكد من رقمها، اتضح أن الحكم قد صدر بها منذ أكثر من عام ونصف العام، إلا أن المحامي لم يكلف نفسه عناء المتابعة. وبينت زيمو أن اللجوء إلى التحكيم هو أمر مكلف، ولذا فإن وجوده في العقود واللجوء إليه في القضايا الصغيرة ربما لن يكون ذا جدوى مادية كبيرة، بل حينها يعد الذهاب إلى المحاكم أفضل وأسرع، خصوصا في المطالبات المالية البسيطة. واستطردت “ولكن بالنسبة للمسائل المعقدة بشدة، فإن التحكيم يوفر حلولا جيدة للغاية، ويتيح تعيين خبراء كجزء من هيئة التحكيم الخاصة بهذه القضايا”. وفيما يتعلق بالوساطة التجارية، أكدت زيمو أنها خيار جيد في مملكة البحرين، فأحيانا تكون أسرع من المحاكم ومن التحكيم التجاري، وربما يلجأ إليها الأشخاص الذين يحتاجون إلى خيارات أسرع. وأشارت إلى أنه يتم الآن بيع العقارات أو الأصول عن طريق محكمة التنفيذ وعبر تطبيق “مزاد”؛ من أجل تنفيذ الأحكام القضائية الخاصة بالمطالبات المالية، مبينة أنه يتم اللجوء إلى هذه الطرق في حال عدم سداد الديون أو المطالبات المالية بعد 7 أيام من إخطار الشخص بذلك. وبينت أنه للمطالبات المالية، يمكن للمحكمة أن تصدر أوامر بشأن الحسابات المصرفية والسيارات والعقارات وغيرها من الأصول، بما في ذلك الأسهم في الشركات التجارية التي يمكن اعتبارها أصولا أيضا، ويمكن استخدامها في استرداد الحقوق. وبينت أن المطالبات المالية تغير أسلوب العمل بها بشكل كبير، فسابقا، كان يتم الحجز على الحسابات المالية، وبعدها يتم رفع الحجز في حال طلب المنفذ ضده ذلك لأسباب إنسانية، أما اليوم فيتم التواصل مع البنوك، والحصول على المبالغ الموجودة في الحسابات المالية للمطالبات، مع ترك مبلغ 400 دينار للشخص لكي يتصرف بها إنسانيا، سواء كمصاريف لأهله أو ذويه أو له شخصيا أو غيرها، ويتم تحويل المبالغ الفائضة عن هذا المبلغ إلى الدائنين في بضعة أسابيع. وأشارت إلى أن منع السفر لم يعد وسيلة مجدية أيضا لتحصيل الديون، كما أنه أمر غير إنساني، والآن يتم هذا الأمر لفترات محدودة في القانون، وبعدها يتم تحصيل الديون من أي حسابات يمتلكها المدين أو غيرها من الأصول، ولا يتم منعه من السفر إلا إذا كانت هناك مخاطر أخرى، أو كانت جزءا من المطالبات في قضية ما، والانتظار لحين صدور الحكم في القضية، وبعدها يمكن المطالبة مجددا بمنع السفر لثلاث مرات للحصول على المبالغ المطلوبة، وإن لم يتم تحصيل أي مبالغ خلال 9 أشهر، فإنه لا فائدة من استمرار منع السفر. وأشارت إلى وجود شركات في العالم لتتبع الأصول، ويمكن توظيفها في مثل هذه الحالات لتتبع أصول الأشخاص لحين الحصول على المبالغ المالية المطلوبة، ولكن ذلك يعتمد على حجم المطالبات المالية. وأكدت أن النظام القضائي في البحرين يتيح بيع الأصول حتى وإن كانت المبالغ المالية قليلة، وحجم الأصل أكبر منها بكثير، فهو يضمن بشكل أفضل الحصول على الأموال للدائنين. ونوهت د. أسيل زيمو بلقاء لها مع قضاة فرنسيين ومحامين دوليين، الذين أكدوا لها أن القضاة في مملكة البحرين منفتحون ومتطورون، وتدربوا لفترات طويلة جدا، وهم من أفضل القضاة في المنطقة. وشددت على أن البحرين تسعى لتكون مركزا تحكيميا وقضائيا دوليا، ولذا تم الإعلان عن إنشاء المحكمة التجارية الدولية في البحرين، وهو على شاكلة ما يوجد في سنغافورة، حيث وضعت المحاكم السنغافورية نفسها على الخريطة الدولية، والآن البحرين تعمل على ذلك، ولكن الأمر بحاجة إلى وقت طويل. وشددت على أن المحكمة التجارية الدولية ستسمح لأي شخص في العالم بالحضور إلى مملكة البحرين لحل نزاعاته في المحكمة المتخصصة جدا، وهي تضم قضاة بحرينيين ودوليين. وتابعت “سيكون هناك قضاة من جميع أنحاء العالم لإصدار الأحكام، ورسومها ستكون أقل من رسوم التحكيم”، مؤكدة أنها سابقة في المنطقة.  وأكدت أن 60 % من عمل المحاكم التجارية في لندن هو لقضايا خارج بريطانيا، ولكن تم اختيار المملكة المتحدة؛ نظرا لعراقة النظام القضائي فيها، والأمر نفسه سيحدث في البحرين، التي ستكون مركزا مهما جدا في العالم، معربة عن أملها في أن يصبح هذا حقيقة واقعة بالسنوات العشر المقبلة.