توجت عبارات الشكر لمملكة البحرين، ملكا وحكومة وشعبا، مسك ختام مؤتمر الحوار الإسلامي - الإسلامي في يوم الثاني والأخير الخميس 20 فبراير 2025، إلا أنه في وداع البحرين، ومع صدور البيان الختامي للمؤتمر، تحقق هدف كبير، يتمثل في الدعوات التي تبادلها رؤساء المذاهب والمشايخ والمجالس الدينية لمختلف الطوائف مع بعضهم البعض لتبادل الزيارات التي تسهم في مد جسور أقوى من السابق. طي الخلافات وفي الوقت الذي عبر فيه الأمين العام السابق لمنظمة التعاون الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو لموفد “البلاد” عن مشاعره تجاه مواقف طيبة جمعت الكثير من أتباع المذاهب على مسار التفاهم والود والعمل المشترك “للتلاحم وطي الخلافات”، توادعت بعض الوفود وهي تقدم دعوات الزيارة، فوفد اتحاد علماء الدين الإسلامي في كوردستان وجه الدعوة لوفد الأوقاف المصري، فيما وجه وفد الحوزات في باكستان دعوة لشيخ الأزهر، كما اتفق مشايخ من إندونيسيا وتونس على تبادل الزيارات. ترتيبات المؤتمر الثاني وفي البيان الختامي، رفع المشاركون العرفان والشكر لملك البلاد المعظم صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، لرعايته السامية للمؤتمر، فيما أعلنت الأمانة العامة لمجلس حكماء المسلمين أنها ستتابع خطوات تشكيل لجنة مشتركة للحوار الإسلامي، والخطوات العملية اللازمة لتنفيذ مقررات هذا المؤتمر، وبدء التحضيرات بالتنسيق مع الأزهر الشريف، لتنظيم المؤتمر الثاني للحوار الإسلامي الإسلامي بالقاهرة، تلبية لما أعلن عنه شيخ الأزهر الشريف فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب في كلمته بالمؤتمر. ومن أبرز التوصيات، إنشاء رابطة الحوار الإسلامي من قبل مجلس حكماء المسلمين لفتح قنواتِ اتصالٍ لكل مكونات الأمة الإسلامية دون إقصاءٍ، استمدادا من الاصطلاح النبوي الشريف الذي يجعل أمة الإسلام أمة واحدة، كما تم إطلاق نداء بعنوان (نداء أهل القبلة)، داعيا إلى صياغة خطاب دعوي من وحي هذا النداء تستنير به المدارس الإسلامية تحت شعار (أمة واحدة ومصير مشترك). توصيات المؤتمر واستمع شيخ الأزهر ورئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن راشد آل خليفة وحضور المؤتمر، إلى قصيدة في الحفل الختامي، التي تضمنت أبياتها معاني الوحدة الإسلامية والمنهج الوسطي والاعتدال، لتتلاقى أبيات القصيدة مع مضمون عبارة “وحدة الأمة عهد وميثاق”، على أساس أن التفاهم والتعاون وتحقيق مقتضيات الأخوة الإسلامية واجبٌ متعينٌ على المسلمين جميعا، وأن الإسلامي المطلوب اليوم، والذي تحتاجه الأمة ليس حوارا عقائديا ولا تقريبيّا، بل هو حوار تفاهم بناء، يستوعب عناصر الوحدة الكثيرة، في مواجهة التحديات المشتركة، مع الالتزام بآداب الحوار وأخلاقه. أبرز التوصيات * حث المؤتمر على التعاون المشترك بين المرجعيات الدينية والعلمية والفكرية والإعلامية لمواجهة ثقافة الحقد والكراهية، مؤكدا تجريم الإساءة واللعن بكل حزم من كل الطوائف. وأشار إلى أن التراث الفكري والثقافي في مدارس المسلمين جميعا لا يخلو من أخطاء اجتهادية ينبغي أن تُتَجاوز، داعيا إلى التزام الحكمة والجرأة في النقد الذاتي لبعض المقولات، وإعلان الأخطاء فيها؛ استئنافا لما بدأه الأئمة السابقون، والعلماء المتبوعون من جميع المدارس الإسلامية. * التشديد على ضرورة توحيد الجهود نحو قضايا الأمة الملحّة كدعم القضية الفلسطينية، ومقاومة الاحتلال، ومواجهة الفقر والتطرف؛ إذ حين يتكاتف المسلمون جميعا باختلاف مدارسهم لدعم هذه القضايا عمليا، تذوب الخلافات الثانوية تلقائيا تحت مظلة “الأخوّة الإسلامية” التي أمر بها القرآن. * دعوة المؤسسات العلمية الإسلامية الكبرى لإنجاز مشروع علمي شامل، يُحصي كافة قضايا الاتفاق بين المسلمين في العقيدة والشريعة والقِيَم، مؤكدا أن هذا المشروع سيكون له الأثر الكبير في معرفة الأمة بنفسها، وإصلاح تصوُّر بعضها عن بعض، وتنمية ثقافتها الإسلامية المشتركة، وتعزيز دعوتها الإنسانية.  * ترجمة الوحدة الإسلامية عمليا إلى نظام مؤسسي يبدأ من مناهج التعليم، ويمتد إلى خطب المساجد والإعلام”، داعيا إلى أن تتحول “ثقافة التفاهم” إلى سياسات ملموسة في كتبٍ تُعلِّم فقه الاختلاف، ومنصاتٍ تقوض خطاب الكراهية، ومشاريع اجتماعية تنموية وحضارية مشتركة. * تقدير دور المرأة في ترسيخ قيم الوحدة في الأمة، وتعزيز التفاهم بين أبنائها، سواء من خلال أدوارها داخل الأسرة، أو عبر حضورها العلمي والمجتمعي.  * الدعوة لوضع استراتيجية جديدة للحوار الإسلامي الإسلامي تأخذ بعين الاعتبار قضايا الشباب وطموحاتهم، وتعتمد على الوسائل الحديثة في التواصل ونقل المعرفة، بحيث يكون الخطاب الديني متفاعلا مع واقعهم الرقمي والتكنولوجي، وأن يعكس رؤيتهم لمستقبل الإسلام في عالم متغير. * تعزيز منصات الحوار الإسلامي بإنشاء لجان متخصصة تحت مظلة المؤسسات الدينية الكبرى؛ لرعاية الحوار بين الشباب المسلم من كافة المذاهب الإسلامية، وتنظيم مبادرات وبرامج شبابية للحوار، بما في ذلك الشباب المسلم في الغرب لربطه بتراثه الإسلامي، وتعزيز قيم التفاهم والعمل المشترك بين المذاهب الإسلامية، وتقديم نماذج إيجابية تعزز هويتهم الدينية، وإطلاق مبادرات علمية ومؤسسية للحوار بين المسلمين من كافة المذاهب، لإزالة الصور النمطية المتبادلة، ونزع أسباب التوتر بينهم، باعتبار ذلك الطريق الأمثل لتحسين صورة المسلمين، ومواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا.