تاجر اللؤلؤ عبدالوهاب بن حجي الزياني رحمه الله هو ابن المحرق الذي ولد فيها بالعام 1863 وترعرع في دهاليزها وأحيائها، وعبقت دروبها بتلك السيرة.
إلى الأحساء ثم العراق
ويعد الراحل من الشخصيات التي عُنيت الوثائق التركية والبريطانية بالحديث عنها، فقد نشأ في أسرة كريمة محافظة ترجع في نسبها إلى قبيلة عدوان الحجازية التي استقرت بالبحرين، وفي صباه أرسله والده حجي الزياني بالعام 1879 إلى الأحساء لدراسة العلوم الشرعية والحساب واللغة العربية بالمدرسة المباركية الدينية، وفي العام 1883 توجه إلى العراق للدراسة، وتمضي السنين ليتزوج فتاة عراقية قبل أن يعود إلى البحرين ويبدأ عمله في التدريس والإمامة بمدرسة العلوم الشرعية واللغة العربية التي بناها له والده مع مسجد ملحق بها (يعرف اليوم بمسجد الزياينة)، وبعد وفاة والده، عمل في تجارة اللؤلؤ، وكان يتردد على بومباي حتى أصبح طواشًا معروفًا له علاقات اجتماعية مبنية على محبة الناس الذين عرفوه دائم التواصل والسؤال عنهم لقضاء حوائجهم.
مسجد الزياينة
ومما دونه الشيخ صلاح الجودر بشأن تأسيس الجامع بسوق المحرق القديمة أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، على يد الشيخ حجي بن أحمد الزياني الذي اختار له اسم ابنه الشيخ عبدالوهاب بن حجي الزياني، أنه قد أعيد بناء الجامع في 1932 - 1933م على يد الوجيه عبدالرحمن بن عبدالوهاب الزياني، وبعد ذلك، تم بناؤه على نفقة وجهاء من المحرق (بن مطر وفخرو)، وكانت منارة الجامع آنذاك من الخشب، والمصلى من قواقع البحر (صبان)، وماء الشرب كان يؤتى به من عين فخرو القريبة من الجامع، ثم هدم وأعيد تعميره في 1995 على نفقة راشد وأحمد أبناء عبدالرحمن بن عبدالوهاب الزياني.
بعيدا عن الوطن
تمثلت شخصية الراحل، رحمه الله، في وطنيته وإسلاميته ورفضه للوجود البريطاني، ومما يذكر من سيرته، أنه تمكن من إقناع حاكم البحرين آنذاك المغفور له الشيخ عيسى بن علي آل خليفة، بأن يكون المسؤول عن الجمرك البحري من الكفاءات البحرينية بدلًا من وكيل البواخر الإنجليزي غري ماكينزي، إذ كان المورد الرئيس للبحرين، وترتب على هذا الرأي الوطني أن ألقت القوات البريطانية بقيادة الميجر إس.دي.ديلي، القبض عليه بمعية زميله المرحوم أحمد بن لاحج البوفلاسة، ونفته مع رفاقه على ظهر بارجة بريطانية إلى الهند في العام 1923. في بومباي، استقبلته الجاليات العربية والإسلامية بحفاوة، وتم تدشين حملة واسعة لصالح عودته إلى البحرين معززًا مكرمًا، كما تم توكيل المحامي محمد علي جناح للدفاع عنه أمام المحاكم البريطانية، لكن المنية وافته في العام 1925، ودفن بإحدى مقابر المسلمين في بومباي.