الأمة الإسلامية تزداد تشرذما والقوى المعادية للإسلام تزداد قوة وفتكا جمعنا علماء السنة والشيعة في العراق لإخماد “الحرب الطائفية.. لكن!؟ شيخ الأزهر والسيستاني رمزان كبيران داعمان للوحدة البحرين أعادت الأمل للبناء على وثيقة “مكة 2006”   لم يكن مؤتمر الحوار الإسلامي الإسلامي الذي استضافته مملكة البحرين، برعاية كريمة من ملك البلاد المعظم صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، يومي 19 و20 فبراير 2025 ملتقىً جمع تحت سقف واحد علماء الإسلام من كل المذاهب فحسب، بل هو (محور ارتكاز) لانطلاقة جديدة في مواجهة التحديات الخطيرة التي تواجه العالم الإسلامي.. أي أن رسالة البحرين الجوهرية هي إعادة بوصلة الجهود لصيانة المجتمع الإسلامي، تحت شعار: ”أمة واحدة.. مصير مشترك”. على هذا الأساس، فإن الحديث مع شخصية كبيرة كالأمين العام “التاسع” لمنظمة التعاون الإسلامي البروفيسور أكمل الدين إحسان أوغلو يكتسب أهميته من خبرته ودرايته واطلاعه على الكثير من ملفات المنظمة التي تضم في عضويتها 58 دولة، لا سيما خلال فترة توليه رئاسة أمانة المنظمة كأول أمين عام ينتخب بالتصويت، وأدار المنظمة في الفترة من 2005 حتى 2014 وهي حقبة “ثقيلة المسؤوليات والظروف الصعبة جدًا”، ولهذا، سنلقي الضوء في هذا اللقاء القصير على محاور جوهرية ذات معنى: تمهيد الطريق بوضوح *انقضى مؤتمر الحوار الإسلامي الإسلامي، لكن، ماذا بعد؟ فالأوضاع في المجتمعات الإسلامية تزداد حرجا مهددةً الاستقرار فيها أليس كذلك؟ -انعقد المؤتمر في وقت حرج، إلا أنه بإمكاني القول أن ملك البلاد المعظم صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، فتح المجال للعمل بدقة لمعالجة أخطر مشكلات الأمة الإسلامية وهو مؤتمر موفق، فوجود الإمام الأكبر الشيخ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر ورئيس مجلس حكماء المسلمين، وحضور هذا العدد الكبير ذوي الوزن والمكانة من علماء المذاهب الإسلامية يدفعني لأن أشكر جلالة الملك وأشكر مملكة البحرين.. نعم، ظرف الأمة حرج للغاية، لكنني واثق من أن هذا المؤتمر سيكون له الأثر الكبير في تمهيد الطريق بوضوح. نداء أهل القبلة *هل هذا يعني أننا أمام مسار واضح يتجاوز العراقيل والمعوقات التي جعلت توصيات الكثير من المؤتمرات والملتقيات الشبيهة حبرًا على ورق؟ -الأمة الإسلامية تزداد تشرذمًا وتفتتًا، ومقابل ذلك، تزداد القوى المعادية للإسلام قوةً وفتكًا! أمام هذا الوضع، نحتاج لكثير من العمل الشاق ولو تحدثنا عن العراقيل لاحتجنا إلى الكثير من الوقت، ومع ذلك، يكتسب مؤتمر البحرين أهميته من ناحية كبيرة وهي إعادة التذكير والتأكيد على ضرورة وجود مساع مخلصة لا تتوقف، فتوصيات المؤتمر لها رؤية تؤسس لتطبيق عملي تبين من خلال “نداء أهل القبلة” وهو وثيقة مهمة يمكن اعتمادها كبرنامج عمل لتقوية كيان الأمة الإسلامية، تتابعه الأمانة العامة لمجلس حكماء المسلمين لتنفيذ مقرراته حتى انعقاد النسخة الثانية من المؤتمر. الطيب والسيستاني *ربما نحتاج إلى العودة للعام 2006 حيث ساهمتم في صدور وثيقة مكة المكرمة.. ما الذي تغير منذ ذلك الحين حتى الآن وفقًا لتلك الوثيقة؟ -منظمة التعاون الإسلامي جمعت علماء العراق من السنة والشيعة إبان الحرب الطائفية الطاحنة، وأعتز بأنني أول من حقق تقريبًا بين الطائفتين في مكة المكرمة برعاية ودعم المغفور له بإذن الله تعالى الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود طيب الله ثراه، وتمت الموافقة على الوثيقة وكنا حينها في شهر رمضان المبارك وفي ليلة القدر المباركة.. لقد جئنا بعلماء العراق من كل المناطق، واجتمعوا خلال أسبوع تناقشوا وتباحثوا ووافق كل العلماء من مختلف دول العالم الإسلامي على الوثيقة، فقد حظيت بدعم الأزهر الشريف ممثلًا في الإمام الأكبر الشيخ د.أحمد الطيب، ودعم الحوزة الدينية بدعم آية الله السيد علي السيستاني، علاوة على مباركة كل مفتي الدول الإسلامية، فالشيخ الطيب والسيد السيستاني رمزان كبيرًا داعمان للوحدة. *هل فعلًا حظيت وثيقة مكة بدعم “قوى كبرى” آنذاك؟ -هذا صحيح، ولأن المراجع والزعماء في العراق باركوا الوثيقة، وردني تأكيد من الإدارة الأميركية والحكومة البريطانية على دعم هذه الجهود. من الذي “خرب”؟ *من وجهة نظرك، لماذا تدهور الوضع في العراق، لأن حديثنا عن وثيقة مكة، ما هو السبب؟ -كما أسلفت، جمعنا علماء السنة والشيعة لإخماد الحرب الطائفية في العراق، وتخيل أنه في بداية اللقاء كان البعض من الجانبين، يرفض ركوب حافلة تجمعهم معًا، إلا أنهم بعد ذلك تصافحوا وتفاهموا وتقاربوا في وجهات النظر مؤمنين بمصلحة بلدهم. *من الذي “خرب” إن جاز لنا التعبير؟ -كان الاجتماع هو الأول من نوعه في تاريخ العراق الحديث، وتحركنا بعد أن بدأت الحرب الطائفية والقتل على الهوية، وجمعنا العلماء من الطائفتين الكريمتين، ووضعنا بيان الوثيقة في عشر مباديء للتعايش السلمي وإدانة أساليب العنف والقتل وكل التجاوزات التي تحدث بين أتباع المذاهب واستطعنا أن نحقن الدماء، وبعد توقيع الوثيقة خرج الجميع متماسكي الأيدي، لكن، بدأت السياسة في تحقيق مآربها، كل طرف يضرب معارضيه، وهذه النتيجة، فحين تتدخل السياسة لاستغلال طرف ضد آخر، تضطرب الأوضاع، لذلك، أشدد على أن مؤتمر البحرين أعاد الأمل للبناء على وثيقة مكة المكرمة، ومتفائل بنجاح العمل. من البحرين: إلى الأمام *سؤالنا الأخير بروفيسور أوغلو.. من تجربة منظمة التعاون الإسلامي، ماذا سيضيف مؤتمر البحرين؟ -كنت الأمين التاسع حتى عام 2014، ونحن الآن في العام 2025، أي في عهد الأمين العام الثاني عشر (السيد حسين إبراهيم طه من تشاد)، وطوال تلك السنوات قطعت المنظمة مسافات وبذلت جهدًا ناجحًا مع تغير الأساليب والمراحل، وأختصر الإجابة عل سؤالك بالقول إن مملكة البحرين تدفع بالنتائج الطيبة إلى الأمام.