يقول جلال الدين الرومي: “حين تعثر على الجمال في قلبك، ستعثر عليه في كل قلب”، هذه المقولة تعكس جوهر مشروع “عكاس” للمصورة الفوتوغرافية غادة خنجي، الذي انطلق في فبراير 2024 في مساحة الرواق للفنون.
وفي حوار خاص مع “البلاد”، أوضحت خنجي أنها شغوفة بالتصوير منذ طفولتها، حيث حصلت على أول كاميرا من والدها في سن الثامنة، ومنذ ذلك الحين بدأت رحلتها في عالم التصوير، لاحقًا، سافرت إلى نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، حيث عاشت لمدة 25 عامًا، اكتسبت خلالها خبرات واسعة في التصوير ونقلت معرفتها للعديد من الأشخاص، موكدة أن التصوير الوثائقي، خصوصًا توثيق تصوير الأشخاص، هو المجال الأقرب إلى قلبها.
أوضحت خنجي أن فكرة مشروع “عكاس” جاءت من ملاحظتها لزيادة عزلة الناس عن بعضهم البعض، مما دفعها إلى ابتكار طريقة تجمع أكبر عدد ممكن من الأشخاص في البحرين من خلال الصور، فقررت التقاط صورة لكل شخص وهو يجلس على نفس الكرسي، ليكون رمزًا لوحدة الجميع.
وأشارت إلى أن المشروع بدأ في البحرين، التي تتميز بتنوع جنسياتها وثقافاتها ودياناتها، وكان الهدف الأولي هو الوصول إلى 1000 صورة، لكنها تمكنت خلال عام واحد من تجاوز هذا الرقم، ليصل عدد الصور إلى 1300، متطلعة إلى توسيع المشروع ليضم عددًا أكبر من الصور، وإقامة معرض ضخم في متحف البحرين الوطني يجمعهم جميعًا. وعن الرسالة التي تسعى خنجي لإيصالها من خلال مشروعها، فأوضحت أنها تريد التأكيد على أن جميع البشر متساوون، فكرسي مشروع “عكاس” واحد، وقد جلس عليه الغني والفقير، المشهور والبسيط، وغيرهم، مما يعكس أن الجميع متشابهون ويتشاركون نفس القيم والتجارب، مؤكدة أن الاختلافات بين الناس لا يجب أن تفرقهم، لأن الله يحب الجميع دون تمييز.
وأوضحت خنجي أنها اعتمدت في استوديو مشروع “عكاس” الصغير جدًّا على أدوات بسيطة وغير مكلفة، مثل مصباح “LED”، وكاميرا، وكرسي قديم من منزلها يعود عمره إلى حوالي 25 عامًا، وأنها تحب استخدام هذا الكرسي لأنه يمنح كل شخص طابعًا مميزًا، كما أن الاستوديو لا يحتوي على مرآة، مما يمنع الشخص من رؤية نفسه، ليبقى تركيزه على الكاميرا فقط، وهو ما يساعدها على التقاط الصورة الحقيقية له بكل تفاصيلها.
وأوضحت أنها تعتمد على معالجة الصور باللونين الأبيض والأسود، لأن كثرة الألوان قد تشتت الانتباه، أما استخدام الأبيض والأسود، فيساعد على التركيز على تفاصيل الصورة والتعمق في رؤية روح الإنسان وشخصيته، مضيفة أنه بعد طباعة الصورة، يتم وضعها في أكياس مغلقة لا يمكن فتحها مرة أخرى، في رسالة تؤكد أن كل شخص مثالي كما هو، دون الحاجة إلى أي تعديل.
ومن المواقف التي لا تُنسى، تروي خنجي أن أحد الأطفال دخل إلى استوديو “عكاس” ورأى كل شيء باللون الأبيض، فظنّ أنه في الجنة، كان هذا التعليق لحظة فارقة جعلتها تدرك سبب حبها لمشروعها، مؤكدة أن فرحة الناس تُشعرها أيضًا بأنها أنجزت عملها بنجاح.