يعد شهر رمضان فرصة روحانية مميزة، وعظيمة للمسلمين في جميع أنحاء العالم، إذ يجسد هذا الشهر من السنة الطاعة والتقوى، ولكن بالنسبة لأولئك الذين يعانون من الأمراض لاسيما الأمراض المزمنة كمرض السكري، قد يكون التوازن بين الإيمان والصحة تحديا عميقا وحقيقيا.  كيف يمكن لمريض السكري أن يحافظ على صحته، وأن يشعر بالراحة والطمأنينة أثناء صيامه الشهر الفضيل؟ في هذا التقرير يقدم لنا المدير الطبي واختصاصي الطب الباطني بمستشفى الإرسالية الأمريكية - المنامة د. إدوين راتناراج، بعض النصائح العلمية، وأهم الأدوات المفيدة، التي من شأنها أن تساعد مريض السكري على إدارة مرضه والاستمتاع بأجواء رمضانية صحية وآمنة دونما تأثير على حالته الصحية والنفسية، ليستعرض معنا كيفية التعامل مع الصعاب الخاصة بالصيام ومريض السكري بشهر رمضان. الاستعداد المبكر في هذا الجانب يقول د. إدوين: من المهم أن يقوم مريض السكري بتحديد موعد مع طبيبه المختص؛ بهدف مناقشة خطة إدارة المرض الخاصة بالمريض أثناء فترة الصيام، وذلك قبل حلول شهر رمضان، حيث إن ذلك يجنب المريض الكثير من المخاطر المحتملة، وعليه يجب على المريض سؤال الطبيب عن خطة التعامل مع المرض أثناء الصيام، وعن أي تعديلات ضرورية في الأدوية، جرعات الإنسولين، وخطط الوجبات، إضافة إلى تقييم درجة المخاطر المرتبطة بالصيام لمرضى السكري باستخدام مقياس “رمضان والسكري”، الذي يحدد مستوى المخاطر بناءً على الحالة الصحية للمريض. فعلى سبيل المثال من 0 إلى 3: خطر منخفض، من 3.5 إلى 6: خطر متوسط، أكثر من 6: خطر مرتفع. وبسؤاله عن مرضى السكري الذين يعدون من المرضى ذوي المخاطر العالية، أكد د. راتناراج أن الفئات المرضية التي تُعد أكثر عرضة لمخاطر صحية أثناء الصيام هم المصابون بداء السكري من النوع الأول، ومرضى السكري من النوع الثاني، وهم الذين يعانون من سوء التحكم، خصوصا مع مستوى HbA1c أكبر من 8.5 %، والأشخاص الذين لا يشعرون بأعراض انخفاض السكر في الدم، بالإضافة إلى الأشخاص الذين يعانون من انخفاض متكرر في مستوى السكر بالأشهر الثلاثة السابقة، والأشخاص الذين تم إدخالهم إلى المستشفى بسبب الحماض الكيتوني السكري أو حالة فرط سكر الدم، إلى جانب مرضى الأمراض المزمنة مثل الفشل الكلوي أو فشل القلب، والنساء الحوامل. وبين د. راتناراج أنه من المثالي جدا أن يقوم مريض السكري باختبار سكر الدم نحو 7 مرات يوميا؛ للتأكد من بقاء القياس ضمن النطاق الموصى به، ويُفضل إجراء الاختبار في أوقات كالسحور، وصباحا، ومنتصف النهار، وبعد الظهر، وبلا شك عند وجبة الإفطار وبعدها، وطبعا في حال شعور المريض بأي أعراض غير طبيعية، ينصح بإجراء الفحص مباشرة وفورا. ولكن ما هو النظام الغذائي الذي يجب اتباعه من قبل مريض السكري سواء بعد الإفطار أو في السحور؟ في هذا الشأن أكد د. إدوين راتناراج  أهمية شرب كميات كافية من الماء، إذ يفضل شرب ما لا يقل عن 8 أكواب يوميا، وتجنب المشروبات السكرية التي قد تؤدي إلى ارتفاع مفاجئ في مستوى السكر، ولا ينبغي تجاوز وجبات الإفطار والسحور، ويمكن بدء الإفطار بالتمر أو الفواكه، ومن ثم تناول وجبة متوازنة تتضمن الكثير من البروتين كالدجاج أو الأسماك، إضافة إلى الخضروات، والحبوب الكاملة كالأرز البني، والخبز المصنوع من القمح الكامل، ويفضل تناول وجبة خفيفة بعد الإفطار بساعتين للمساعدة على استقرار مستوى السكر في الجسم، أما في السحور فيجب الحرص على تناول وجبة تحتوي على بروتينات كالفول، والبيض، والزبادي، وأطعمة بطيئة الهضم، كالحبوب الكاملة مثل الشوفان، والقمح الكامل، وفيما يتعلق بالدهون فإن الدهون الصحية كالأفوكادو، والمكسرات تكون جيدة، فضلا عن تجنب الأطعمة والحلويات السكريت التي يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع في السكر، من جانب آخر فإننا ننصح مرضى السكري بممارسة أنشطة بدنية خفيفة كالمشي بعد الإفطار، وتجنب التمارين الشاقة أثناء ساعات الصيام. تغيير الجرعات والأدوية إذا كنت تستخدم الإنسولين أو أدوية أخرى مثل السلفونيل يوريا، فقد يوصي طبيبك بتعديل توقيت أو جرعة الأدوية لتجنب انخفاض مستوى السكر في الدم، فبعض الأدوية مثل DPP4-i، الميتفورمين، وGLP-1RA عادة لا تحتاج إلى تعديل الجرعة. أما بالنسبة للأشخاص الذين يتناولون أدوية SGLT-2i فيجب عليهم زيادة تناول الماء أو تغيير الدواء، إلى جانب مراقبة أعراض انخفاض السكر مثل الجوع الشديد، والارتجاف، والتعرق، والصداع، وخفقان القلب، والارتباك، في حين أن أعراض ارتفاع السكر تشمل العطش الشديد، والجوع، وكثرة التبول، والتعب، والارتباك، والغثيان أو القيء، وألم البطن. متى يجب أن يفطر مريض السكري؟ يقول د. إدوين رانتاراج: إذا كان مستوى السكر في الدم أقل من 70 ملغ/‏‏ ديسيلتر (أو 3.9 مليمول/ ‏‏لتر)، وإذا كان مستوى السكر في الدم أكثر من 300 ملغ/ ‏‏ديسيلتر (أو 16.6 مليمول/ ‏‏لتر)، أو إذا شعر المريض بأي أعراض لانخفاض السكر أو مرض طبي حاد، ففي هذه الحالات يجب على مريض السكري أن يفطر.