جاء إقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الحالية لمشروع تقدمت به مملكة البحرين، بالتعاون مع عدد من الدول الشقيقة والصديقة بشأن اعتماد 28 يناير من كل عام يوما دوليا للتعايش السلمي، بناء على مبادرة من مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي، كاعتراف دولي حقيقي بالشوط الكبير الذي قطعته المملكة في مجال التعايش والتسامح الديني بين الأديان. وتُعد البحرين نموذجا رائدا في هذا الشأن، إذ عززت قيادتها هذه القيم على مر العصور، وفي عهد ملك البلاد المعظم صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، شهدت المملكة نهضة كبيرة على صعيد ترسيخ مبادئ الانفتاح والتعددية الدينية، ما جعلها مركزا عالميا للحوار بين الأديان والتفاهم بين الشعوب. ومنذ تولي جلالته الحكم بالعام 1999، أولى جلالة الملك المعظم أهمية كبيرة لتعزيز التسامح والتعايش السلمي، مستندا إلى تاريخ البحرين العريق في الانفتاح والتعددية، وقد انعكس ذلك في العديد من المبادرات والقرارات التي عززت قيم التنوع والتسامح، وجعلت البحرين بيئة نموذجية في المنطقة. وكان من أبرز هذه الخطوات إطلاق “ميثاق العمل الوطني” في العام 2001، الذي أقره الشعب البحريني بنسبة كبيرة، ووضع أسسا متينة لاحترام الحريات الدينية والمعتقدات، وأكد المساواة بين جميع المواطنين بغض النظر عن الدين أو المذهب. كما أكد دستور المملكة حرية الدين والمعتقد، وضمن حق الجميع في ممارسة شعائرهم الدينية من دون تمييز، ما عزز التعايش بين المسلمين بمذاهبهم المختلفة، إلى جانب المسيحيين والهندوس واليهود وغيرهم من المكونات الدينية التي تعيش في البحرين بسلام. وتحت قيادة جلالة الملك المعظم، القريب دوما من المواطنين، تم إطلاق العديد من المبادرات الرائدة لتعزيز التعايش بين الأديان، ومن أبرزها “مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي”، الذي تأسس بالعام 2018 ليكون منصة دولية لنشر ثقافة التسامح، وتعزيز الحوار بين الأديان والثقافات المختلفة. كما تم إطلاق “إعلان مملكة البحرين”، الذي يهدف إلى نشر ثقافة التعددية الدينية ونبذ الكراهية والتطرف، وقد حظي بتقدير عالمي واسع، إذ يعكس التزام المملكة بقيم السلام والانفتاح على الآخر. وفي العام 2022، استضافت البحرين لقاء الأخوة الإنسانية، الذي جمع قيادات دينية بارزة، من بينها بابا الفاتيكان قداسة البابا فرنسيس، وشيخ الأزهر الشريف الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب، في حدث تاريخي يعكس مكانة البحرين كجسر للحوار بين الأديان. وتُعد البحرين واحدة من الدول القليلة في المنطقة التي تحتضن دور عبادة لمختلف الديانات، مثل المساجد والكنائس والمعابد الهندوسية والكنيس اليهودي في العاصمة المنامة، وبمسافة لا تتخطى الكيلومترين فقط، كما يتمتع المسيحيون والهندوس واليهود بحرية ممارسة شعائرهم الدينية، وهو ما يعكس البيئة المنفتحة التي رسّخها جلالة الملك المعظم، وترجع إلى أكثر من 200 عام من الانفتاح والتسامح الديني الاستثنائي في المنطقة ككل. وفي السنوات الأخيرة، قامت الحكومة بتجديد وترميم العديد من دور العبادة، مثل إعادة افتتاح الكنيس اليهودي في المنامة، ما يعكس التزام القيادة البحرينية بالحفاظ على التنوع الديني واحترام جميع الطوائف، ولم يقتصر دعم التسامح على المبادرات الرسمية، بل كان للمجتمع البحريني نفسه من كتّاب، ومثقفين، وساسة، ونواب، وغيرهم، دور كبير في ترسيخ هذه القيم عبر التفاعل اليومي بين مختلف المكونات الدينية والثقافية. وقد عززت المؤسسات المدنية والجمعيات الأهلية هذا النهج عبر أنشطة تدعم ثقافة الحوار والاحترام المتبادل. وفي ظل قيادة جلالة الملك المعظم، أصبحت جزيرة اللؤلؤ نموذجا عالميا يُحتذى به في مجال التسامح الديني والتعايش السلمي، فعبر السياسات الحكيمة والمبادرات الرائدة، استطاعت البحرين أن تجمع بين الأصالة والانفتاح، وأن تقدم للعالم رسالة سلام وتعددية تعكس القيم العربية النبيلة.