تعتزم البحرين لأول مرة السماح للأفراد بشراء أدوات الدين الحكومية بشكل مباشر، مثل الصكوك والسندات، في مشروع كبير من شأنه أن يفتح الباب على مصراعيه أمام الأفراد لتنمية مدخراتهم عبر قنوات مضمونة تشكّل بديلًا عن التوجه للإيداع في الحسابات المصرفية أو استخدام أدوات استثمارية أخرى.  وقد تزايد إقبال الأفراد مؤخرًا على الاستثمار في الصكوك والسندات الحكومية التي توفر عوائد ثابتة ومضمونة، إلا أن هذا كان يتطلب التوجّه إلى أحد البنوك أو الوسطاء، مما يؤدي إلى تكبد رسوم إضافية.  وكشف الشيخ خليفة بن إبراهيم آل خليفة، الرئيس التنفيذي لبورصة البحرين، أن البورصة تعمل على إطلاق منصة خاصة لتداول أدوات الدين العام المقبل، والتي ستتيح للمستثمرين شراء وبيع السندات والصكوك مباشرة دون الحاجة إلى وسيط.  وأوضح في لقاء مع “العربية” أن هذه المنصة تأتي استجابةً للإقبال الكبير من المستثمرين الأفراد على سوق الصكوك والسندات، والذي لوحظ منذ فتح السوق الأولية لهذه الأدوات في عام 2016. وأكد أن المنصة الجديدة ستسهم في تعزيز سيولة سوق الدين في البحرين، وتوفير فرص استثمارية أوسع للمستثمرين من مختلف الفئات.  وأضاف الشيخ خليفة أن إطلاق هذه المنصة يُعد خطوة متقدمة في تطوير البنية التحتية للأسواق المالية في المملكة، حيث ستوفر سهولة أكبر في التداول، وتساهم في تعزيز الشفافية والكفاءة في السوق. وأشار إلى أن السوق البحرينية شهدت، خلال السنوات الماضية، مشاركة متزايدة من المستثمرين الأفراد في سوق الدين، وهو ما يعكس ثقتهم في الاقتصاد الوطني، ويدفع البورصة إلى تقديم حلول جديدة تلبي احتياجاتهم.  وأشار إلى أن إطلاق هذه المنصة يأتي في إطار جهود البورصة لتعزيز كفاءة السوق المالية البحرينية وجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والدولية. كما أنها تعكس التزام البورصة بتطوير الأدوات المالية المتاحة للمستثمرين وتوسيع نطاق الفرص الاستثمارية في المملكة. وأكد أن المنصة ستوفر ميزات جديدة، مثل إمكانية تنفيذ عمليات التداول إلكترونيًّا، وتقليل التكاليف المرتبطة بالوساطة المالية، ما سيجعل الاستثمار في أدوات الدين أكثر سهولة ومرونة.  وفي سياق متصل، أوضح الشيخ خليفة أن بورصة البحرين تعمل على تعزيز تكاملها مع الأسواق الخليجية عبر عدة مبادرات، من بينها منصة “تبادل”، التي تم إطلاقها بالتعاون مع بورصتي أبوظبي ومسقط. وأكد أن هذه المنصة توفر للمستثمرين فرصة تنفيذ الصفقات محليًّا بدلًا من الحاجة إلى إدراج مزدوج “كروس ليستينغ”، مما يسهم في تسهيل عمليات الاستثمار بين الأسواق الخليجية وتعزيز الترابط المالي بينها. وأضاف أن البورصة تواصل جهودها لدعم الاقتصاد البحريني من خلال التركيز على القطاعات غير النفطية، التي تمثل 85 % من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، بينما يشكل القطاع النفطي 15 % فقط. وأوضح أن البورصة تسعى إلى استقطاب الشركات من قطاعات حيوية مثل اللوجستيات، التكنولوجيا المالية (الفنتك)، والسياحة، لدعم خطط الحكومة في تنويع الاقتصاد وتعزيز النمو المستدام.  كما أشار الرئيس التنفيذي إلى أن البورصة أطلقت خلال عام 2024 برامج تحفيزية لتعزيز التداول، كان من أبرزها استقطاب ثلاثة صناع سوق جدد، إلى جانب برامج لدعم الشركات الراغبة في الإدراج وزيادة السيولة في السوق. ولفت إلى أن البحرين تسعى إلى تعزيز مشاركة المستثمرين الأفراد في السوق المالية، حيث تتميز بورصتها بارتفاع نسبة المستثمرين المؤسسيين مقارنة بالأفراد، وتعمل البورصة على تحقيق توازن أكبر بين الفئتين. وفيما يتعلق بممارسات الحوكمة والاستدامة، كشف الشيخ خليفة أن 40 % من الشركات المدرجة في بورصة البحرين تلتزم بمعايير الإفصاح البيئي والاجتماعي والحوكمة (ESG) دون أن يكون ذلك إلزاميًّا، وهو ما يعكس التزام الشركات البحرينية بتطبيق معايير الشفافية والاستدامة بشكل طوعي.