أكد الدكتور عبدالعزيز بن عثمان بن صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث، أن المملكة العربية السعودية تنتهج سياسة خارجية ديناميكية قائمة على تعددية الشراكات الاستراتيجية، بما يعزز استقلالية القرار الوطني ويحد من الاعتماد على القوى التقليدية المهيمنة. وأضاف أن هذا التوجه يعكس فهماً عميقاً لتعقيدات النظام الدولي، حيث تسعى المملكة إلى بناء شراكات استراتيجية مع القوى الكبرى مثل الصين وروسيا، إلى جانب تعزيز التعاون مع الأسواق الناشئة.
وأشاد الدكتور عبدالعزيز بن صقر، في مقال تحت عنوان "دبلوماسية السعودية والنظام العالمي المتغير" نشر في مجلة "المجلة"، بالتحولات الاستراتيجية التي تشهدها المملكة بقيادة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، والتي تركز على تقليل الاعتماد على النفط، وتعزيز التكامل الاقتصادي العالمي، وبناء اقتصاد متنوع قادر على التكيف مع التحولات الدولية. وأوضح أن رؤية المملكة 2030 تمثل الإطار الأساسي لهذه الاستراتيجية، التي تعتمد على الاستثمار في البنية التحتية، ودعم الابتكار، واستقطاب الاستثمارات، والانخراط الفاعل في التحولات العالمية في قطاع الطاقة.
ونوّه الدكتور بالدور الفاعل للمملكة في الوساطات الدولية، مشيراً إلى جهودها في خفض التصعيد الإقليمي، خاصة في اليمن والسودان، حيث عملت المملكة على تحقيق حلول مستدامة تعزز الأمن والاستقرار في المنطقة.
وأكد أن الجهود السعودية في هذا الإطار تعكس مقاربة براغماتية تهدف إلى تحقيق توازن دقيق بين الدبلوماسية ومتطلبات الأمن الوطني، مما يعزز من موقع المملكة كطرف محوري في صياغة الحلول الدبلوماسية في النزاعات الإقليمية والدولية.
وأكد أن القضية الفلسطينية تظل أولوية رئيسة للمملكة، حيث ترى الرياض في أزمة غزة تأكيداً على الحاجة الملحة إلى ترسيخ النظام الدولي القائم على القواعد، والالتزام بالقانون الدولي. وشدد على أن المملكة متمسكة بحل الدولتين كخيار أساسي لتحقيق السلام العادل والمستدام، مشيراً إلى أن الرياض تقود جهوداً دبلوماسية دولية واسعة لدعم حقوق الشعب الفلسطيني، وتعزيز الإجماع الدولي حول ضرورة إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وأضاف الدكتور عبدالعزيز بن صقر أن المملكة تواصل ترسيخ موقعها كقوة فاعلة في تعزيز الأمن الإقليمي، واضعة نصب أعينها بناء منظومة أمنية شاملة تتجاوز الحسابات الضيقة، وتؤسس لتعاون فعال يعزز استقرار المنطقة ويخدم مصالحها المشتركة. وأوضح أن السياسة الخارجية السعودية تقوم على مبدأ عدم الانحياز وتعزيز الحوار كوسيلة رئيسة لحل النزاعات، مما يعكس التزام المملكة بالعمل على تحقيق الاستقرار العالمي من خلال مقاربات دبلوماسية فعالة ومستدامة.
وفي الختام، أكد أن المملكة مستمرة في تبني نهج متوازن في السياسة الخارجية، يجمع بين المرونة الاستراتيجية وتعزيز الشراكات وترسيخ الأمن الإقليمي، بما يضمن حماية مصالحها الوطنية وتعزيز مكانتها العالمية في ظل عالم يشهد تغيرات متسارعة.