الطوابع وسيلة تعليمية وسفير يدخل البلدان دون تأشيرة
الطوابع التي تحتوي أخطاء مطبعية أو معلوماتية أغلى لأنها نادرة
الطوابع تعبر عن ثقافة وهوية الدولة
الأقدمية ليست المعيار الوحيد لارتفاع سعر الطابع
يجب دراسة تاريخ الطوابع بالمدارس لتعريف الطلاب بهويتها
قال الرئيس السابق لجمعية البحرين لهواة الطوابع والنائب الحالي محمد جناحي، إن البحرين أكملت 100 عام على إصدار أول طابع مالي في العام 1924، مشيرًا إلى أنها كانت الدولة الأولى في الخليج في هذا المجال.
وأضاف جناحي في حديثه لـ “البلاد”، أن الطوابع تعبر عن ثقافة وهوية الدولة، وأنها وسيلة تعليمية وسفير يدخل البلدان بدون تأشيرة، مؤكدًا أهمية دراسة تاريخ الطوابع في المدارس لتعريف الطلاب بهويتها وأثرها في التاريخ البحريني.
كم قضيت من الوقت في هواية جمع الطوابع؟
بدأت هذه الهواية وأنا في الخامسة عشرة من عمري، أي قبل خمسة وأربعين عامًا. كنت عندما أزور سوق المنامة مع والدي، رحمه الله، أعجب بالطوابع وأشكالها وألوانها على واجهة الظروف والرسائل المرمية هنا وهناك. فبدأت بتجميعها حتى أصبحت هواية أحبها، وفي 3 أبريل 1980 انضممت إلى جمعية البحرين لهواة الطوابع.
قرأت مقابلة مع د. عبداللطيف كانو في إحدى الصحف بشأن عقد أول اجتماع لهواة الطوابع بفندق الخليج. ذهبت للقائهم، ورحبوا بي، على الرغم من أنني كنت الأصغر سنًّا. ومع مرور الوقت، بدأوا يعلموني جمالية هذه الهواية وأسرارها. وبدأت بتجميع الطوابع من جميع الدول العربية والأجنبية.
وكان المرحوم ميرزا آل شريف أستاذًا لنا، وقد نصحني أن أركّز على مجال معين بدلًا من جمع الطوابع بشكل عشوائي، قائلًا “هذه الهواية تحتاج إلى مال وصبر، ابدأ بجمع طوابع البحرين”، وهو ما فعلته بالفعل. كنت أشتري الطوابع من المعارض وغيرها، وكانت الأسعار مرتفعة. الآن، لدي ظروف تحمل طوابع تعود إلى العام 1884. وكان أول مكتب بريد في البحرين قد افتتح في العام 1884.
وبدأت بعدها في جمع طوابع دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى الطوابع النادرة من بريطانيا وأميركا وأوروبا وآسيا، التي كانت صعبة المنال.
ما هي أصناف الطوابع التي يقوم الهواة بتجميعها؟
هناك نوعان من الطوابع: الطوابع البريدية التي تباع في مكاتب البريد، والطوابع المالية التي أصدرتها البحرين كأول دولة خليجية في العام 1924، في عهد المغفور له سمو الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة. لدي عدد من هذه الطوابع، بالإضافة إلى طوابع “البروفات” التي لم تُعتمد، وهي من النوادر التي يصعب الحصول عليها.
ما أهم المجموعات التي تمتلكها؟
أمتلك مجموعات متنوعة، من أبرزها المجموعة المالية التي تضم الطوابع التي كانت تُصدر من الوزارات والجهات الحكومية لسداد رسوم الخدمات مثل المحاكم، التأشيرات، ورسوم العمل وغيرها. وقد ألغيت هذه الخدمة حاليًّا بعد تحويل تحصيل الرسوم إلى النظام الإلكتروني. ومن الجدير بالذكر أننا احتفلنا أخيرًا بمرور مئة عام على إصدار الطوابع المالية في البحرين، إذ كان الإصدار الأول في العام 1924.
هل هناك سوق لهذه الطوابع الآن؟
بالطبع، هناك سوق لها ليس فقط في الخليج بل أيضًا على مستوى عالمي، حيث تتميز الطوابع بحجمها وألوانها، ولدي مجموعة من الطوابع التي تعود إلى العام 1924، مثل طابع “أربعانات” (ربع المئة فلس) الذي تتفاوت أسعاره إلى “ثمان آنات”، “روبية”، “خمس روبيات”، و “عشر روبيات”. وتحمل هذه الطوابع رسومات مستوحاة من البيئة البحرينية مثل النخيل، البحر، الماشية، السفن، والجمال. على سبيل المثال، كان طابع “المئة روبية” يشتري دولارًا في ذلك الوقت، وكان يُستخدم على وثائق مالية مختلفة. وقد تم تصميم هذه الطوابع من قبل شخص إنجليزي اختار ملامح بحرينية مميزة مثل الألعاب الشعبية، “عذاري”، والصقر، وهي من الملامح التي ما تزال تحظى بإعجاب الأجانب.
ما الممتع في هذه الهواية؟
الطوابع تجمع بين الفن والثقافة والادخار. الفن يكمن في التصميم الدقيق للطوابع الذي يتم باستخدام ريشات صغيرة جدًّا، إذ يتم تصغير اللوحة وتضاف إليها فنون الخط واللون والطباعة. كما أنها تعكس الثقافة الوطنية والهوية في مرحلة زمنية معينة، سواء كانت سياسية أو ثقافية، وتحتفل بمناسبات مهمة. الطابع يعد وسيلة تعليمية رائعة وسفيرًا يدخل كل بلد دون تأشيرة، كما أنه يمثل الدولة وحاكمها. أعتقد أنه يجب تعليم الطلاب في المدارس أهمية الطوابع وأثرها في التاريخ البحريني.
أما فيما يخص الادخار، فيُعد شراء الطوابع استثمارًا، إذ يكون الشراء في البداية ميسّرًا بسبب توفر الطوابع، لكن مع مرور الوقت وندرتها، تزداد قيمتها بشكل كبير.
ماذا عن الطوابع التي تحتوي أخطاء مطبعية أو معلوماتية وتُسحب من الأسواق؟
تعد الطوابع التي تحتوي أخطاء مطبعية أو معلوماتية أغلى لأنها تصبح نادرة. على سبيل المثال، هناك ثلاثة طوابع إماراتية صدرت في العام 1974 وكان بها خطأ في الترجمة، وتم سحبها من الأسواق. كنت أمتلك بعضها بسعر لا يتجاوز 250 فلسًا للواحدة، ولكن سعرها الآن يصل إلى 800 دينار. وللعلم، فإن الأوروبيين يمتهنون هذه الهواية منذ وقت طويل، وقد باعوا لنا العديد من هذه الطوابع بأسعار مرتفعة، إذ كانوا يشترونها منا بأسعار منخفضة ثم يعيدون بيعها لنا بأسعار مرتفعة جدًّا.
هل أقدمية الطابع معيار أساس في ارتفاع سعره؟
لا، فالأقدمية ليست المعيار الوحيد لارتفاع سعر الطابع. على سبيل المثال، لدي أقدم طابع في العالم (البلاك بيني) الذي يرجع إلى العام 1840، ومع ذلك، هناك مجموعات إماراتية وعمانية تتفوق أسعار مجموعاتها على هذا الطابع. الطوابع هي وسيلة لتوثيق مراحل زمنية مختلفة وتحفظ التاريخ. على سبيل المثال، لدي طوابع صادرة في العام 1961، في الفترة التي تلت حكم المغفور له صاحب السمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة طيب الله ثراه، وقبل تولي صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه للحكم. الطابعان اللذان صدرا في هذه الفترة كانا يحملان صورًا للنخيل، لكنهما يختلفان في جوانب عدة، أبرزها أن الطابع الأول الذي أصدر في 1961 كان بالروبية، بينما الطابع الذي أصدر في 1966 كان بالدينار.
هل ما زال لهذه الهواية من يهتم بها؟
نعم، قل عدد المهتمين بهذه الهواية في الآونة الأخيرة، ويرجع ذلك إلى إلغاء خدمة الطوابع وتطور الإنترنت والخدمات الحديثة. كما أن البريد نفسه لم يعد يستخدم الطوابع بالشكل التقليدي نفسه الذي كانت عليه في السابق.