الذكاء الاصطناعي يحسن الكفاءة القضائية وتقليل التكاليف
استخدام برامج الذكاء الاصطناعي لبعض الإجراءات القضائية البسيطة
استعراض السوابق القضائية بشكل أسرع وأكثر دقة
تحليل البيانات القضائية الكبيرة التي تحتوي على السوابق القضائية
مخاوف من مستوى شفافية القضاء بسبب الاعتماد على خوارزميات منحازة
في عالمنا المعاصر تزداد الابتكارات التكنولوجية بشكل سريع مما يؤدي إلى تحولات كبيرة في مختلف القطاعات ومن بين هذه التحولات يبرز الذكاء الاصطناعي كأحد أكبر القوى المحركة لهذه التغيرات لا سيما في القطاع القانوني يشهد العالم كله تطورًا سريعًا في استخدام الذكاء الاصطناعي داخل أنظمة القضاء والمحاماة، حيث يمكن لهذه التقنيات أن تُحدث تأثيرات إيجابية من جهة بينما تثير من جهة أخرى العديد من التساؤلات القانونية والأخلاقية.
سوف نتناول في هذا المقال التحديات القانونية والفرص الاقتصادية التي يوفرها الذكاء الاصطناعي في مجال القضاء والمحاماة مع تسليط الضوء على التجارب الخليجية والمصرية في هذا المجال كما سنعرض رؤيتنا القانونية حول استخدام هذه التكنولوجيا في هذا السياق.
الذكاء الاصطناعي في القضاء - تغييرات جذرية في أنظمة العدالة أدى الذكاء الاصطناعي إلى تغيرات ملحوظة في النظام القضائي العالمي مما ساعد في تحسين الكفاءة القضائية وتقليل التكاليف إذ تم إدخال عدة تطبيقات على مستوى القضاء في العديد من الدول التي تساهم في تسريع الإجراءات القانونية وتقليل الأخطاء البشرية.
1. أتمتة الإجراءات القضائية: في العديد من الدول أصبح من الممكن استخدام برامج الذكاء الاصطناعي لإجراء بعض الإجراءات القضائية البسيطة مثل توزيع القضايا بين القضاة وجدولة الجلسات ومراجعة الوثائق القانونية.
2. تحليل البيانات القانونية: يُستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات القضائية الكبيرة التي تحتوي على السوابق القضائية و النصوص القانونية وتتيح هذه الأنظمة استخراج الأنماط القانونية التي قد يصعب على القاضي أو المحامي ملاحظتها في دول مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بدأ استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لدعم قرارات القضاة في الحالات المعقدة، من خلال تقديم رؤى وتنبؤات تعتمد على البيانات التاريخية.
3. دور الذكاء الاصطناعي في دعم قرارات القضاة: يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقدم مساعدات ضرورية للقضاة من خلال استعراض السوابق القضائية بشكل أسرع وأكثر دقة على سبيل المثال في قضايا معقدة يساعد الذكاء الاصطناعي في تحليل المعلومات المتعلقة بالقضية واستخلاص الأنماط من القضايا السابقة التي قد تكون مشابهة.
الذكاء الاصطناعي في المحاماة - الثورة الرقمية في تقديم الخدمات القانونية في مجال المحاماة يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُحدث تحولًا جذريًّا في كيفية تقديم الخدمات القانونية بدءًا من البحث القانوني إلى مراجعة العقود، إذ يُساعد الذكاء الاصطناعي المحامين في تسريع إجراءات التحليل مما يوفر لهم الوقت والجهد.
1. أتمتة البحث القانوني: يتم الآن استخدام الذكاء الاصطناعي في البحث عن السوابق القضائية وتحليل الوثائق القانونية فبرامج مثل ROSS Intelligence و Kira Systems تُتيح للمحامين إجراء بحث قانوني سريع ودقيق مما يساهم في تسريع الإجراءات وتقليل تكاليف الاستشارات القانونية وفي بعض الحالات يمكن لهذه الأنظمة تحليل مئات الوثائق في دقائق معدودة.
2. مراجعة العقود: يُستخدم الذكاء الاصطناعي في مراجعة العقود من خلال تحديد الثغرات القانونية أو البنود الغامضة هذه الأدوات تقدم تقارير تفصيلية للمحامين حول المخاطر المحتملة في العقود، مما يعزّز من الكفاءة و الدقة في هذه العملية.
3. الاستشارات القانونية الأولية: تقدم بعض الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا القانونية خدمات استشارات قانونية بسيطة أونلاين عبر برامج الذكاء الاصطناعي هذه الأنظمة توفر للمواطنين إجابات فورية على استفساراتهم القانونية البسيطة دون الحاجة لاستشارة محامٍ.
التحديات القانونية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي في القضاء والمحاماة رغم الفوائد العديدة للذكاء الاصطناعي إلا أن استخدامه في القضاء والمحاماة يثير تحديات قانونية وأخلاقية مهمة من أبرز هذه التحديات : 1. المسؤولية القانونية: في حالة حدوث خطأ أثناء استخدام الذكاء الاصطناعي في القضاء أو المحاماة يصبح من الصعب تحديد المسؤولية القانونية هل تكون الشركة المنتجة للبرنامج مسؤولة؟ أم أن المسؤولية تقع على القاضي أو المحامي الذي اعتمد على الأداة؟ هذه الأسئلة القانونية تفتح المجال أمام ضرورة وضع إطار قانوني يعالج هذه المشكلات.
2. التحيز في الذكاء الاصطناعي: قد تحتوي خوارزميات الذكاء الاصطناعي على تحيزات في حال تم تدريبها على بيانات مشوهة وقد يؤدي هذا إلى قرارات غير عادلة أو تمييز ضد بعض الأفراد أو الجماعات لذلك يجب أن يتم تطوير خوارزميات الذكاء الاصطناعي بشكل دقيق لضمان أن تكون غير منحازة.
3. الشفافية في اتخاذ القرارات: بما أن الذكاء الاصطناعي يعتمد على خوارزميات معقدة قد يصعب فهم كيفية وصول النظام إلى قرار معين هذا يثير مخاوف حول الشفافية في اتخاذ القرارات وقد يتسبب في فقدان الثقة في العدالة القانونية.
4. الأخلاقيات القانونية: تتعلق القضايا الأخلاقية باستخدام الذكاء الاصطناعي في اتخاذ قرارات إنسانية معقدة مثل تلك التي تتعلق بالعفو أو الظروف المخففة للعقوبة هل يجب أن يعتمد الذكاء الاصطناعي على اعتبارات أخلاقية؟ أم يجب أن يقتصر على التحليل البياني الصارم؟ تأثير الذكاء الاصطناعي اقتصاديًا في القضاء والمحاماة يجب النظر إلى الذكاء الاصطناعي ليس فقط من زاوية القانونية بل أيضًا من الجانب الاقتصادي تأثير الذكاء الاصطناعي على الاقتصاد قد يكون عميقًا لا سيما في مجال القضاء و المحاماة.
1. خفض التكاليف: الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد في تقليل التكاليف المرتبطة بإجراءات المحاكم من خلال أتمتة البحث القانوني وإعداد الوثائق يمكن توفير الكثير من الوقت والجهد البشري مما يجعل الخدمات القانونية أكثر توفراً وأقل تكلفة.
2. زيادة الإنتاجية: يمكن لبرامج الذكاء الاصطناعي أن تزيد من الإنتاجية داخل مكاتب المحاماة من خلال تسريع التحليل القانوني ومراجعة الوثائق مما يسمح للمحامين بالتركيز على القضايا الأكثر تعقيدًا ويعزّز الربحية.
3. توسيع الأسواق: يمكن للذكاء الاصطناعي أن يفتح أسواقًا جديدة لخدمات القانون عبر الإنترنت ويتيح للأفراد الوصول إلى الخدمات القانونية بسهولة أكبر وبأسعار معقولة مما يساهم في زيادة الانتشار وتعزيز الوصول إلى العدالة.
التجربة الخليجية والمصرية في استخدام الذكاء الاصطناعي في القضاء والمحاماة في البحرين البحرين تعتبر من الدول الرائدة في استخدام التكنولوجيا الحديثة في القضاء. النظام القضائي الرقمي في البحرين يتيح للقضاة والمحامين إدخال البيانات بسرعة، مما يعزّز من سرعة الإجراءات وتقليل التكاليف. كما يُستخدم الذكاء الاصطناعي في تحليل القرارات القضائية السابقة وتقديم التوصيات للقضاة استنادًا إلى البيانات المتاحة.
الإمارات والسعودية بدأت في تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل تدريجي في أنظمتها القضائية على سبيل المثال في الإمارات العربية المتحدة تم إطلاق نظام الذكاء الاصطناعي الذي يساعد القضاة في الوصول إلى السوابق القضائية بشكل أسرع كما ساهمت التقنيات في تحسين الإجراءات القضائية وتقليل الفترات الزمنية في التقاضي. (اقرأ المقال كاملًا بالموقع الإلكتروني)
في قطر تم إدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل تدريجي في النظام القضائي بهدف تحسين الكفاءة وتقليل البيروقراطية أحد المشاريع البارزة هو محكمة قطر الرقمية التي تهدف إلى تسريع الإجراءات القضائية من خلال أتمتة العديد من العمليات مثل توزيع القضايا و جدولة الجلسات بالإضافة إلى ذلك يُستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل السوابق القضائية والبيانات القانونية مما يساعد القضاة على اتخاذ قرارات أكثر دقة.
في الكويت على الرغم من أن استخدام الذكاء الاصطناعي في القضاء لا يزال في مراحله المبكرة إلا أن الحكومة بدأت في تبني بعض التقنيات الحديثة لتحسين النظام القضائي إذ إن وزارة العدل في الكويت تعمل على رقمنة الإجراءات القضائية من خلال نظم إلكترونية تساعد في إدارة القضايا بشكل أسرع وأكثر دقة كما يتم استخدام الذكاء الاصطناعي في البحث القانوني ومراجعة الوثائق القانونية مما يقلل من الأخطاء البشرية ويسهم في تسريع الإجراءات القانونية.
الذكاء الاصطناعي في المحاماة - الثورة الرقمية في تقديم الخدمات القانونية قطر والكويت والبحرين: استخدام الذكاء الاصطناعي في المحاماة في جميع هذه الدول الخليجية، بدأت مكاتب المحاماة في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في البحث القانوني ومراجعة العقود مما يتيح للمهنيين القانونيين الوصول إلى السوابق القضائية بسرعة أكبر مما يعزز من قدرتهم على تقديم استشارات قانونية دقيقة في وقت أسرع كما تساهم تقنيات الذكاء الاصطناعي في أتمتة الكثير من المهام الروتينية مثل إعداد الوثائق و مراجعة النصوص القانونية مما يسمح للمحامين بالتركيز على القضايا الأكثر تعقيدًا.
التطبيقات الاقتصادية للذكاء الاصطناعي في المحاماة إدخال الذكاء الاصطناعي في مجال المحاماة له تأثيرات اقتصادية كبيرة من خلال تقليل التكاليف المرتبطة بـالبحث القانوني ومراجعة الوثائق مما يوفر موارد مالية ووقتًا إضافيًّا هذا النوع من التطور يسمح بتوسيع الوصول إلى الخدمات القانونية ويزيد من ربحية مكاتب المحاماة التي تعتمد على هذه التقنيات بشكل فعّال.
التجربة المصرية في مصر يُتوقع أن يحدث الذكاء الاصطناعي تحولًا في النظام القضائي حيث بدأت الحكومة في تنفيذ مشروعات رقمية تهدف إلى تسريع إجراءات التقاضي وتحسين مستوى الخدمات القانونية المقدمة للمواطنين يتم في الوقت الحالي دراسة سبل إدخال الذكاء الاصطناعي في المحاكم المصرية خصوصًا في مجالات مثل البحث القانوني وإدارة القضايا.
رؤية قانونية رغم التحديات التي يطرحها الذكاء الاصطناعي إلا أنه لا يمكن استبدال القاضي أو المحامي تماما بهذه التقنيات فالمهن القانونية تعتمد بشكل أساسي على الاستنتاج البشري والفهم العميق للمواقف الإنسانية والذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة مساعدة تسهم في تحسين الكفاءة و تقليل التكاليف لكن القرارات النهائية يجب أن تظل بيد الإنسان الذي يمتلك القدرة على التعامل مع الظروف الاجتماعية والإنسانية التي يصعب على الذكاء الاصطناعي إدراكها.
خاتمًا أن الذكاء الاصطناعي في القضاء والمحاماة يقدم فرصا كبيرة لتطوير النظام القضائي وتحسين الخدمات القانونية ومع ذلك لا يمكن تجاهل التحديات القانونية والأخلاقية التي قد تطرأ نتيجة استخدام هذه التقنيات إذا تم استخدامها بشكل سليم وبحذر فإنها ستكون أداة قوية لتحسين الكفاءة و توسيع الوصول إلى العدالة.
مستشار مصري مقيم في عُمان