لدينا حضور رسمي في البحرين منذ 2018والبلد نموذج إقليمي في مكافحة الاتجار بالبشر وحماية المهاجرين
هجرة العمالة ظاهرة معقدة لكن في البحرين بيئة تشريعية قوية مُصممة لحماية العمال الوافدين
انفتاح البحرين “ديناميكي وتنافسي” للتنوع ويعزز مجتمعا متناغما وحيويا
لعل السؤال الأول الذي يطرأ على البال بالنسبة للكثيرين هو: ما دور بعثة البحرين التابعة للمنظمة الدولية للهجرة؟، فهذه المنظمة التي تأسست عام 1951، هي “وكالة” تابعة للأمم المتحدة، ولديها 175 دولة عضوا ومكاتب في 172 دولة، وجميعها مُكرَّسة لتعزيز الهجرة الإنسانية والمنظمة بما يعود بالنفع على الجميع.
وفق ذلك، تتعاون المنظمة مع شركاء حكوميين وحكوميين دوليين وغير حكوميين لتحسين قدرة الأشخاص المُتنقِّلين على الصمود، وخاصةً أولئك الذين يعيشون في أوضاع هشة، كما تعمل بشكل وثيق مع الحكومات لإدارة جميع أشكال التنقل وآثارها، بما في ذلك العمليات في بعضٍ من أكثر حالات الطوارئ تعقيدًا في العالم، وتسعى مع الحكومات للمساعدة في الاستفادة من المساهمات الإيجابية التي يُقدِّمها المهاجرون والتخفيف من أي تحديات، سواء أولئك الذين ينتقلون بعيدًا عن مكان إقامتهم المعتاد، سواء داخل بلد أو عبر حدود دولية، مؤقتًا أو دائمًا، ولأسباب متنوعة، وفي حوارنا مع رئيسة بعثة المنظمة في البحرين عائشة شريف تفاصيل كثيرة:
نهج شامل لإدارة الهجرة
تتواجد البعثة في البحرين منذ 7 سنوات، هل من الممكن أن نتعرف بشكل موجز على مهمتها؟
-لدى المنظمة الدولية للهجرة حضور رسمي في مملكة البحرين منذ عام 2018، والبحرين تُعد نموذجًا يُحتذى به في مكافحة الاتجار بالبشر وحماية العمال المهاجرين، ولها شراكات بارزة مثل شراكتها مع هيئة تنظيم سوق العمل والعديد من المجالات والبرامج الرائدة لتعزيز المجالات المتعلقة بمكافحة الاتجار بالبشر، والعمل على تمكين مجتمعات المهاجرين، ودعم صحة المهاجرين، بما في ذلك الصحة النفسية، علاوةً على تقديم الدعم الفني لفئات معينة، مثل عاملات المنازل، على سبيل المثال، بالإضافة إلى العديد من الدورات التدريبية المتخصصة المتعلقة بتعزيز وحماية العمال المهاجرين.
تحتضن البحرين عددًا كبيرًا ومتنوعًا من المهاجرين القادمين من جميع أنحاء العالم، ونأمل في مواصلة عملنا في المملكة لمعرفة أين يمكن للمنظمة الدولية للهجرة أن تضيف قيمة، وكيف يمكننا اتباع نهج شامل لإدارة الهجرة؟ حيث يمكننا بناء جسور التواصل بين المهاجرين وقادة مجتمعاتهم والحكومة والشركات.
لكن يبدو أن للمنظمة جهودا على مستوى المنطقة أليس كذلك؟
-في هذه المنطقة، وبالتحديد في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تستجيب المنظمة للعديد من الأزمات الحادة، بما في ذلك الصراعات وتغير المناخ والكوارث الطبيعية التي أدت إلى نزوح ملايين الأشخاص، وفي جميع أنحاء المنطقة، نعمل مع الحكومات والشركاء الآخرين لتقديم الدعم وتعزيز التعاون في مختلف المواضيع بما يتماشى مع أولويات الحكومات وأولويات وأهداف المنظمة، بهدف تعظيم فوائد الهجرة وأن تكون محركًا للتنمية التي تخدم المجتمعات المحلية والمهاجرين.
منهجية وشريك موثوق
إذن، من خلال لقاءاتكم مع المسؤولين، كيف وجدتم التعاون لدعم جهود المنظمة؟ ما أهم القضايا التي تهم عملكم في البحرين؟
-أشعر بفخر واعتزاز كبيرين لخدمتي في البحرين، وقد تشرفتُ بتقديم أوراق اعتمادي في ديسمبر 2024 لمعالي وزير الخارجية الدكتور الزياني، وقد ألهمني الترحيب الحار والمناقشات المثمرة التي أجريتها مع الوزراء والسفراء والسلطة القضائية والقطاع الخاص والمهاجرين أنفسهم وغيرهم الكثير، يجمع كل ارتباطاتي نهجٌ أصيلٌ وهادفٌ لحماية العمال المهاجرين، وقد حفزني هذا كثيرًا، وزودني وزملاءنا في المنظمة بمعلوماتٍ قيّمة حول كيفية تطوير منهجياتنا لدعم مختلف الشركاء، ونأمل أن نستمر في كوننا شريكًا موثوقًا به.
وكيف وجدتم أوضاع المهاجرين؟
-أُشيد بحكومة البحرين، ولا سيما شريكنا الرئيس، هيئة تنظيم سوق العمل على جهودها في حماية العمال المهاجرين، ولا سيما أهمية مركز حماية الوافدين، ونُقدّر شراكتنا مع الهيئة، كما عملنا مع وزارتي العمل والداخلية في العديد من المبادرات الناجحة، وتُعدّ البحرين نموذجًا إقليميًا في بعض المناهج المتعلقة بحماية العمال المهاجرين، ومكافحة الاتجار بالبشر، وغيرها الكثير، ورغم أن البحرين تتمتع ببيئة تشريعية قوية مُصممة لحماية العمال الوافدين، إلا أن من المهم الإشارة إلى أن هجرة العمالة ظاهرة مُعقدة، وقد تنبع مواطن الضعف أحيانًا من بلدان المنشأ، مثل ممارسات التوظيف غير الأخلاقية، ويتمثل دورنا في العمل مع جميع الجهات المعنية لضمان أن تكون الهجرة مُربحة للجميع.
تقييم تنفيذ الاتفاق العالمي
تأسيسا على ما ذكرتم، ما هي آلية تبادل الخبرات بين المنظمة والجهات المعنية في الدولة؟
-على المستوى العالمي، تشارك المنظمة الدولية للهجرة في مجموعة واسعة من العمليات الحكومية الدولية ذات الصلة بالهجرة وتدعمها، وبصفتها منسقة شبكة الأمم المتحدة للهجرة، تلعب المنظمة دورًا محوريًا في دعم الدول الأعضاء لتقييم التقدم المحرز في تنفيذ الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية، كما تقدم المنظمة الدولية للهجرة الخبرة والدعم في مجالات مثل صنع السياسات، وبناء القدرات والبحوث والتنسيق المشترك والتعاون في المشروعات.
بالإضافة إلى ذلك، تتعاون المنظمة مع الدول في تبادل المعلومات وحوارات السياسات على المستويات العالمية والإقليمية لتوفير الخبرة الفنية، والتوجيه السياسي، ودعم بناء القدرات، وتعزيز التعاون في مجال الهجرة، كما تعزز المنظمة الدولية للهجرة الشراكات لضمان استدامة سياسات الهجرة وفعاليتها وقدرتها على الاستجابة للاحتياجات الفريدة لمختلف المجتمعات، بالتعاون مع مجموعة من الجهات الحكومية المحلية والإقليمية، ومن خلال التعاون مع المنظمة، تُتاح فرصٌ هامة لبناء القدرات في مجالات رئيسة، وفي حالة البحرين، لمشاركة أفضل الممارسات البحرينية مع العالم. إلى جانب الجهات الحكومية المختلفة، من المهم إبراز أهمية الشراكات والحوار بين المجتمعات والسلطات، كما يتضح من برنامج “العمل معًا” الذي أطلقته هيئة تنظيم سوق العمل، كما أن هناك العديد من المنظمات والجهات الفاعلة المجتمعية التي تقوم بعملٍ رائع على أرض الواقع.
تقدير دولي للبحرين
تسعى البحرين إلى التميز في مجال دعم جهودكم في مكافحة الاتجار بالبشر وحماية حقوق العمال المهاجرين. كيف تُقيّمون هذه الجهود؟
- حظيت البحرين بتقدير دولي لعملها في مجال مكافحة الاتجار بالبشر على مدار السنوات السبع الماضية على التوالي، مما جعلها رائدة عالميًا وإقليميًا في هذا المجال، وقد لعب المركز الإقليمي للتميز في مكافحة الاتجار بالبشر دورا مهما، وعملت المنظمة بشكل وثيق مع هيئة تنظيم سوق العمل وغيرها من الجهات في هذا المجال، وتتفوق البحرين بالفعل في رؤيتها الرامية إلى بناء مجتمع يُمكّن من اتباع نهج قائم على الحقوق في مجال حقوق العمال المهاجرين، سواء من خلال آليات تصاريح العمل المرنة، أو قضايا استغلال المهاجرين، وغير ذلك الكثير.
ويتمثل دور المنظمة الدولية للهجرة في تقديم الدعم الفني، وتعزيز الحوار والمشاورات حول إدارة الهجرة، وإجراء دورات تدريبية متخصصة، ومشاركة ممارسات مملكة البحرين مع الدول الأخرى أيضًا. وتُعدّ هذه الجهود جزءًا من التزام المنظمة الدولية للهجرة بتعزيز الهجرة الإنسانية والمنظمة لصالح المهاجرين والمجتمع.
الاستقرار والتماسك الاجتماعي
ختاما، إلى أي مدى وجدتم أثر قيم التسامح والتعايش السلمي في المجتمع البحريني؟
- اسمحوا لي أن أهنئ قيادة مملكة البحرين، والرؤية الثاقبة لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المعظم، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء وجميع القيادات الحكومية على هذه القيم الإنسانية النبيلة التي يتسم بها المجتمع البحريني، تأتي هذه المقابلة في وقتها المناسب، إذ تأتي بعد أيام قليلة من اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم العالمي للتعايش السلمي، تتويجًا لعقود من الدبلوماسية والتفاني في سبيل التعايش السلمي.. في الواقع، يلعب مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي دورا مهما في تعزيز قيم التسامح والاحترام والتعايش السلمي.
وتتجلى هذه القيم على أرض الواقع، حيث إن أكثر من نصف السكان من المغتربين الذين يساهمون في بناء الشركات البحرينية وتنمية الاقتصاد وتعليم الأطفال في المدارس ورعاية المرضى في المستشفيات، تعكس البيئة العمرانية هذا التنوع أيضًا، حيث تحتفل عشرات الكنائس والمعابد والمساجد والمجتمعات المحلية بأعيادها الخاصة وتحترم تقاليد بعضها البعض.
وعندما يُرحَّب بالمهاجرين ويُدمجون في المجتمع بتسامح واحترام، فإن ذلك يُعزز الاستقرار والتماسك الاجتماعيين، وهذا يُقلل من التوترات والصراعات، ويخلق بيئة متناغمة حيث يمكن للمجتمعات المتنوعة أن تزدهر معا، وبفضل الفرص التي تُتيحها البحرين، يُمكن للمغتربين دعم أسرهم ومجتمعاتهم في أوطانهم في آسيا وأفريقيا ومناطق أخرى، يتسم نهج البحرين تجاه الهجرة بالشمولية ويوفر بيئة داعمة للمهاجرين، مما يضمن حقوقهم ويُسهِّل اندماجهم في المجتمع، وغالبًا ما يجلب المهاجرون مهارات ومعارف قيّمة وتنوعًا ثقافيًا إلى بلدانهم المضيفة، ويمكن لمساهماتهم أن تُعزز النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية مما يؤدي إلى مجتمع أكثر ازدهارًا وسلامًا. إن انفتاح البحرين على المهاجرين يعزز اقتصادًا ديناميكيًا وتنافسيًا، ويُمكن أن يكون بمثابة نموذج يُحتذى به للدول الأخرى التي تسعى إلى الاستفادة من منافع التنوع، وبفضل التزام البحرين بالتسامح والتعايش السلمي، تُعزز الهجرة مجتمعًا متناغمًا وحيويًا يتماشى تركيز البحرين على التسامح والتعايش السلمي مع مبادئ حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، وذلك بضمان عيش جميع الأفراد، بغض النظر عن خلفياتهم، بكرامة واحترام.