قال الكاتب والمحلل السياسي الدكتور عبدالله بن علي عبدالرزاق إن الأزمة السودانية تشهد تفاعلات إقليمية ودولية معقدة، ما يجعل التدخل الفاعل ضرورة لاستعادة الاستقرار.  وأضاف الدكتور في مقاله بمجلة آراء حول الخليج التي تصدر عن مركز الخليج للأبحاث، أن المملكة العربية السعودية تبرز كوسيط قادر على إقناع الاتحاد الأوروبي بتبني نهج أكثر واقعية تجاه هذه الأزمة، بما يعزز مصداقيته في القضايا الدولية. وأوضح الدكتور أن المواقف المتباينة للدول الأوروبية تجاه السودان تعكس حالة من التردد في تبني حلول جذرية، وهو ما يمكن للرياض أن تلعب دورًا في معالجته عبر استثمار علاقاتها مع الأطراف الفاعلة. فالمملكة تمتلك نفوذًا قويًا داخل الخليج وعلاقات متينة مع الدول الغربية، ما يجعلها قادرة على تنسيق جهود سلام مدعومة من الشركاء الدوليين. أهمية الدور السعودي أكد الدكتور في مقاله أن السعودية تمتلك خبرة في إدارة الأزمات الإقليمية، وقد سبق لها أن قادت جهودًا دبلوماسية ناجحة في ملفات معقدة. كما أن موقع السودان الاستراتيجي، بوصفه بوابة للبحر الأحمر وملتقى للنفوذ الإقليمي، يجعل استقراره مصلحة مشتركة لدول الخليج والاتحاد الأوروبي على حد سواء. من هنا، يمكن للرياض أن تقدم مقاربة تعتمد على الحوار ووقف التصعيد، بما يتيح مساحة للحل السياسي. التحديات الأوروبية والموقف السعودي أشار الدكتور إلى أن الاتحاد الأوروبي يعاني من تراجع تأثيره في القارة الإفريقية بسبب تعدد الأزمات وصعود قوى منافسة مثل روسيا والصين. كما أن غياب سياسة موحدة تجاه السودان يضعف قدرة بروكسل على التدخل الفاعل. في المقابل، تملك السعودية ميزة التنسيق مع الاتحاد الإفريقي ودول الخليج، مما يمنحها فرصة لقيادة مبادرة تسوية مقبولة دوليًا. مقترح الحل السعودي أوضح الدكتور أن رؤية السعودية تتمحور حول وقف القتال أولًا، ثم البدء في عملية سياسية تشمل القوى المدنية والعسكرية معًا. كما أن إدماج الدعم السريع ضمن الجيش السوداني وفق جدول زمني متفق عليه قد يكون مخرجًا عمليًا، يضمن إعادة التوازن السياسي والأمني. وأضاف أن نجاح هذه المبادرة من شأنه أن يعزز مكانة السعودية كوسيط إقليمي موثوق، كما سيمنح الاتحاد الأوروبي فرصة لإعادة تثبيت حضوره في إفريقيا عبر دعم مبادرات التنمية والاستقرار، وهو ما يحقق مصالح الجانبين. وأكد الدكتور في مقاله الذي نشره أن استعادة الاتحاد الأوروبي لمصداقيته تتطلب منه الخروج من حالة التردد والانخراط في مبادرات حقيقية لحل الأزمة السودانية. وهنا، تبرز الرياض كشريك قادر على تحقيق تقارب بين الفرقاء السودانيين من جهة، وإعادة بناء الثقة بين الاتحاد الأوروبي والقوى الإقليمية من جهة أخرى. فهل يكون السودان بوابة لترميم التحالفات الدولية أم ساحة لاستمرار التنافس الجيوسياسي؟