في خطوة تعكس الاهتمام المتزايد بتطوير المشهد الحضري وتعزيز الهوية العمرانية، أطلقت المملكة العربية السعودية خريطة العمارة السعودية، التي تتضمن 19 طرازًا معماريًّا مستوحى من التنوع الجغرافي والثقافي للمملكة.  وتأتي هذه المبادرة في إطار الجهود الرامية إلى تحقيق تحسين جودة الحياة، وتعزيز التنمية الاقتصادية، وبناء مدن مستدامة تتناغم مع التراث العمراني؛ وذلك تماشيًا مع مستهدفات رؤية 2030. رؤية السعودية  تسعى السعودية عبر هذه الخريطة إلى إحياء الإرث المعماري بأسلوب حديث يعزز التوازن بين الماضي والحاضر، ويرسّخ الهوية المعمارية الوطنية على الصعيدين المحلي والعالمي. وتعكس هذه المبادرة التزام المملكة بإنشاء مدن أكثر استدامة وجاذبية، توظّف الطراز المعماري التقليدي بأساليب حديثة ومتطورة.  وأكدت الجهات المعنية، أن العمارة السعودية تمثل مزيجًا من الأصالة والتطور، وستكون نموذجًا عالميًّا في التصميم المبتكر، إذ تهدف إلى تعزيز جاذبية المدن؛ ما ينعكس على نمو قطاع السياحة، وزيادة الاستثمارات، وتحقيق التنمية المستدامة. الاقتصاد والتنمية  تُعد هذه المبادرة خطوة استراتيجية تسهم بشكل مباشر في تحقيق نمو اقتصادي كبير عبر: 1. تحفيز قطاع البناء والتطوير العمراني، إذ ستوفر أكثر من 34 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة في مجالات الهندسة، التخطيط، والتطوير العقاري. 2. تحقيق إسهام اقتصادي يفوق 8 مليارات ريال سعودي في الناتج المحلي الإجمالي التراكمي بحلول العام 2030. 3. دعم قطاع السياحة وزيادة جاذبية المدن السعودية؛ ما يعزز تدفقات الزوار والاستثمارات العقارية. أنماط تصميم مرنة تحافظ على الطابع المعماري  تتميز خريطة العمارة السعودية بمرونتها في التصميم، إذ تستند إلى ثلاثة أنماط رئيسة تتيح التكامل بين التراث والحداثة دون فرض تكاليف إضافية على المطورين أو الملاك، وهذه الأنماط هي: - النمط التقليدي: مستوحى من التصاميم التراثية التي تعكس أصالة كل منطقة. - النمط الانتقالي: يمزج بين الطابع التقليدي والعناصر المعمارية الحديثة. - النمط المعاصر: يواكب التطورات العمرانية مع الاحتفاظ بالهوية السعودية. وستُطبق هذه المعايير على المشاريع الكبرى، والمباني الحكومية، والمباني التجارية، إذ ستبدأ المرحلة الأولى من التنفيذ في مدن الأحساء، الطائف، مكة المكرمة، وأبها، قبل تعميمها على جميع مناطق المملكة. تفاصيل الطرازات الـ 19 في خريطة العمارة السعودية تعتمد الخريطة على 19 طرازًا معماريًّا يعكس كل منها الخصائص الثقافية والجغرافية للمملكة، وتم تحديدها بناءً على دراسات عمرانية وتاريخية تعكس أنماط البناء المتوارثة عبر الأجيال. وتشمل هذه الطرازات: النجدية، النجدية الشمالية، النجدية الشرقية، ساحل تبوك، المدينة المنورة، ريف المدينة المنورة، الحجازية الساحلية، الطائف، جبال السروات، أصدار عسير، سفوح تهامة، ساحل تهامة، مرتفعات أبها، جزر فرسان، بيشة الصحراوية، نجران، واحات الأحساء، القطيف، الساحل الشرقي. التخطيط العمراني  أكد الخبراء أن خريطة العمارة السعودية تمثل إطارًا استراتيجيًّا يسهم في توحيد النمط المعماري وتعزيز الهوية البصرية للمدن السعودية.  معايير واضحة حددت الخريطة معايير تصميمية واضحة تجمع بين الأصالة والحداثة؛ ما يعزز الاستدامة الحضرية ويحافظ على الموروث الثقافي. وتعد هذه المبادرة خطوة مهمة في جعل السعودية مركزًا عالميًّا للابتكار المعماري. تطوير بيئة حضرية مستدامة  ويرى المتخصصون في التخطيط الحضري، أن تصنيف الطرازات المعمارية حسب المناطق الجغرافية سيضمن تطويرًا عمرانيًّا يحترم الهويات المحلية؛ ما يسهم في رفع جاذبية المدن وتحقيق تنمية مستدامة تتناسب مع متطلبات العصر. جهود تكاملية تعمل الجهات الحكومية بالتعاون مع المكاتب الهندسية والمطورين العقاريين لضمان تطبيق المعايير العمرانية الجديدة بأفضل المعايير. كما سيتم توفير استوديوهات تصميم هندسي لدعم المعماريين والمهندسين المحليين، وتقديم ورش تدريبية لرفع مستوى الكفاءات في هذا المجال. تأثير المبادرة على المشهد الحضري السعودي  ويرى رئيس مجلس إدارة مركز دعم هيئات التطوير إبراهيم السلطان، أن إطلاق خريطة العمارة السعودية يعد محطة أساسية في تطوير المشهد الحضري؛ إذ توفر هذه الخريطة توجيهات واضحة لضمان استدامة المشروعات المستقبلية مع الحفاظ على الهوية السعودية المتنوعة. وأكد أن المباني الحديثة ستظل متوافقة مع الهوية العمرانية المحلية، ما يعزز الانسجام بين البيئة المبنية والطبيعة الجغرافية لكل منطقة. مستقبل معماري يلهم العالم  وتمثل خريطة العمارة السعودية نقلة نوعية في المشهد العمراني للمملكة، إذ تسهم في تحسين جودة الحياة، وتحقيق التنمية المستدامة، وإبراز الهوية الثقافية على الصعيدين المحلي والعالمي. وعبر هذه المبادرة، تضع المملكة أسسًا متينة لتطوير بيئة حضرية متناغمة، مستدامة، ومبتكرة تعكس رؤيتها الطموحة لمستقبل المدن السعودية.