شهدت منطقة الخليج واحدة من أكبر الفضائح المالية عندما انهارت مجموعة سعد، مدمرة إمبراطورية معن الصانع، أحد أغنى رجال الأعمال. باستخدام وثائق مزوّرة وشركات وهمية، اختفت 22 مليار دولار؛ ما أدى إلى أزمة مالية كبرى. التحقيقات كشفت احتيالًا منظمًا، وأصدرت السلطات السعودية أحكامًا صارمة بحقه.
ملياردير خلف القضبان
في واحدة من أكبر الأزمات المالية في الخليج، انهارت إمبراطورية الأعمال التي بناها رجل الأعمال السعودي معن الصانع، الذي كان يُصنّف ضمن قائمة أغنى 100 شخص في العالم وفقًا لمجلة فوربس بالعام 2007، وتداعيات الأزمة لم تقتصر على مجموعة سعد وحدها، بل امتدت إلى مجموعة أحمد حمد القصيبي وإخوانه، ما أثار تساؤلات عن وجود صلة بين الشركتين.
وبحسب بودكاست الشرق، كان يوم 21 فبراير 2009 نقطة تحول، إذ تم الكشف عن تزوير اجتماع رسمي يحمل توقيع سليمان القصيبي، على الرغم من أنه كان يرقد في مستشفى زيورخ قبل وفاته بيوم. ومع هذا الاكتشاف، تبيّن أن القضية ليست مجرد تعثّر مالي، بل واحدة من أكبر عمليات الاحتيال في تاريخ الخليج.
احتيال بمليارات الدولارات
تراكمت ديون مجموعة سعد لتصل إلى 22 مليار دولار، اختفت بين ليلة وضحاها.
وأظهرت التحقيقات أن الصانع استخدم وثائق مزوّرة للحصول على قروض ضخمة من بنوك محلية ودولية، مدعيًا دعم مجموعة القصيبي له. كما أنشأ شبكة معقدة من الشركات الوهمية التي استخدمها لتمرير الأموال وتحويلها إلى حسابات خارجية بعيدًا عن أعين الرقابة.
ومن أبرز هذه الكيانات كانت المؤسسة المصرفية الدولية في البحرين، التي أُسست بالعام 2003، واستقطبت المستثمرين تحت غطاء تمويل المشاريع الكبرى.
لكن مع الوقت، بدأ المحللون يشيرون إلى ثغرات في التقارير المالية للمؤسسة وفي العام 2009، انهارت المؤسسة بعد أن تبيّن أنها واجهة لعملية احتيال ضخمة.
التحقيقات تكشف عن المستور
أثناء التحقيقات، وجد المدققون أن موظفي البنك لم يكن لديهم أي تواصل حقيقي مع العملاء، ولم يكونوا على علم بالضمانات المقدمة للحصول على القروض.
كما تم اكتشاف تحكم خارجي بأجهزة الكمبيوتر الخاصة بالمصرف، بما في ذلك جهاز المدير التنفيذي، بالإضافة إلى وثائق مخفية في موقف سيارات تحت الأرض، كانت موظفة قد أخفتها بأوامر من الإدارة.
رد فعل السلطات السعودية
في العام 2017، جمدت السلطات السعودية أصول معن الصانع وأصول عائلته، وكشفت عن تحويلات مالية مشبوهة وشركات وهمية استخدمت للتغطية على الاحتيال.
وفي 2020، أُدين الصانع بالسجن لمدة 15 عامًا بتهم الفساد المالي وغسيل الأموال، مع بيع أصوله في مزادات علنية؛ ما أدى إلى استرداد 574 مليون ريال سعودي، وهو مبلغ ضئيل مقارنة بحجم الديون الهائلة.
ما مصير الأموال؟
على الرغم من الإجراءات الصارمة، ما تزال أسئلة جوهرية دون إجابة: أين ذهبت الأموال؟ (التتمة في الموقع الإلكتروني).
تشير التحقيقات إلى احتمال تحويلها إلى حسابات سرية في الخارج، أو إنفاقها على مشاريع فاشلة وحياة فارهة.
كما أدى انهيار مجموعة سعد إلى تشديد البنوك الخليجية لإجراءات الإقراض، فيما تراجعت التصنيفات الائتمانية لبعض البنوك المتأثرة.
نقاط ضعف كبيرة
فضيحة معن الصانع لم تكن مجرد قصة انهيار فردي، بل كشفت عن نقاط ضعف كبيرة في الحوكمة المالية والرقابة على الشركات العائلية في الخليج.
وعلى الرغم من مرور أكثر من عقد، ما تزال آثار القضية واضحة حتى اليوم، إذ أصبحت نموذجًا عالميًّا لما يمكن أن يحدث عندما تتداخل السلطة المالية مع الاحتيال المنظم.