بالنسبة لمن زار جزيرة "فيلكا" الكويتية، من البحرينيين أو الخليجيين، قد يُثار سؤال مهم :"أليست هذه الجزيرة وجهة سياحية تاريخية مدهشة؟"، فهذه الجزيرة التي تزيد مساحتها على 40 كيلومترًا بطول قرابة 12 كيلومتر وعرض 6 كيلومتر كانت موئلًا لحضارات إنسانية كونها ممر بحري بين حضارات ما بين النهرين، وتعود تسميتها إلى مفردة "فيلاكيو" الإغريقية وتعني محور أو نقطة التمركز أو التجمع.
قائمة التراث العالمي
ما كان من المفترض أن تبقى هذه الجزيرة مهجورة خصوصًا مع سعي المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدولة الكويت لإدراجها على قائمة التراث العالمي لليونيسكو منذ العام 2013، إلا أن إصدارًا حديثًا عزز هذا التوجه، حيث صدر عن دار قرطاس للنشر والتوزيع كتابًا للمؤلف الزميل مظفر عبدالله حمل عنوان :"جزيرة فيلكا بين الهوية والاستثمار"، ومن يطالع الإصدار يستشعر جهد الكاتب للإضاءة على هذا الجزء المهم على خارطة جغرافيا الوطن العربي، وقد وصف مصير الجزيرة بأنه "مرتبك" من زاوية الإدارة والعزم والتنفيذ" من جهة، و"ضعيف" تجاه تاريخها البشري المتنوع من جهة أخرى، فلا يزال قسم كبير من الحديث بشأنها يجري في فلك جني الأرباح من مكان كان مسرحًا لأحداث ووقائع سجلها التاريخ قبل ٤ آلاف عام قبل الميلاد .
وفي فصول كتابه الثلاثة، تجول المؤلف في فصله الأول مع الناس والمكان والحياة، وخصص الفصل الثاني للإرث التاريخي والآثاري والفني، أما الفصل الثالث فقد تناول فيه قصة التطوير بين المحاولة والفشل.
شهادات المسؤولين
والجانب المهم في الكتاب، أنه تضمن مقابلات مع مسؤولين كويتيين رسميين كانوا على رأس أجهزة حكومية مسئولة بشكل أو بآخر عن تطوير الجزيرة وهم الوزراء السابقون: جاسم العون، بدر الحميدي، د. فهد الشعلة، فيصل المدلج، بالإضافة إلى عضو المجلس البلدي د. حسن كمال والفنان المسرحي سليمان البسام، حيث دون شهاداتهم حول أسباب تعثر الحفاظ على إرث الجزيرة وإعادة إحيائها، وتوثيق رؤيتهم تجاه مستقبلها، مدعمًا بتقرير اصدره فريق "حياة" التطوعي لحماية الحياة الفطرية والذي خصص لجزيرة فيلكا، وقد شارك في تقديم الكتاب الخبير الاقتصادي وعضو مجلس أمناء مشروع مدينة الحرير سابقًا عدنان البحر، وهذا الإصدار هو الرابع للمؤلف بعد كتاب: بيت الكويت في القاهرة، وكتاب الأمير: الشيخ عبدالله السالم، وكتاب ثانوية الشويخ.. حاضنة التنوع وبيت القادة، وكلها كتب قيمة أثرت المكتبة الكويتية والخليجية والعربية.
الحيرة والارتباك
ووفق حيرة المؤلف، كبرت حالة الحيرة والارتباك التي يعيشها الكويتيون تجاه مصير الجزيرة التي طواها النسيان منذ الغزو العراقي على دولة الكويت العام ١٩٩٠، وعدم وضوح الرؤيا تجاه الاستغلال الأمثل للمال في الشأن الثقافي على، عكس ما يحدث في دول خليجية وعربية وتضمين مجالات الترفيه ضمن سياسات التنمية المستدامة، ولهذا، طرح المؤلف مخاوف "خسائر الهوية" من خلال منظومة التشريعات التي ستحكم تطوير الجزيرة وتنافس رؤوس الأموال، وطبيعة الجهاز الإداري الذي سيحمل على عاتقه جوانب انتشال الجزيرة من الحالة اليائسة التي تمر بها منذ أكثر من ٣ عقود من الزمن .
وطبقًا لبعض الدراسات التاريخية، فإن أقدم موقع أثري يعود إلى العصر البرونزي أي إلى العام 2000 قبل الميلاد، علاوة على وجود آثار للمساكن والمعبد الدلموني والقلعة الهلنستية التي تعود إلى الفترة (280 إلى 150) قبل الميلاد ووردت في بعض المصادر باسم "ايكاروس"، وهناك استراحة للمغفور له الشيخ أحمد الجابر يرجح أنها أنشئت في العام 1927.