العمل المسرحي الناجح، هو الذي يشد انتباه المتفرج طوال تواجده لمتابعة العرض المسرحي، ثم يظل عالقا بذهنه وعقله وخياله بعد مغادرته المكان المخصص للعرض، وهذا ما حصل لي بعد مشاهدتي مساء يوم الجمعة 28 رمضان العرض الخاص لمسرحية " بي هبي" من تأليف الصديق العزيز الكاتب الكويتي المبدع عثمان الشطي وإخراج فهد زينل بحضور رمزان بن عبدالله النعيمي وزير الإعلام على خشبة مسرح مركز المحرق الشبابي النموذجي.
لقد تمكن المخرج والممثلون من تجسيد ما أراده الشطي تجسيده على خشبة المسرح بالنظرة نفسها والنكهة ذاتها والفلسفة التي تطلع إلى تقديمها، ولذلك كان الإخراج والتمثيل والأداء متناسب كل التناسب مع روح المسرحية وغرضها ومضمونها، فالكاتب الشطي على دراية واسعة وفهم عميق وتذوق وحب لمسرح الطفل ومجالات ثقافة الطفل، ويكاد يكون الكاتب الخليجي الوحيد الذي يحقق ويقدم مستوى ثقافي وحكايات قيمة تحمل كل عناصر الترفيه والتعليم ، بعيدا عن القوالب الجامدة والقصص المكررة في مسرح الطفل .
في هذا العمل عاش المتفرج مع الواقعية والبساطة والقيم الأخلاقية المرتفعة عبر قصة تحمل جاذبية لكل الأعمار، بما فيهم الكبار وليس الأطفال فحسب، قصة تحمل العواطف الإنسانية وما يلازم حالات البشر من أزمات اجتماعية ونفسية، وسر المسرحية يكمن في عرض الحالات بصورة أبلغ من خلال الأغاني والاستعراضات والفرجة المبهرة ، والموسيقى والإضاءة وحتى العرائس ، فللشكل فضل كبير في هذا النجاح ، وشخصيا كنت افتقد لجو المسرح الغنائي بأفكاره الجادة والرؤية الفنية في مسرحنا الخليجي ،وها نحن اليوم نشهد عودته بكل حيوية والسمات الجميلة.
ومن الواضح في هذا العمل أيضا دقة التدريب ومعرفة الفريق جغرافية المكان والأوضاع على الخشبة وتكنيك التواصل ، رغم أن هناك أطفالا قد يصعدون المسرح لأول مرة ، كما نجح مخرجنا الشاب فهد زينل بموهبته وخبرته أن يقدم لنا بإتقان بالغ التأثير عرضا مسرحيا متكاملا حقق الإعجاب والدهشة وفاز بإعجاب الأطفال والكبار .