أطفال الأنابيب رحلة مليئة بالتحديات، والصعوبات التي قد تستغرق وقتا طويلا، ولكن في النهاية تُعد خطوة نحو تحقيق حلم الأبوة.
المحاضر في قسم أمراض النساء والتوليد بكلية الطب، جامعة الأزهر، استشاري أمراض النساء والتوليد وأطفال الأنابيب بمستشفى الإرسالية الأمريكية - البحرين د. كمال راجح، يرى أن هذه الرحلة تتطلب تكاتفا تاما بين الزوج، والزوجة، والطبيب للوصول إلى الهدف المنشود، كما يسلط الضوء على النقاط الحيوية التي يجب أن يتفهمها الأزواج قبل الشروع في هذا المسار.
التعب والكفاح جزء من رحلة النجاح
يؤكد د. كمال أن التعب والكفاح جزء من رحلة النجاح، لاسيما في تجربة مثل أطفال الأنابيب، وعدم انغراس الجنين في بطانة الرحم من المرة الأولى ليس نهاية المطاف، بل هو جزء من عملية طويلة ومعقدة تتطلب الصبر والمثابرة. فالأزواج يواجهون تحديات متنوعة تؤثر على النجاح أو عدمه في عملية التلقيح، وهذه التحديات قد تكون جسدية، نفسية، اجتماعية، أو مزيجًا من هذه العوامل، ورغم أن بعض الأجنة قد تثبت والبعض الآخر لا، فإن الأمر في النهاية يعود إلى مشيئة الله. ويتمنى أن يتمكن الطب والتطور العلمي في المستقبل من فهم الأسباب الكامنة وراء عدم انغراس الجنين في بطانة الرحم، التي ما يزال سر هذه العملية بيد الله حتى يومنا هذا.
وفي نفس السياق، يشير د. راجح إلى أن دور الطبيب يتمثل في إعادة تقييم التجربة السابقة، ودراسة الأخطاء أو المشكلات التي حدثت بهدف تجنبها وتحسينها في المرات المقبلة، وهو يعتقد أن النجاح يأتي من الفشل، لأن التجربة الجديدة ليست بداية جديدة من الصفر، ولكنها بناء على الخبرات والدروس المستفادة من التجربة السابقة.
الذكاء الاصطناعي وآفاق جديدة
من ضمن النقاط التي أثارها د. كمال راجح في حديثه، دور التكنولوجيا، والذكاء الاصطناعي في تحسين نتائج عملية أطفال الأنابيب، لافتا إلى أن هذه التقنيات الحديثة ستحدث ثورة في المجال، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في اختيار أفضل البويضات، والحيوانات المنوية، وبالتالي زيادة فرص النجاح. ويقول: ”العلم لا يتوقف عن التطور، فلم يكن أحد يتصور أن هناك تقنية تدعى أطفال الأنابيب حتى العام 1978 مع ولادة لويس براون أول طفلة أنابيب، ولكن اليوم وبفضل التقدم في التكنولوجيا نحن نفتح آفاقًا جديدة لتحسين نتائج العلاج”.
النفسية عامل أساس في النجاح
فيما يتعلق بالجانب النفسي، يؤكد د. كمال أن الراحة النفسية مهمة جدا في رحلة العلاج، ويتابع: ”يجب على الأزواج اختيار المكان الذي يتمتع بسمعة طيبة وتقديم بيئة مريحة لهم، فضلا عن الثقة بالطبيب وبالعملية نفسها، والتواصل الجيد مع الفريق الطبي، كلها عوامل تساهم بشكل كبير في نجاح العملية”.
التكلفة تحد كبير
”أحد أكبر التحديات التي يواجهها الأزواج في هذا المجال هو التكلفة المالية العالية لعمليات أطفال الأنابيب“، وذلك بحسب د. كمال، ولكن المستشفيات تحاول أن تقدم وتوفر تسهيلات وعروض لتخفيف العبء المالي على الأزواج. ويقول: “نعمل على تقديم بعض العروض التي تسهم في تخفيض التكاليف، كما نحاول اختيار البروتوكولات العلاجية التي تتناسب مع ظروف كل أسرة، ونحن نأمل في المستقبل أن تحصل هذه العلاجات على دعم أكبر من الجهات الرسمية”.
أهمية التغذية السليمة
يؤكد د. كمال أن نمط الحياة والتغذية السليمة من العوامل التي لا يمكن إغفالها في نجاح عمليات أطفال الأنابيب، وينصح الأزواج باتباع نظام غذائي صحي، والابتعاد عن العادات السيئة كالتدخين وغيره من العادات السيئة الغير صحية، وفي بعض الأحيان، نوصي ببعض المكملات الغذائية التي قد تساعد في تحسين فرص نجاح العملية.
العمر عامل حاسم في الخصوبة
يُشير د. كمال إلى أن الخصوبة لدى السيدات تنخفض بشكل كبير مع تقدم العمر، خصوصا بعد سن الأربعين، ويشرح: “عندما تلد المرأة، لديها مخزون كبير من البويضات، ولكن مع مرور الوقت ينخفض هذا المخزون بشكل تدريجي، وعند بلوغ الأربعين، يصبح المخزون أقل بكثير، وهنا ينصح الأزواج الشباب بعدم التأخير في الإنجاب، وإذا كان هناك اتجاه لتأخير الحمل، يرى د. كمال أن عملية تجميد البويضات أو الأجنة قد تكون خيارا جيدا لضمان فرص نجاح أكبر في المستقبل.
الثقة بالله والعمل بالأسباب
وفي الختام، يوجه د. كمال نصيحة للأزواج الذين يقررون اللجوء إلى عملية أطفال الأنابيب: ”استعينوا بالله عز وجل، واحرصوا على اتخاذ كافة الأسباب الممكنة، ولا تدعوا الفشل يثني عزيمتكم، وكونوا على يقين أن هذه الرحلة هي رحلة خاصة لكم، مليئة بالتحديات والآمال”.
ويختتم د. كمال حديثه مؤكدا أن أطفال الأنابيب هي رحلة تتطلب الصبر والاصرار، ولا يجب أن يكون الفشل في تجربة واحدة سببا في الاستسلام، فالأمل دائما موجود.