أعرب صُنّاع الأفلام الفلسطينيون المشاركون في مهرجان أجيال السنيمائي 2024 عن قلقهم بشأن مستقبل مشاريعهم السينمائية، وسط تحديات متزايدة تتعلق بالبنية التحتية والتمويل والتوزيع، كما عبّروا عن فخرهم بالتزام المخرجين الشباب والمخضرمين بمواصلة شغفهم الفني المتزايد.

وخلال لقاء مع الصحافة العربية على هامش فعاليات المهرجان، حضره المخرجون محمد بكري ورشيد مشهراوي، والممثل ورئيس لجنة تحكيم “صنع في قطر” لهذا العام صالح بكري، بالإضافة إلى المخرجين الصاعدين محمد المغني وليلى عبّاس. وأكّدوا على أهمية السينما الفلسطينية، ليس فقط لمواجهة المعلومات المضللة، ولكن أيضًا لتعزيز الحوار الصحي وزيادة الوعي حول فلسطين وشعبها.

وصرّح المخرج القدير محمد بكري، الذي يقدم فيلمه “جنين جنين” لمحة صادقة عن تحديات صناعة الأفلام في فلسطين: “لا توجد بنية تحتية لصناعة السينما في فلسطين، ولكنّ هناك أفرادًا يبذلون قصارى جهدهم. في كل منطقة جغرافية يوجد فيها الفلسطينيون، هناك نضالات مختلفة، لكننا جميعًا نتشارك أحلام التحرر والاستقلال والكرامة.”

وأضاف: “أحيي مؤسسة الدوحة للأفلام في مهرجان أجيال السينمائي، وأثمن جهودهم في تنظيم مهرجان بهذه الأهمية وبهذه الطريقة، مع مراعاة ما يحدث لشعبنا في غزة.” وأشار بكري إلى أن تمويل أفلامه كان بالغ الصعوبة، لكنه قال بفخر: “عندما أنهيت “جنين جنين”، نظرت إلى نفسي في المرآة وشعرت بالفخر!”

بدوره، عبّر المخرج رشيد مشهراوي، الذي حازت أفلامه على إشادة واسعة في مهرجانات عالمية، عن تحديات مماثلة، قائلاً إن إنتاج فيلم جديد استغرق منه ثلاث سنوات، حتى بعد الإشادة بأعماله في مهرجان كان السينمائي: “كل مرة أبدأ فيها العمل على فيلم جديد، أشعر وكأنني أعمل على أول فيلم لي. الواقع هو أنّ كل فيلم يحتاج إلى وقت وجهد وتخطيط أكبر لتحقيقه.”

مضيفا: “من المهم صناعة الأفلام، على الرغم من أنّ السّينما ليست مجرد ضغطة زر لتحقيق تغيير فوري. لكن على الجميع أن يشارك، وأنا أحاول قدر استطاعتي من خلال عملي أن أنقل الرواية الفلسطينية وأفند الرواية الزائفة للاحتلال. العمل السينمائي يجعلني أشعر بأنني لست عاجزاً، بل مشاركاً فعّالاً في تحقيق التغيير.”
من جانبه، قال الممثل صالح بكري إنّه على الرغم من أن السينما لا تشفي الجراح، إلا أنّها “تمنح معنى للحياة وتساعد على إزالة غبار العجز.” مشيرًا إلى واقع الحياة اليومية في فلسطين: “فكرة المدينة الفلسطينية نفسها قد تم تدميرها. في الماضي، كان الفنانون العرب العظماء يأتون إلى حيفا من جميع أنحاء العالم ليؤدوا عروضهم. أما اليوم، فإن جمهوري الطبيعي لا يستطيع حتى دخول قاعة سينما.”

أما المخرج محمد المغنّي، الذي يعرض فيلمه “برتقالة من يافا” (فلسطين، بولندا، فرنسا)، وهو عن شاب فلسطيني يحاول عبور حاجز إسرائيلي للالتقاء بوالدته، فقدّم رؤيته عن السينما وقال: “قوة السّينما تكمن في أنها تبني جسوراً بيننا وبين العالم، وبين أبناء الشعب الفلسطيني. إنها وسيلة للتعبير عما بداخلنا. ولكن صناعة السينما في فلسطين صعبة للغاية لأن الظروف تجعلها ترفاً لا يقدر عليه الكثيرون.”

وبدورها ليلى عباس، مخرجة فيلم “شكراً لأنك تحلم معنا” (فلسطين، ألمانيا، المملكة العربية السعودية، قطر، مصر)، الذي تحصل على دعم من مؤسسة الدوحة للأفلام ويُعرض في مهرجان أجيال السينمائي، قالت “إن السينما تطرح أسئلة صعبة وتفتح مجالات الحوار”. مضيفة: “صوّرت فيلمي قبل أحداث السابع من أكتوبر. كنت أرغب في الابتعاد عن السياسة، لكن هذا مستحيل في السياق الفلسطيني، لأن ذلك يعني الانفصال عن الواقع. ولم أكن أرغب في أن تحتل إسرائيل قصتي أيضا.”

حسين.ز

التدوينة صنّاع أفلام من فلسطين يشيدون بدعم مؤسسة الدوحة للأفلام ظهرت أولاً على الحوار الجزائرية.