حاج بن دوخة

شهر رمضان المبارك أفضل الشهور على الإطلاق، وأجلها إيمانية، فقد خصّه ربنا – سبحانه وتعالى – بمزايا عديدة، ومكانة رفيعة، وقدر لميزان القبول أن يتضاعف، وقذف بحبّه في قلوب العباد ليسكن الأفئدة ويلازم العواطف، فالمسلمون في كل بقاع الأرض يبتهجون لقدومه، وكلهم أهبة وجاهزية لاستقبال رمضان بكافة الوسائل والسبل، ويسرون بالعيش في ظلاله، فصيام هذا الشهر ركن من أركان الإسلام، وهو فرض على أمة محمد النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم.

يسمى شهر رمضان بشهرِ القرآن، فقد أُنزِل الكتاب العظيم على رسولنا الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم-  فكان يتدارسه مع جبريل -عليه السلام- في ليالي هذا الشهر الفضيل، ويطلق عليه كذلك شهر القيام، لكثرة هذه العبادة  وغزارتها، وتفرده بها دون سواه من طبوع الأزمنة وأذواق المواقيت، إذ يحرص المسلمون كثيرا على صون عبادة القيام والحفاظ عليها وأدائها كل ليلة رمضانية لما لها من حلاوة روحانية ولذة إيمانية، وذلك إبتغاء كسب الأجر العظيم.

شهر رمضان مناسبة جليلة لسباق من طراز آخر، سباق الإكثار من الطاعات، والإقبال على الله -عز وجل- يبدع فيه المسلمون -ليس بعضلاتهم- ولكن بقلوبٍ مُخبتة، ليكرمهم الله التعالى بالعتق من النيران، وقطف باقات الرضوان، ولسان حالهم ناطقا: “يا ليت كل الليالي بعطر رمضان”.

 

حزمة العبادات وعداد البركات:

يستطيع المسلم التقرب إلى الله سبحانه وتعالى في هذا الشهر المبارك بجميع العبادات:

1 ـ الصلاة في وقتها، والحرص على أدائها جماعة في المسجد.

2 ـ الإكثار من قراءة القرآن الكريم خشوعا وتدبرا.

3 ـ تفطير الصائمين، وهي من أعظم العبادات، يؤجر عليها صاحبها بمثل أجر الصائمين لا ينقص من أجرهم شيئا.

4 ـ تقديم الصدقات للفقراء والمساكين، فما أشد حاجتهم للإتفاف والعناية في رمضان.

5 ـ قيام الليل والحرص على الاعتكاف في العشر الأواخر من هذا الشهر الروحاني.

6 ـ ذكر الله سبحانه وتعالى، والدعاء في كل وقت وحين مع مطلق اليقين في الاستجابة الإلاهية.

7 ـ الإكثار من النوافل، من خلال الاقتداء بالرسول – صلى الله عليه وسلم -، فالأثر النبوي دستور نجاة وخلاص.

 

حظ النفحات وطالع النسمات:

لرمضان فضائل كثيرة، وهي علامات رحمة من الله، وأيات لطف منه لعباده الصالحين.

1 ـ مغفرة الذنوب ، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: “من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه”.

2 ـ الاهتداء لتقوى القلوب، فغاية الصوم في شهر رمضان التقوى، وهي التي تدفع صاحبها إلى طاعة الله سبحانه وتعالى، وتبقيه بمنأى عن المعاصي والزلات، فتكون لهم وقاية من الذنوب، وحصانة من الأخطاء، وسبيلا لذر الشهوات وهجر المنكرات.

3 ـ استشعار مراقبة الله تعالى، فالصوم عبادة لا يعلم صدق العبد فيها إلا الله.

4 ـ دخول الجنّة من باب الريان، باب عظيم هدية من الله للصائم سخاءً وعطاءً وشفاءً، يلج منه جنان النعيم فضل ورحمة ولطف نظير صيام سَلُمَ فيه القلب واللسان.

5 ـ الفوز بالجزاء العظيم، تكفل الله، عز وجل، بهذا الجزاء، فقد قال في الحديث القدسي: “كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أُجزي به”.

6 ـ كسب الثواب الكبير عند بلوغ ليلة القدر، وهي من أشرف الليالي، فضلها الله سبحانه وتعالى على غيرها من الليالي، وجعل أجر العبادة فيها عظيما يعادل عبادة ألف شهر ويزيد، إذ قال عز وجل: “ليلة القدر خير من ألف شهر”.

7 ـ استجابة الدعاء بإذن الله سبحانه وتعالى، شهر رمضان من الأوقات الفاضلة والجليلة التي ينبغي على المسلم استثمارها من خلال كثرة الدعاء واللهفة على التضرع والاتجاه إلى رب السماء بنية جليلة أن السميع رب كريم ونصير عظيم.

8 ـ في رمضان يهبنا المولى وصفات ربانية لا توجد في صيدليات الدنيا، فعوض اقتناؤها بالمال المألوف نطلبها هذه المرة بلسان ناطق وقلب صادق.

تسقط كل بورصات الدنيا أمام بورصة رمضان، تجارة النجاة ليست أسهما ولا سيولة أو ودائع، لكنها قلب سليم استوطنه الإيمان، ولسان اعتاد ذكر الرحمان، ويقين أن قبلة السماء غيث وأمان.

التدوينة بنك الأجور والكنز المعمور ظهرت أولاً على الحوار الجزائرية.