تعاظم الإقبال على الألفية في الذكرى السبعين للثورة التحريرية

تكفيني شهادة كبار النقاد أنني أعدت الشعر الملحمي إلى الساحة

” الزمن زمن الرواية “ليس سوى ومضة من الومضات الإشهارية

أرى جيلا من الشعراء  في الجزائر يكتب بطريقة تدهشني

حاورته:ح.ح

يتحدث الشاعر إبراهيم قارعلي عن فكرة “ألفية الجزائر”، التي لاقت أصداء إيجابية كبيرة ، وصلت غلي درجى تشبيهها بإلياذة الجزائر للشاعر الكبير مفدي زكرياء.

 

 

بدأت فكرة “ألفية الجزائر” بذكرى ستينية الإستقلال، فكانت الانطلاقة بستين بيتا ..لتصل إلى ألف بيت، هل لك أن تسرد لنا تفاصيل الألفية؟

 

نعم ، ألفية الجزائر كانت في البداية تحمل اسم ستينية الجزائر، وذلك بمناسبة عيد الاستقلال والحرية وتيمنا بالذكرى الستين رأيت أن أخلد الذكرى بالشعر وليس هناك ما هو أجمل من الشعر ما نخلد به الذكريات الوطنية، وكما هو معلوم فإن الرقم ستين يحمل بالنسبة إلينا شيء من الرمزية بل ومن القداسة، فكانت الفكرة عفوية وهي أن أكتب قصيدة طويلة تتألف من ستين بيتا تتغنى بالاستقلال والحرية والبطولة والتضحية، ومن الناحية الشكلية كانت هذه القصيدة الطويلة تتشكل من ستة مقاطع شعرية كل مقطع يتشكل من عشرة أبيات. وعندما نشرت ستينية الجزائر على صفحتي التواصلية تفاعلت معها الكثير من وسائط التواصل الاجتماعي ومختلف وسائل الإعلام من صحافة ورقية وتلفزيونية وإلكترونية. وفي الحقيقة وإن أشعر أنني قدمت عملا أدبيا متميزا فإنني لم أكن أتصور ذلك التفاعل الكبير من القراء والمتابعين حيث تحولت تلك المقاطع الشعرية الستة إلى أعمال سمعية بصرية في شكل فيديوهات، والقراء هم الذين راحوا يطالبونني أن أواصل الكتابة وأجعل من الستينية  مئوية أو  ألفية، وبالفعل فإنني عندما أنهيت الستينية شعرت أنني لم أقل كل شيء أو أنني لم أكتب أي شيء، فالجزائر مهما نكتب عنها من القصائد فإننا لن نفيها حقها، وهكذا كانت الانطلاقة نحو الألفية، وكان شعاري في ذلك إذا كانت رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة فكذلك فإن رحلة الألف بيت تبدأ ببيت!!!… وهكذا بدأت المغامرة المحفوفة بالكثير من المخاطر خاصة عندما يتعلق الأمر بتاريخ الجزائر وما أدراك ما الجزائر، لتنتهي ألفية الجزائر في مائة يوم ، وكنت أراهن بعدما انطلقت من ذكرى عيد الاستقلال والحرية أن أنهيها في ذكرى  عيد الثورة التحريرية، ولكنني أنهيتها في السابع أكتوبر والذي تزامن في تلك السنة مع المولد النبوي الشريف، فكانت خاتمة الألفية في مدح خير البرية بعدما بدأتها بـ الله أكبر ختمتها بمحمد رسول الله.

ونحن نحتفل بالذكرى السبعين للثورة التحريرية، حصدت ألفية الجزائر أصداء إيجابية في معرض الجزائر الدولي للكتاب وعرفت إقبالا من فئات عمرية مختلفة جاءت من كل ربوع الوطن؟.

 

أقول بالفعل فلقد تعاظم الإقبال على ألفية الجزائر في الذكرى السبعين للثورة التحريرية المباركة ولكن قبل ذلك فلقد بدأ الإقبال علي الألفية في الذكرى الستين للاستقلال وتركت في نفوس الجزائريين ذلك الأثر الإيجابي قبل أن تطبع في كتاب وكان الكثير من القراء يستعجلونني حتى أنشرها في كتاب ولقد عرضت علي الكثير من دور النشر أن تطبعها وحتى خارج الجزائر ولكنني فضلت أن تصدرها وزارة المجاهدين وذوي الحقوق ويكفيني هذا الشرف أنني عندما أنهيت كتابة ألفية الجزائر استقبلني وزير المجاهدين السيد العيد ربيقة الذي تعهد بنشرها في نسخة ورقية وأخرى سمعية بصرية، وأكثر من ذلك أنه قد كرمني في ذكرى عيد النصر إلى جانب الشهداء والمجاهدين من ذوي الحقوق، فما أروع أن يكرم القلم مع البندقية والشاعر إلى جانب الشهيد أو المجاهد!!!…

ويكفيني ما ألاقيه من ألفية الجزائر من التكريمات في مختلف الولايات، ويكفيني كلما زرت ولاية يأتيني سؤال متى تزور الألفية بقية أرجاء الوطن ولم أكن أبخل بالتنقل إلى القارئ في ربوع الوطن بملحمتي الشعرية (ألفية الجزائر) رغم مشقة السفر والحالة الصحية، لذلك عندما عرضت الألفية في المعرض الدولي للكتاب جاءني القراء من مختلف أرجاء الوطن،  ويكفيني هذا الفخر والاعتزاز حينما يقول لي قارىء: جئت لأجلك من باتنة أو تبسة أو من بشار!!!…

على ذكر القارئ الجزائري .. هل نحن اليوم أمام قارئ رقمي تجذبه وسائل التواصل الاجتماعي ..هل يجب على الكاتب الجزائري أن يأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار؟.

 

من الطبيعي أن تفرض التكنولوجية نفسها على الإنسان في مختلف المجالات ولم يعد الأمر يقتصر على القارئ أو الكاتب، فالعالم لم يعد مجرد قرية صغيرة بل إن العالم قد أصبح في يد الإنسان بل يكون قد أصبح في أصبعه من خلال نقرة!. وبالفعل فإن الرقمنة تكاد تقضي على الورقنة فالجريدة الورقية تحولت إلى جريدة إلكترونية وكذلك الكتاب تحول إلى كتاب إلكتروني. ومن الطبيعي عندما يتحول القارئ الورقي إلى قارئ رقمي يتعين على الكاتب أن يتحول إلى كاتب رقمي. لقد تغيرت الوسيلة لكن الغاية لم تتغير. ومع ذلك يبقى للقلم صريره وللورق حفيفه، فبالنسبة إلى أفضل أن أبقى ذلك الكائن الورقي!!!…

 

 كيف ترى الإقبال الكبير على المعرض؟ حيث وصل عدد الزوار إلى أكثر من أربعة ملايين زائر؟.

 

عندما كنت في المعرض الدولي للكتاب قال لي أحد القراء من الأفضل لو كان الشعار اقرأ تنتصر بدلا من نقرأ لننتصر، فالقراءة فعل بل فعل أمر ، ومهما يكن من أمر فإن إقبال القراء بهذه الملايين دليل على الانتصار، وبالفعل فإن الجزائر قد انتصرت خاصة عندما يتزامن المعرض الدولي للكتاب مع الذكرى السبعين للثورة التحريرية المباركة. ليس من السهل أن يتوافد على المعرض أكثر من أربعة ملايين زائر ، هذا رقم يفوق عدد سكان بعض الدول. ولو يتزامن المعرض مع عطلة التلاميذ لكان العدد أكبر من أربعة ملايين ولكن العبرة ليست بالعدد أو بالكمية بل بالنوعية ومن ذلك أن زوار المعرض يأتون في شكل عائلات والجميل أن يأتي هؤلاء من مختلف الولايات خاصة من أقصى الجنوب أو الصحراء، يكفي أن تجد حافلات تنقل التلاميذ من بقية أرجاء الوطن وقد قضوا ليلهم في الطريق إلى الجزائر العاصمة قاصدين المعرض الدولي للكتاب، وقد صدق من قال أن معرض الكتاب حج كبير أو عرس كبير.

هل المعرض مقياس لكي نقول إن الجزائري يقرأ، وسط غياب دراسات حول الموضوع؟

 

سبق لي أن قلت أن العبرة ليس بالعدد ولكن هذا الرقم رقم أربعة ملايين مهم جدا، ولو كان الإقبال دون ذلك أو دون المستوى فإننا كنا نحتج بالأرقام الضعيفة، يكفي القول أن تنظيم معرض دولي للكتاب يدل على وجود القارئ، وإن كان لابد من دراسات علمية تتناول القراءة فعلى ما أرى أن القراءة سلوك وليست بظاهرة ومن المعلوم أن الدراسات العلمية تتجه نحو الظواهر الاجتماعية، ومع ذلك شيء جميل أن نعرف بالأرقام ماذا يريد الجزائري أن يقرأ وما هي الكتب التي يقبل عليها القراء وغيرها من الأسئلة ذات الصلة بالقراءة، وذلك ما يساعد على إعداد سياسة ثقافية خاصة ما يتعلق بالكتاب، ذلك أننا نفتقد إلى سياسة ثقافية مثلما نفتقر إلى ثقافة سياسية!!!…

 

نعود إلى ألفية الجزائر، كيف تعلق على من وصفها بالإلياذة الثانية؟

 

يجمع الكثير من النقاد أن ألفية الجزائر تعد الإلياذة الثانية أو الألفية الثانية بعد إلياذة الجزائر للشاعر العظيم مفدي زكريا شاعر الثورة الجزائرية، إنني أعتز بهذا الوصف ولا أغتر به خاصة عندما يأتي هذا الوصف من كبار النقاد والمثقفين في الجزائر، حتى أن منهم من راح يصفني بخليفة مفدي زكريا أو مفدي زكريا الثاني أو مفدي زكريا الصغير، وأخص بالذكر الإعلامي التلفزيوني القدير زين الدين بوعشة الذي راح يصفني في إحدى التكريمات بأنني هوميروس الجزائر ، إلى غير ذلك من الألقاب الأدبية وهذا بالنسبة إلى أعظم تشريف وأعظم تكريم أناله من ألفية الجزائر. وليس من الغرابة أن يصفها بعض النقاد بمعلقة المعلقات العشر خاصة وأن من القراء المعتمرين أو الحجاج قد قرأ بعض المقاطع من الألفية أمام الكعبة المشرفة وهم بثياب الإحرام!!!…

 

 تأتي ألفية الجزائر في وقت ترتفع فيه أصوات تمجد الرواية وتقول إنه زمنها وأن الشعر تراجع، ماتعليقك على ذلك؟

 

يكفي أن ألفية الجزائر قد ظهرت بعد نصف قرن أو بعد خمسين سنة من تاريخ إلياذة الجزائر، فإذا كانت الإلياذة قد ظهرت في الذكرى العاشرة للاستقلال فإن الألفية قد ظهرت في الذكرى الستين للاستقلال، وتكفيني شهادة كبار النقاد أنني قد أعدت الشعر الملحمي إلى الساحة الشعرية بعدما كاد يندثر من الوجود الأدبي وإنني في هذا لست من المقلدين بل من المجددين.

لا أرى أن الزمن زمن الرواية، فالرواية ليست سوى ساعة يدوية وهي ليست الزمن ولا أقول أن الزمن هو زمن الشعر، بل أقول أن الشعر هو الزمن والزمن هو الشعر. فالقول أن الزمن زمن الرواية ليس سوى ومضة من الومضات الإشهارية التي تروج للسلع والبضائع ، ولا يعني هذا أنني أقلل من شأن الرواية بل هي جنس أدبي عظيم وعظيم جدا ، وكم أتمنى أن أكتب رواية في يوم ما.

 

 كيف يرى الشاعر إبراهيم قارعلي راهن الشعر في الجزائر؟.

 

يكون كا قلته وما سوف أقوله ليس سوى رأي انطباعي وليس بالحكم النقدي الذي يجب أن يستند إلى أسس علمية، وتبقى الأحكام قيمية وذاتية، ومع ذلك فهي لا تخلو من الموضوعية.

إنني أرى جيلا من الشعر في الجزائر يكتب بطريقة تدهشني بل وتبهرني حتى أنني عندما أقرأ قصيدة من هذه القصائد أقول يا ليتني قد كنت أنا من كتب هذه القصيدة، وإن كنت لا أومن بعبارة الأدب النسوي لأن الأدب أدب وليس من الميراث أو التركة حتى يقسم على الجنسين من الورثة حتى يكون للذكر مثل حظ الأنثيين، فإنني أقرأ لشاعرات في عمر الزهور يكتبن الشعر أفضل من الشعراء الذي قرأنا لهم في مختلف العصور، وما أروع أن تجد شاعرة في مقتبل العمر تكتب القصيدة العمودية الخليلية باقتدار  وأفضل من الشعراء من الرجال وقد تراها لا تقبل على ذلك الهذيان الذي تسميه صويحباته بالشعر وما هو بالشعر ولا بالنثر، جنس ثالث متحول مثليٌّ!!!…

كلمة أخيرة نختم بها حوارنا

اسمحي لي في هذه السانحة ،أن أشكر جريدة الحوار التي كتبت عن ” ألفية الجزائر” قبل أن أنهيها .. وقد أكرمتني في منتدى الحوار وخصت لها الصفحة الأخيرة والصفحات المركزية بالألوان .. بالإضافة إلى النقل المباشر على قناة الحوار من غير أن أنسى الحوار الذي أجرته معي قناة الحوار بعدما استقبلني وزير المجاهدين وتعهد بطبع ألفية الجزائر في نسخة ورقية .

التدوينة الشاعر إبراهيم قارعلي لـ”الحوار”: أعتز بوصف ” ألفية الجزائر” بـ” الإلياذة الثانية” ظهرت أولاً على الحوار الجزائرية.