الرباط - تعيش المرأة المغربية واقعا قاسيا يزداد سوءا مع تجاهل حكومة المخزن لمعاناتها وحقوقها الأساسية, فبدل أن يجد صوتها صدى في سياسات الدولة, يقابل بالقمع والتنكيل والاعتقالات التعسفية وكأن النضال من أجل الكرامة والعدالة الاجتماعية جريمة يعاقب عليها.

و قالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان, في بيان اليوم الخميس, بمناسبة اليوم الوطني للمرأة المناضلة, أن المرأة تصدرت الصفوف في معارك الكفاح على مختلف المستويات, سواء في أحزمة الفقر بالمدن الكبرى أو في القرى النائية التي تعاني التهميش, موضحة أن السياسات التشريعية للمملكة لا زالت عاجزة عن مواكبة هذه التضحيات, إذ تخضع لقوانين تكرس التمييز واللامساواة, مما يجعل مطالب النساء مجرد صدى يضيع بين نصوص قانونية فارغة من مضمونها وتجاهل حكومي متعمد.

و تابعت الجمعية أن "النساء في المغرب يعشن في ظل وضع عام متسم باتساع وتعميق الانتهاكات التي طالت جميع المجالات, خاصة ما يتعلق بالحقوق, وهو ما ينتج عنه انخراطهن بقوة في معظم الحركات النضالية والاحتجاجية التي تشهدها عدد من المناطق".

وأضافت الجمعية بمناسبة هذا اليوم الوطني (11 ديسمبر) الذي يخلد ذكرى وفاة المناضلة سعيدة المنبهي في السجن بعد إضراب عن الطعام, أن نساء أحزمة الفقر في المدن الكبيرة ونساء القرى و المداشر تتقدم الاحتجاجات من أجل الحق في الأرض  والحق في الماء والحق في الصحة وفي التنمية, ومن أجل فك العزلة عن مناطقهن وغيرها من واجهات النضال اليومي, مع ما يرافق ذلك من قمع وتنكيل ومتابعات واعتقالات.

أما على مستوى الحقوق المدنية للمرأة, فقد أشارت الجمعية إلى أن "السياسات التشريعية للدولة في مجال حقوق المرأة لا زالت في مجملها محكومة بثقافة اللامساواة والتمييز. فالمقتضيات الدستورية ذات الصلة بسمو المواثيق الدولية وبالمساواة بين الجنسين جاءت مشروطة بما يسمى الثوابت السياسية للدولة المغربية", وهو ما يجعلها لا تمثل سندا قويا للقضاء على التمييز.

هذا الوضع, تضيف الجمعية, أثر على مجمل القوانين التي تشكل اليوم محاور أساسية في أجندة الحركة النسائية الديمقراطية والحركة الحقوقية وكل القوى المؤمنة بالمساواة.

وذكر البيان الدولة بمسؤوليتها في وفاة المناضلة سعيدة المنبهي وغيرها من المناضلات خلال الإضرابات عن الطعام أو خلال مختلف المعارك النضالية, مشيدا في ذات الوقت بصمود أمهات وزوجات وأخوات معتقلي حراك الريف وجميع الحركات الاجتماعية في كل المناطق. وعبر عن مساندته ودعمه لهن وإدانته للمضايقات التي يتعرضن لها, مطالبا بإطلاق سراحها فورا دون قيد أو شرط.

و أكدت الجمعية أن استمرار هذا الوضع "يضع الدولة أمام مسؤولية تاريخية لا يمكن الهروب منها. فتجاهل المخزن لحقوق النساء وقمع نضالاتهن لا يزيد الوضع إلا تفاقما, في وقت يتصاعد فيه الغضب الشعبي", مضيفة أن المرأة المغربية, التي أثبتت قدرتها على قيادة النضال في أصعب الظروف, لن تتوقف عن المطالبة بحقوقها وعلى الحكوم ة أن تدرك أن تجاهل هذه المطالب ليس خيارا مستداما وأن الإصلاح الحقيقي يبدأ بإنصاف النساء وضمان حقوقهن المشروعة.

يشار الى أن سعيدة المنبهي, شاعرة ومناضلة مغربية, توفيت في سجن الدار البيضاء في 11 ديسمبر 1977 , بعد 36 يوما من الإضراب عن الطعام, بعد أن حكم عليها بسبع سنوات سجنا بتهمة القيام بأنشطة مناهضة ومعادية.