و أظهر تقرير صادر عن منظمة "ترانسبرانسي المغرب", اليوم الاحد, أن برنامج إعادة الإعمار الذي تبنته السلطات العمومية لا يزال بعيدا عن تحقيق أهدافه.
بعد أكثر من عام كامل من الزلزال, لم تستكمل سوى 1000 وحدة سكنية, وهو رقم يعكس تعثرا صارخا بالنظر إلى أنه يمثل 7 ر1 بالمئة فقط من الهدف المعلن.
وحسب نفس المصدر, فإن هذا البطء المثير للسخط ناجم عن تعقيدات إدارية ومالية ولوجستية, فضلا عن غياب رؤية واضحة لإعادة البناء.
وتجلت هذه التعقيدات, حسب التقرير, في التأخر الكبير في دفع المساعدات السكنية, مما أدى إلى ترك 8 ر2 مليون نسمة يعانون من برد قارس و أمطار غزيرة تحت خيام مهترئة. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد, فقد تعمدت السلطات تقليص عدد المنازل المصنفة كمنهارة كليا, ما أدى إلى استبعاد العديد من الأسر من المساعدات, متجاهلة المعايير التي تعهدت بها.
و أشار التقرير ذاته الى أن التداعيات لم تقتصر على السكن وحده, فقد كشفت الأزمة "ضعفا بنيويا في الخدمات الصحية والاجتماعية, حيث تفشت الأمراض المعدية بشكل غير مسبوق بين السكان, بسبب ظروف العيش غير الملائمة, فيما باتت المرافق الصحية المهترئة غير قادرة على تلبية احتياجات السكان, وزاد الأمر سوءا بغياب الرعاية النفسية, ما ترك المصابين بصدمات الزلزال يعانون في صمت".
أما في قطاع التعليم, فقد كانت السنة الدراسية 2023-2024 بمثابة "سنة بيضاء", حيث عجزت السلطات عن توفير حلول بديلة تمكن التلاميذ من مواصلة دراستهم, ما يهدد مستقبل جيل كامل من أطفال المناطق المتضررة.
و أكد التقرير ذاته أن سوء التدبير الحكومي أدى إلى تضخيم مشاعر الغضب والاستياء في صفوف المتضررين, مشيرا الى الاحتجاجات الشعبية التي لم تتوقف منذ نهاية سبتمبر 2023, حيث ندد السكان بتجاهل السلطات لمعاناتهم وبطء عملية إعادة الإعمار, "لكن الحكومة, التي يبدو أنها منشغلة أكثر بحساباتها السياسية, قابلت هذه الاحتجاجات بالتجاهل والعزلة, ما جعل المتضررين يكابدون وحدهم آثار الكارثة".
و شدد التقرير على أن "هذا الإخفاق الحكومي ليس مجرد صدفة, بل هو نتاج لغياب الشفافية, وانعدام الكفاءة, وأولوية المصالح الشخصية على حساب المصلحة العامة, حيث كان من المتوقع أن تبادر السلطات بإجراءات استثنائية للتخفيف من معاناة المتضررين, لكن ما حدث هو العكس تماما : وعود جوفاء, تنفيذ بطيء, وتجاهل لحقوق المواطنين الأساسية".
و اختتم التقرير بتأكديه على أن ما حدث في زلزال الحوز لا يمكن اعتباره مجرد كارثة طبيعية, بل هو أيضا "كارثة سياسية وإدارية كشفت عجز الحكومة عن تحمل مسؤولياتها تجاه مواطنيها, ومع استمرار معاناة المتضررين وتوالي الاحتجاجات, تبقى الحكومة متشبثة بسياستها القائمة على أساس +مصالحها الشخصية تظل تعلو فوق كل اعتبار+".
وفي سياق ذو صلة, أكد تقرير للمجلس الأعلى للحسابات في المغرب فشل مشروع المدن الجديدة في تحقيق الأهداف المسطرة, مشيرا الى أن هذه المدن عبارة عن "تجمعات عمرانية متسمة بالتجزئة والتشتت في مجالات شبه قروية, تفتقر إلى أهم الخدمات والبنيات الأساسية, من نقل وإنارة ومساحات خضراء ومدارس ومستشفيات, وهو ما يجعلها غير ذات جاذبية, ولا تحقق الأهداف المنشودة منها".
وقال المجلس في تقريره السنوي أن هذه التجمعات العمرانية تتطلب إعادة تأهيل شامل, مشيرا إلى أن حصيلة إنجاز المشاريع لا ترقى إلى مستوى الأهداف المتوخاة من هذه المدن التي انطلق العمل فيها منذ 2004.