وعلى مدار 468 يوما من العدوان الهمجي على قطاع غزة استخدم فيه الاحتلال الصهيوني الاسلحة المحرمة دوليا والقصف العشوائي وارتكب مجازر يومية بحق المدنيين ودمر المستشفيات والمدارس ومراكز إيواء النازحين, لم تنقطع نداءات الدول و الشعوب المحبة للسلام بضرورة وقف ما أجمع المجتمع الدولي على وصفه ب "جرائم الحرب و جرائم ضد الانسانية" مارسها الكيان الصهيوني في غزة منذ السابع من أكتوبر 2023.
وبعد أشهر من جولات المفاوضات, أعلن رسميا في العاصمة القطرية, الدوحة, مساء الاربعاء عن توصل المقاومة الفلسطينية و الكيان الصهيوني لاتفاق لوقف اطلاق النار يتم تطبيقه على 3 مراحل على أن يبدأ سريانه اعتبارا من يوم الاحد المقبل.
ويتضمن الاتفاق في مرحلته الاولى عملية تبادل الاسرى والمحتجزين على مراحل, ويشمل وقفا مؤقتا للعمليات العسكرية وعمليات المقاومة وانسحاب قوات الاحتلال الى مناطق معينة وعودة النازحين الى مناطق سكنهم وضمان حرية تنقل السكان في جميع القطاع ودخول المساعدات الإنسانية.
و تتعلق المرحلة الثانية من الاتفاق بإعلان عودة الهدوء المستدام الذي يشمل الوقف الدائم للعمليات العسكرية وعمليات المقاومة واستئناف عمليات تبادل المحتجزين والأسرى بين الجانبين و انسحاب قوات الاحتلال بالكامل خارج قطاع غزة.
أما المرحلة الثالثة للاتفاق فتتضمن بدء تنفيذ خطة إعادة إعمار قطاع غزة و تعويض كافة المتضررين بإشراف من الدول والمنظمات الراعية للاتفاق و فتح جميع المعابر والسماح بحرية حركة الأشخاص والبضائع.
اتفاق وقف اطلاق النار نتاج صمود و دعم دولي رسمي و شعبي لنضال الفلسطينيين
وجاء التوصل لاتفاق وقف اطلاق النار بعد دعوات متكررة من عدة دول و منظمات دولية ومظاهرات و مسيرات شعبية مليونية شهدتها مختلف عواصم و مدن بلدان العالم, تضامنا و نصرة لأهالي قطاع غزة الذين أبدوا صمودا أسطوريا أمام الة الحرب الصهيونية التي أتت على الاخضر و اليابس و خلفت 46707 شهداء و110265 جريحا, حسب آخر حصيلة مؤقتة أعنتها السلطات الصحية في قطاع غزة.
وكانت الجزائر التي وقفت دوما الى جانب القضية الفلسطينية العادلة و نضال شعبها الصامد, في اطار دعمها لقضايا التحرر في العالم, من بين الدول التي حركت آلتها الدبلوماسية بشكل غير مسبوق في مختلف المحافل الدولية و بشكل خاص في مجلس الامن الدولي سيما وأنها تسلمت العضوية غير الدائمة في المجلس الاممي (يناير 2024 /2025) بعد أشهر قليلة من بدء العدوان الصهيوني على غزة (اكتوبر 2023).
ومنذ مباشرة عهدتها غير الدائمة وعملا ب "التعليمات الصارمة" التي أسداها رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون, بأن "تجعل الجزائر من نصرة القضية الفلسطينية ومن التصدي للجرائم الصهيونية في المنطقة شغلها الشاغل و أولوية أولوياتها", انفردت الجزائر بتقديم عديد من مشاريع القرارات لهذا الجهاز الاممي الهام, سعيا لتحقيق وقف لإطلاق النار في غزة.
وقد نجحت الجزائر على رأس كتلة الاعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن في مارس 2024 و بعد جهود دؤوبة في استصدار القرار رقم 2728 الذي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة خلال شهر رمضان 2023, و ذلك للمرة الأولى منذ بدء حرب الإبادة وعقب 4 محاولات سابقة مماثلة أحبطت بفيتو أمريكي.
وعلى الرغم من تنصل الكيان الصهيوني من قرارات الشرعية الدولية و رفضه تطبيق الاتفاق, واصلت الجزائر المطالبة بعقد الاجتماع تلو الاجتماع واتخاذ المبادرة تلو المبادرة من أجل اضطلاع مجلس الأمن والجمعية العامة بالمسؤولية الملقاة على عاتقهما تجاه الشعب الفلسطيني.
وفي اطار مبادراتها المتواصلة نصرة للقضية الفلسطينية و بدعوة من الجزائر, يعقد مجلس الامن الدولي, غدا الجمعة, مشاورات لبحث قرار الكيان الصهيوني "الخطير" والهادف الى حظر كامل لنشاط وكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في الاراضي الفلسطينية المحتلة قربيا.
وبصفتها الرئيسة الدورية لمجلس الامن لشهر يناير الجاري, تقدمت الجزائر, بصفتها الوطنية, بطلب عقد مشاورات مغلقة للمجلس يوم 17 يناير الجاري لبحث سبل "انقاذ" الأونروا و الحيلولة دون وقف نشاطها الانساني الهام في الاراضي الفلسطينية المحتلة.