الرباط - انتقد رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام, محمد الغلوسي, ممارسات التضييق على التبليغ على جرائم المال العام والسطو على صلاحيات ومهام القضاء في تحريك المتابعات ضد لصوص المال العام, بما سمح بتغول الفساد في المملكة, في ظل غياب ارادة سياسية حقيقية لمكافحة هذا "الوباء المتحول".

وأوضح الغلوسي - في ندوة صحفية نشطها بمراكش - أن مكافحة الفساد هي "مسؤولية مشتركة" بين جميع الأطراف سواء كانت رسمية أو غير رسمية, مشيرا إلى "الانتقادات الكثيرة" التي توجه إلى المغرب بخصوص مكافحة هذه الظاهرة التي تنخر المجتمع.

وفيما يتعلق بالاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد - التي تم إطلاقها عام 2015 - انتقد الحقوقي عدم تنزيل النصوص القانونية المتعلقة بتضارب المصالح, لافتا إلى أن رئيس الحكومة عزيز اخنوش نفسه "متورط في هذا الأمر", في إشارة إلى فوز شركة رئيس الحكومة بصفقة تحلية المياه بالدار البيضاء.

وشدد على أن شركة أخنوش "لا يحق لها المشاركة في الصفقة لأن الإدارة التي ستحارب الانحراف هي تحت سلطته كرئيس الحكومة", داعيا إلى ضرورة تفعيل هذه النصوص وتطبيقها على جميع المستويات.

الى ذلك, أبرز المحامي المغربي -في تدوينة على مواقع التواصل الاجتماعي- إن "لوبي الفساد وتضارب المصالح وزواج السلطة بالمال يسعى إلى إغلاق الحقل الحقوقي وتحويل الجمعيات إلى مجرد +كومبارس+ (حضور لمجرد ملء الفراغ)".

ونبه الغلوسي الى تفاقم مشاعر الغضب والاحتقان الاجتماعي بسبب انتشار الفساد ومظاهر الرشوة والريع والاحتكار بما يدفع البلد "نحو المجهول".

و أشار الى أن لوبي ومراكز الفساد تحاول وضع اليد على صلاحيات القضاء في مجال مكافحة الفساد, كما تسعى الى تحويلها إلى "مؤسسة صورية تنتظر أن يجود عليها المجلس الأعلى للحسابات ببعض التقارير التي ينجزها", داعيا "كل الأحرار والديمقراطيين الى عدم السماح لهم بتمرير أجنداتهم الهادفة إلى السطو على مؤسسات الدولة".

من جهة أخرى, سلط الغلوسي الضوء على الأوضاع الصعبة التي يعيشها عمال الأمن الخاص في المغرب, في ظل استغلال "ممنهج" من طرف شركات "تمعن في استنزاف جهودهم مقابل أجور زهيدة دون احترام الحد الأدنى من حقوقهم".

و أشار إلى أن هذه الشركات "تفرض على العمال عقودا مجحفة" وصفها ب"العبودية الحديثة", في غياب رقابة فعالة من الجهات المسؤولة "مما يعمق معاناتهم ويجعلهم رهائن لوضع غير إنساني".

كما انتقد ذات المتحدث الطريقة التي تمكنت بها هذه الشركات من التغلغل داخل المؤسسات والإدارات العمومية, مستفيدة من "علاقات مشبوهة تضمن لها الاستمرار في استغلال العمال دون أي محاسبة في وقت تظل فيه مفتشية العمل عاجزة عن التدخل بفعالية بسبب البيروقراطية والفساد".