تحاليل الجمهورية:
تميّز التعديل الوزاري الذي أجراه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون وفقا للصلاحيات التي يخولها له الدستور بعديد التغييرات رغم الإبقاء على الوزير الأول محمد نذير العرباوي الذي تم تجيد الثقة فيه لمواصلة مهامه.
و من أهم التجديدات ترقية الفريق أول السعيد شنقريحة رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي إلى منصب وزير منتدب لدى وزير الدفاع رئيسا لأركان الجيش الوطني الشعبي. و إبقاء رئيس الجمهورية على وزراء حقائب السيادة و عودة صفة وزير دولة و التي استفاد منها وزيرا الخارجية و الطاقة .
و حرصا على ما يجب أن يكون عليه الجهاز التنفيذي لتحقيق الرهانات خاصة في المجال الاقتصادي رأينا تفرع وزارات إلى وزارتين إثنتين كما هو الشأن بالنسبة لوزارة التجارة التي صارت واحدةٌ مكلفةً بالداخلية و أخرى بالخارجية مهمتها ترقية الصادرات لما تعنيه هذه الأخيرة في مجال تنويع مبيعات البلاد خارج المحروقات و أيضا كمرشح لتصنيفات دولية مع العلم أن قيمة الصادرات و تنوعها مقياس مهم في رفع قيمة العملة ، أضف إلى ذلك و منذ يومين قال البنك العالمي أن الجزائر سجلت نموا بـ 3.9 بالمائة في منتصف 2024 ما يعني مزيدا من الجهود و تطبيق ميداني للإصلاحات ، و لم يغفل التعديل الشأن الداخلي للتجارة بعد أن أوكل للطيب زيتوني الداخلية منها مع ضرورة ضبط السوق و المهمة الثانية تستوقف التحليلَ، فمتابعة خطابات رئيس الجمهورية خلال ترشحه للانتخابات تستعيد التركيز الذي خص به ضبط السوق المحلية و التي يحاول كثير من السماسرة و المحتكرين و المنتسبين إلى التجارة المشي موازاة مع إصلاحات الحكومة الجانحة إلى إعادة ترتيب البيت و القضاء على الممارسات غير القانونية و التي تميزها السوق السوداء و ما يتداول داخلها من مليارات الدينارات التي لا تدخل إلى خزينة الدولة ، ناهيك عن الاحتكار و المضاربة و افتعال الندرة و هو ما حمل وزارة العدل إلى الإسراع في تعديل الإجراءات القانونية و إثراء قانون العقوبات لردع مثل هذه التجاوزات ، و ذلك منذ الخروج من الجائحة.
و عاد الجهاز التنفيذي إلى استحداث كتابة دولة لدى وزارة الخارجية مهمتها شؤون الجالية الجزائرية المقيمة في الخارج و التي أفرد لها دستور 2020 مكانة خاصة و يصر رئيس الجمهورية على إشراكها في الإنجازات و الحقوق و تتبع وضعها حيث تقيم، و لم يغفل التعديل الملف الإفريقي أيضا نظرا للبعد القاري الذي تتوخاه الجزائر في سياستها الخارجية من خلال دفاعها و مرافعتها عن القارة السمراء في المحافل الدولية. و تعرف هذه الوزارة استقرارا من بضع سنوات موازاة من ما تعمل عليه البلاد من أجل دبلوماسية استباقية ، و الطرح للنقاش كل الملفات التي لها علاقة بتوجهات الجزائر سواء إقليميا أو دوليا.
و نظرا للطفرة النوعية التي تحققها الجزائر في اكتشاف المحروقات و المعادن الثمينة و إطلاق مشاريع عملاقة بشراكات دولية وازنة ،فقد أضيفت للطاقة كتابةُ دولة متفرغة للمناجم و عادت الطاقات المتجددة إلى وزارة الطاقة. ناهيك عن الاستقرار الذي يجب أن يرافق هذا القطاع الحيوي من أجل مواصلة الاستراتيجية الوطنية في هذا المجال من خلال إطلاق مشاريع استراتيجية هامة جدا و تعزيز قدرات البلاد و الانتقال الطاقوي من خلال المرور إلى السرعة القصوى في مجال استغلال المناجم و الطاقات الجوفية.
و التمعن الدقيق في مستجدات التغيير يقف عند الاستقرار الذي لا تزال تحافظ عليه بعض القطاعات التي احتفظت بوزرائها ما يدل على ما قدموه على غرار السكن و العمران الذي يديره محمد طارق بلعريبي المتدرج في المسؤوليات بذات الوزارة منذ عديد السنوات مع ما تعيشه البلاد من تحديات في مجال بناء السكنات و الهياكل القاعدية. و كذلك بالنسبة للطاقة التي يديرها محمد عرقاب.
من جانب آخر يلاحظ انضمام ست نساء إلى فريق العرباوي، و ترقية وال و والية إلى رتبة وزير و غادر من طاقم محمد نذير العرباوي 12 وزيرا من بينهم وزيران استدعيا لمهام جديدة ،و هما وزير العدل و وزير النقل و تحويل 5 وزراء إلى وزارات أخرى.
ما تجدر الإشارة إليه تشاركية الخبرة مع الطاقة الشبابية من أجل دفع نوعي للتنمية و بذلك يكون رئيس الجمهورية قد وفّى بالتزاماته حين أكد سابقا تمكين الشباب من المناصب العليا و إدماجهم في الحياة السياسة و بالتالي تجديد الأنفاس في الطاقم الحكومي و الوقوف على كفاءة الشباب و ما هم قادرون عليه، في انتظار ما ستسفر عنه التغييرات في سلك رؤساء الدوائر و الأمناء العامين.