تحاليل الجمهورية:
تعتبر القارة الإفريقية بطموحاتها وآهاتها العمق الاستراتيجي للجزائر التي منذ أن كانت تخوض حرب التحرير الوطنية إلا وتحمل في مسارها التحرري المشاكل القارية لاسيما قضايا التحرر من نير الاستعمار الأجنبي الفرنسي خاصة ، فالجزائر مازالت على هذا المنهاج تنافح عن إفريقيا وتسعى جاهدة لتمثيلها أحسن تمثيل في المحافل الدولية والقارية .. ومن هذا المنطلق فإن تعيين رئيس الجمهورية للسيدة سلمى بختة منصوري وهي من الإطارات السامية لوزارة الخارجية وشغلت مناصب هامة في إدارتها المركزية ككاتبة دولة لدى وزير الخارجية مكلفة بالشؤون الإفريقية يندرج ضمن هذه الفلسفة العميقة في كون إفريقيا تحظى بمكانه جد مرموقة في الأجندة الدبلوماسية الجزائرية ، كيف لا والجزائر أحسن صوت مدافع عنها وأفضل منافح عن قضاياها وملفاتها التنموية والسياسية ، وهذا بدليل المطالب الأساسية لدبلوماسيتنا في الأمم المتحدة بضرورة تمكين القارة الإفريقية من منصب دائم في مجلس الأمن الدولي ، حتى لا تعود هذه المناصب الحساسة حكرا على الدول الخمس المعروفة . والجزائر وهي تحمل هذه الطموحات الإفريقية في حقيبتها الدبلوماسية إنما تؤكد للمرة الألف أن الأفارقة يجب أن يتحدوا ويتضامنوا فيما بينهم في جميع الأحوال والظروف لكسر قيود التبعية للخارج في كل شيء له ارتباطه بالتنمية المستدامة وبفرض القرار الإفريقي في المنابر الخارجية، وما مناداة الجزائر بوجوب اقتراح حلول إفريقية للمشاكل الإفريقية مثلما يؤكد عليه دوما رئيس الجمهورية، إلا غيض من فيض تلك النظرة الجيوسياسية للجزائر نحو القارة السمراء التي تعي بلادنا أهميتها في الميزان الاستراتيجي الدولي وتدرك أيضا الجزائر أن إفريقيا رحم الثروات العالمية من النفط والمعادن الأخرى مثل الألماس والذهب ناهيك عن الطاقات المتجددة مثل الشمس التي هي عنوان قارتنا بلا منازع .. ومنذ أمد بعيد وفي بداية التسعينيات كان منصب وزير منتدب لدى وزير الخارجية مكلف بالشؤون الإفريقية حاضرا في التشكيلة الحكومية لتلك الفترة حيث شغل المنصب الوزير الأسبق السيد عبد القادر مساهل والذي أدار تلك الوظيفة بجدارة واقتدار لما يمتلكه من تجربة دبلوماسية كبيرة وباعه الطويل قي الشؤون الإفريقية بما تبوأه من مناصب متعددة كسفير في عدة بلدان إفريقية منها خاصة الزايير التي هي حاليا الكونغو الديمقراطية وبلدان أخرى.. واليوم يتعاظم دور الجزائر في القارة السمراء خصوصا مع استحداث منصب كاتب الدولة لدى وزير الخارجية مكلف بالشؤون الإفريقية إذ مازالت الصحراء الغربية تئن تحت وطأة الاحتلال المغربي ومازالت دول الساحل تحارب الإرهاب والجريمة المنظمة وتكافح الجماعات الإرهابية والإجرامية التي تغتال وتنكل بالأفارقة وتستغل ثرواتهم عبر المرتزقة الأجانب والخاسر الأكبر في هذه اللعبة الخطيرة والجهنمية هو شعوب دول الساحل التي في كل مرة يتزعزع استقرارها وتتكالب عليها الدول الأجنبية المعروفة بأجنداتها التدخلية في الشؤون السياسية للأفارقة حتى يبقوا دوما يصارعون المعضلات الأمنية بلا هدوء ولا تنمية مرتقبة ، وهذا هو بيت قصيد دبلوماسيتنا المنطلقة من مبادئ احترام السيادات الوطنية للبلدان الإفريقية والوصول إلى سدة الحكم عن طريق الأساليب الدستورية ومنها الانتخابات والتداول على السلطة .. فالجزائر مثلت القارة أحسن تمثيل في مجلس الأمن والسلم التابع للاتحاد الإفريقي بأديس أبابا وعملت بكل جهد وجد ومثابرة على منع التوغل الصهيوني داخل أروقة الاتحاد الإفريقي وتحضرنا تلك الحادثة التي تفطنت لها الجزائر وهي تكشف مؤامرة دخول الوفد الصهيوني لجلسة الاتحاد الإفريقي وكيف طردته بيقظتها ودبلوماسيتها المنددة بعدم السماح للمجرمين الصهاينة من الجلوس مع أعضاء الجلسة العامة، وهذا انتصار تاريخي كانت الجزائر وراءه بكل قوة وحضور متميز .. فالقارة السمراء اليوم لها أن تفتخر بدولة مثل الجزائر تبذل كل ما في وسعها للدفاع عن قضاياها المصيرية بلا مصالح أنية ولا مستقبلة ولا ظرفية ، فقط بسط السلم والاستقرار وإشاعة التنمية والرقي في البلدان الإفريقية خدمة لشعوبها إسماعا لصوتها في المنابر الكبرى ومنها منظمة الأمم المتحدة التي هي بيت العالم المحب لقيم السلام والحرية والعدل ..
إفريقيا في وجدان الدبلوماسية الجزائرية