قال الله تعالى في محكم كتابه العظيم (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ.) (ص 26) الحاكم المقصود هو القاضي الذي درس الشرائع والسُّنَن والقوانين،واستلهم منها ما يُوسع مداركه ويزيد من قدرة استيعابه لنواحِ الحياة لمعالجة مايخرج منها من قَبحٍ مُقتدياً بأحكام كتاب الله وسنة رسوله الكريم وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام. والإقتداء بالنبي (ص) واجب لأّنه الأوعى والأعرف بالقيمة الروحية التي يمثلها الإسلام في تقييم الأحداث والأشخاص على أساس التقوى التي تجمع الإيمان , وقول النبي الكريم (ص) انه قال: ( لا يقبل الله صلاة إمام حكم بغير ما أنزل الله )وقوله ) لايقبل الله صلاة إمامٍ جائر ) وروي البعض من الصحابة قال رسول الله (ص) القضاة ثلاثة: قاضٍ في الجنَّة وقاضيان في النار،قاضٍ عرف الحق فقضى به فهو في الجنة،وقاض عرف الحق فجار متعمداً فهو في النار، وقاضٍ قضى بغير علمٍ فهو في النار,قالوا فما ذنب الذي يجهل؟: قال: ذنبه ان لا يكون قاضياً حتى يتعلَّم . إذن فالقاضي ربما يَذبح بغير سكين.، وعليه ان يكون يوماً في القضاء ويوماً في البكاء على نفسه, لأنَّهُ مسؤول امام الله في حكمهِ. كيف إذَن ,إذا كان القاضي أو الحاكم او الوالي لا يقرأ ولا يعرف القراءة والكتابة ، أو لم يدرس الأحكام الشرعية لكنَّهُ يفتي ويقرر وتحترم الناس قراراته . ذلك هو الفِريضَه،أو (القاضي العشائري) هل الحياة أمامه كتاب مفتوح يقرأه ويستوعب بيانه وهل مثواه النار اذا ما حكم فأصلح ؟ واليكم ما كتبه لنا تاريخ الفراضة العشائرية مثال ذلك (الفريضه ) بـ حمد آل حمود ( رحمه الله ) وأقران له آخرين لهم باع طويل في الفتوى بدون تعليم مسبق! وهذا مثال واحدة من حكم الفطرة ( حضر حمد آل حمود شيخ الخزاعل وعلي آل صوَيِّح في مجلس لآل كاشف الغطاء في النجف الاشرف، ووجدا متخاصمين يشكو أحدهما الآخر حول عائدية مهرة ولدتها أمها ليلاً ، وادعى المتخاصمان ان لديهما فرسين متشابهين حوامل وِلِدتا بنفس الليلة , وقد ماتت احدى المولودتين ،ولا يعرفان أيهما ولدت المهرة الحيَّة . وكلاهما يدعي المهرة له .احتار الحاكم الدارس في حل هذا النزاع . فقال حمد ( خذوا المهره وامهاتها للشط وأنظروا من التي تورد ورى المهره فهيه امها). ويروي لنا الرواة عشرات الفرائض اعتماداً على النباهة الفطرية وعمق التفكير ، والمنطق لحل قضايا شائكة لا يقع حلّها بين دفَتي قانون مدوَّن . وهناك قصة لطيفة من تلك (الفراضات ) قصة الضرتين (س و ص ) حيث قامت (س) بخنق ولدها الرضيع في أثناء نومه ونوم شقيقه (حسن) الأكبر منه سناً. ولم يكن نائم ولكن لاحظ الجريمة وسكت وظنته نائماً, وأسرعت شاكية لزوجها بأنَّ ضرَّتها (ص) قتلت ولدها الصغير . وعلى أثر ذلك اجتمعت عشيرتا المدعوتين في ديوان الفريضه وشرحوا أصل الشكوى (للفريظة ) وانه لا يوجد شاهد إثبات , قضى الفريضه استدعاء الضرتين ليسألهما كلاً على انفراد. قال لوالدة المجني عليه (س) باللهجة العراقية المعروفة (أريد منِّج ترفعين ثوبج الى ما فوق الحجل وتدخلين الديوان،وتمرين بين الناس من الطول للطول ، تكدرين؟ أجابته (بالموافقة ) (نعم اقدر) بمعنى ارفعي الثوب فوق الحجل وادخلي الديوان المكتض بالرجال ثم استدعى (ص) وطلب منها ذات الطلب فأجابته (بالنفي). ما أفوت (وانا القاتله) والعشيرة تجمع الفصل وما افوت ) قال الفريضه (س) هيّ التي قتلت ابنها ! فصاح ولدها حسن(وآني أشهد ) ومن اشهر شخصيات الفراضة في ميسان الشيخ كاظم السدخان من عشيرة البهادل والشيخ سلمان بن غيلان من البو عبود البو محمد والشيخ سلمان بن شنجار من عشائر الفريجات من ربيعة العدنانية , ان هناك ضرورة لوجود الفريضه في المجتمعات العشائرية في الوقت الراهن بل ومنذ قدم الزمان . وبعد دخول (الحروب) لبعض الدول العربية تفككت بعض عُرى الفضيلة بسبب السياسات الدولية ،ومعاقبة الشعوب اقتصادياً،وقياس لقمة العيش بمقاييس سياسية الأمر الذي أفرز حالات اجتماعية متصاعدة في الجريمة والتحلل وذبول الخصال الحميدة للشعوب العربية , ناهيك عن السياسات التي تتبعها الحكومات اتجاه شعوبها من الفساد الاداري والمالي وسرقت ثروتها تحت مسميات عديدة واغطية شتى , لذلك اصبح حكم العشيرة بدلاً عن حكم الدولة , وهذا ما موجود حاليا في العراق والاردن والجزيرة العربية وخاصة بعد تحريره في سنة2003 ولحد الان في الوقت الذي نطلب بسيادة القانون خاصة وان هناك ظلم واجحاف اصبح في الفصل العشائري يعزى ذلك الى وجود بعض اشخاص من نصبوا انفسهم لرئاسة عشيرة دون سند عرفي لهم