عمان- في الوقت الذي تشكل فيه عمالة الأطفال تحديًا اجتماعيا يؤرق صناع القرار في الأردن، جراء عوامل شتى، أبرزها الأوضاع الاقتصادية، وارتفاع معدلات البطالة، والتي تدفع مزيدا من الأطفال إلى أسواق العمل، فإن ما يفاقم المعضلة، كذلك، وفق خبراء، هو غياب المسوحات العلمية لمعرفة حجم الظاهرة وتشخيصها، وهو ما يجعل العلاج نفسه معضلة أخرى. كما يبرز العديد من التساؤلات حول حالة عمل الأطفال في الأردن وضعف آليات المعالجة، مع وجود نحو 76 ألف طفل عامل، منهم 45 ألفًا يعملون في مهن خطرة، وربما يزيد العدد ليصل إلى 100 ألف، وهو بلا شك ملف تنوء به وزارة العمل. وفي هذا الصدد، تؤكد رئيس قسم الحد من عمل الأطفال في وزارة العمل، هيفاء درويش، أن القسم يعمل حاليا على الإشراف على مشروعين للحد من عمل الأطفال، الأول بالتعاون مع مؤسسة إنقاذ الطفل، والثاني مع جمعية تمكين للمساعدة القانونية. وبينت درويش لـ"الغد" أن المشروعين يعملان على آلية "إدارة الحالة" للطفل العامل، فيما تعمل "تمكين" على مسح جزئي حول عمالة الأطفال في بعض مناطق المملكة. وأوضحت أن مديرية التفتيش ماضية بالعمل على الإستراتيجية الوطنية للحد من عمالة الأطفال، بالإضافة إلى خطط الوزارة التي تتضمن زيارات موجهة كل 3 أشهر، حيث نفذت 3 حملات بخصوص هذا الموضوع. وحول الأعداد التي تم ضبطها من خلال قسم تفتيش الحد من عمل الأطفال في الوزارة في الشهور العشرة الأولى من العام الحالي، بينت درويش أنها بلغت 229 حالة، وذلك بعد زيارة 3272 منشأة. وبينت أن الوزارة خالفت في الشهور العشرة الأولى من العام الحالي 139 صاحب عمل، وحررت 147 إنذارا، ونفذت 17 نشاطا توعويا. وتعليقا على الآليات التي تتبعها الوزارة للحد من عمالة الأطفال، قال رئيس المركز الأردني لحقوق العمل "بيت العمال"، حمادة أبو نجمة، إن غياب المسوحات الدورية الدقيقة يشكل أحد أبرز العوائق أمام مكافحة الظاهرة. وأضاف أبو نجمة إن آخر مسح رسمي أُجري عام 2016 أظهر وجود نحو 76 ألف طفل عامل، منهم 45 ألفًا يعملون في مهن خطرة، "لكن، مع ارتفاع معدلات الفقر والبطالة خلال السنوات الأخيرة، نتوقع أن العدد تجاوز 100 ألف طفل عامل". وأشار إلى أن الإستراتيجية الوطنية للحد من عمل الأطفال (2022-2030)، رغم أهميتها، لم تحقق تقدمًا ملموسًا حتى الآن، داعيًا إلى تقييم فعاليتها والعمل على تطويرها. كما أوضح أن القطاعات الزراعية والتجارية والصناعية والبناء، تستحوذ على النسبة الأكبر من عمالة الأطفال، حيث يعمل 32 % منهم في الزراعة، و28 % في التجارة وإصلاح المركبات. وأكد أن العديد من الأطفال العاملين يواجهون ظروفًا صعبة؛ إذ يعمل 45 % منهم أكثر من الحد القانوني لساعات العمل (36 ساعة أسبوعيًا)، ويتعرض 48 % لمواد ضارة مثل الكيماويات والغبار والضجيج، بينما يعاني 19 % من سوء المعاملة، بما يشمل الإهانات أو العنف. وأشار إلى أن المخالفات المسجلة بحق مشغّلي الأطفال لا تتجاوز 0.5 % من حجم المشكلة، ما يعكس ضعف الرقابة على القطاعات المختلفة، مشددا على أن تعزيز دور مفتشي العمل، خاصة في القطاع الزراعي، أمر حتمي لمعالجة هذه الظاهرة. وأوصى أبونجمة بضرورة تحسين السياسات الاجتماعية والاقتصادية، وتوفير الحماية للأطفال، وتوسيع الوصول إلى التعليم، وضمان المواصلات المدرسية، فضلا عن دعم الأسر الفقيرة، إلى جانب تطوير البرامج التي تستهدف الحد من أسوأ أشكال عمل الأطفال في قطاعات خطرة مثل الزراعة والبناء. من جانبه، أكد مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، أحمد عوض، أن الجهود الحالية تركز فقط على رصد حالات عمالة الأطفال ومخالفة