عمان- ما إن تعود الطالبة ليان، التي تدرس في الصف الثالث، إلى المنزل بعد يومها الدراسي، تسارع إلى تناول الغداء ثم تستعد لجولة جديدة من الدراسة. تتوجه إلى منزل إحدى الفتيات التي تخرجت قبل سنوات قليلة، لتساعدها في مراجعة دروسها وتعزيز فهمها للمعلومات، وضمان استمرارها على المسار الدراسي. هذا الجهد الذي تبذله الفتاة المتخرجة ليس عملا تطوعيا، بل هو فرصة عمل منزلية توفر لها دخلاً، حيث تأخذ دور الأم في متابعة دروس الأبناء مقابل مبلغ مالي متفق عليه. من خلال هذه المساعدة، يحرص الأهل على مراقبة تطور المستوى الدراسي لأبنائهم وتقييم أدائهم في الامتحانات. هذا العمل المشترك، الذي يطلق عليه المعلمون والأهل "فكرة الحقيبة المدرسية"، يهدف إلى تدريس الطالب جميع واجباته اليومية بشكل شامل. وقد سمي بذلك لأن المعلمة المعنية تتولى تدريس الطالب كل ما تحتويه حقيبته المدرسية، بما في ذلك الكتب والدفاتر وأوراق العمل التي يحتاج إلى دراستها. ليان، وهي طالبة في الصف الثالث، والدتها تعمل في وظيفة بالقطاع الخاص؛ حيث تجد الأم نفسها عاجزة عن متابعة دروس جميع أبنائها بسبب ضيق الوقت. لذلك، كان الخيار لجوءها إلى جارتها التي تعمل في مشروع "الحقيبة المدرسية" لضمان متابعة دروس ليان بانتظام، من دون أن تشعر بالتقصير تجاه ابنتها. وفي حالة مشابهة، ولأنها أم لخمسة أبناء، أحدهم طفلة في الصف الأول تحتاج إلى متابعة يومية، قامت والدة الطفلة بتول بالاتفاق مع إحدى جاراتها، وهي معلمة متقاعدة. هذه الجارة، التي ما تزال شغوفة بالتعليم رغم تقاعدها المبكر، كانت متخصصة في تدريس المرحلة الأساسية طيلة فترة عملها، مما يجعلها الخيار الأمثل لضمان متابعة الطفلة دراسيا. لذلك، وجدت والدة بتول في "فكرة الحقيبة المدرسية" الحل الأمثل لمساعدة طفلتها على تأسيس مهاراتها الأساسية، كالقراءة والكتابة والحساب، والتي تتطلب متابعة يومية. وجود المعلمة بقربها أسهم بشكل كبير في تجاوز العديد من التحديات، مما خفف العبء عن الأم. عبر مجموعات التواصل الاجتماعي، التي تنشأ خصيصا لهذا الغرض، تجد العديد من الأمهات فرصتهن للبحث عن معلمات متفرغات لتدريس أبنائهن بعد ساعات الدوام المدرسي. ويعود هذا الإقبال إما لضيق الوقت بسبب التزامات الوالدين وساعات العمل الطويلة، أو لصعوبة المناهج الدراسية التي تجعل من الصعب شرحها مجددا للأبناء في المنزل. توضح معلمة المرحلة الأساسية شهناز الخرابشة، أن مشروع "الحقيبة المدرسية" يحمل جوانب إيجابية وسلبية. فمن الإيجابيات أنه يوفر فرصة عمل للعديد من الأشخاص، وخاصة الفتيات، اللواتي يحتجن إلى دخل إضافي ولديهن القدرة على التدريس بفعالية، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المجتمع حاليا. ومن ناحية أخرى، تشير الخرابشة إلى أن الفائدة الكبرى للمشروع قد تعود على الأمهات أو أولياء الأمور بشكل عام، لا سيما أولئك الذين لا يملكون الوقت الكافي لتدريس أبنائهم، خصوصاً الأمهات العاملات. إذ يحتاج الطفل إلى متابعة مستمرة وتدريس منتظم، خاصة في مراحل التأسيس، وهو ما يوفره هذا المشروع بشكل كبير. مع ذلك، تؤكد الخرابشة أنها ضد فكرة الحقيبة المدرسية في حال كانت الأم قادرة على متابعة بعض المواد الأساسية والمهمة مع أبنائها. وترى أن الخطر يكمن في أن هذه الفكرة قد تلغي دور الأم تماما في متابعة تعليم أبنائها، خصوصا إذا كانت المعلمة التي تشرف على التدريس لا تقدم المعلومة بطريقة مناسبة لمستوى إدراك الطالب. وتضيف الخرابشة "أنا كمعلمة أختص بتدريس مواد معينة، ولكن في بعض الأحيان قد أستعين بتدريس مساند لأبنائي لمساعدتهم في المواد ا