عمان - بعد الإعلان عن قرار رفع الحد الأدنى للأجور من 260 إلى 290 دينارًا، تباينت الآراء حول جدوى هذا الرفع، بين خبراء وممثلي جهات عمالية واقتصادية، فبرغم توافق اللجنة الثلاثية لشؤون العمل عليه، لكن انتقاده تركز على ان الرفع لا يفي بتغطية احتياجات العمال الأساسية.
وفي وقت اعتبره بعضهم إيجابيا، رأى آخرون بأنه يتجاهل مبادئ قانون العمل بشان مراجعة الأجور، وفقًا لمؤشرات كلف المعيشة، محذرين من تثبيته لـ3 سنوات دون مراجعة.
نائب رئيس الاتحاد العام لاتحاد العمال خالد ابو مرجوب، قال “برغم أن الرفع غير كاف، لكن المهم توافق اللجنة عليه”، مبينا بأنه “بداية جيدة” وستجري “مراجعته وحسابه بناء على معادلة جديدة وادخال معايير أخرى غير التضخم”.
اما رئيس مركز بيت العمال للدراسات حمادة أبو نجمة، فأشار الى انه القرار غير عادل للعمال، فهو لم يعتمد على ما اوجبه القانون من قواعد تحدد الحد الأدنى، بل تجاهل الأساس القانوني المنصوص عليه في المادة 52 من القانون، والتي تلزم باعتماد مؤشرات تكاليف المعيشة كأساس لتحديده، وليس معدلات التضخم.
وبشأن تثبيته لـ3 سنوات، اوضح أبو نجمة أن الأردن صادق مؤخرا على اتفاقية العمل العربية الخاصة بحماية الأجور والحد الأدنى، وهي توجب مراجعته دوريا، وبما لا يزيد على سنة.
وبين أن قرار الرفع اعتمد أساسا على معدلات التضخم التراكمية منذ العام 2021 الى مطلع 2025 وهو يبلغ
10.4 %، ما أدى لزيادته 30 ديناراً فقط، لكن هذا المنهج يغفل حقيقة أن التضخم يعكس متوسط تغير الأسعار على مجموعة واسعة من السلع والخدمات، بما فيها الكماليات وغير الضروريات، بينما ترتفع تكاليف المعيشة الأساسية بوتيرة متسارعة، فمثلا، تصل كلفة المعيشة الشهرية للشخص دون احتساب الإيجار لنحو 350 دينارا، بينما تتراوح تكلفة إيجار منزل بين 200 و300 دينار، ما يعني أن الحد الادنى الجديد لا يقترب حتى من تغطية احتياجات الحياة الأساسية.
وبين ابو نجمة، أن اللجنة لم تتعامل مع الحد الأدنى كأداة حماية اجتماعية، تستهدف ضمان حياة كريمة للعمال، بخاصة للفئات الأكثر هشاشة، بل تعاملت معه وكأنه نتيجة تفاوض بين أطراف متباينة المصالح، ما يخالف المبادئ الأساسية لتحديده، الذي يجب ان يعتمد على مؤشرات موضوعية ككلفة المعيشة الفعلية، لا على التفاوض أو المساومات التي تميل بطبيعتها لصالح الطرف الأقوى والأكثر تأثيرا، أي أصحاب العمل.
وبين أنه قرار لا ينسجم مع التجارب الدولية التي تشير لضرورة أن يتراوح بين 50 % و60 % من متوسط الأجور في الأردن اذ يبلغ متوسط الأجر الشهري نحو 627 دينارا، ما يعني أن الحد العادل يجب أن يتراوح بين 313 و376 ديناراً، والقرار الحالي بعيد تماماً عن ذلك ولا يراعي خط الفقر الذي يقدر للأسرة المكونة من 4.8 فرد بنحو 480 ديناراً، وفق البيانات الرسمية، وبنحو 800 دينار، وفق تقديرات البنك الدولي.
واشار الى أنه رفع لـ300 دينار كما طالب الاتحاد العام لنقابات العمال، لن يشكل عبئاً حقيقياً على الاقتصاد الوطني، إذ تشير الدراسات إلى أن زيادته لهذا المستوى، لن يزيد تكاليف الإنتاج إلا بنسبة 1.5 % فقط، وهي نسبة ضئيلة يمكن للشركات استيعابها بسهولة دون التأثير على أرباحها أو تنافسيتها، بل على العكس، سيقلل تحسين الأجور من معدل الدوران الوظيفي، ما يخفض كلف التوظيف ويعزز استقرار القوى العاملة ويدعم الاقتصاد، بزيادة الطلب الداخلي وتحفيز الإنفاق الأسري بخاصة على المنتجات المحلية.
وأكد أبو نجمة، أن كون القرار يخالف نصوص القانون، ولم يعتمد على مؤشرات كلف المعيشة كأساس، سيكون معرضاً للطعن القضائي من أي طرف متضرر منه، وهم العمال