عمان - تحترف الأمل وتبحث عن التميز في طريق اختارته رغم صعوبته، لأنها تؤمن بأنها لا تشبه أحدا. فاطمة حسن، ابنة الواحد والعشرين عاما، اجتهدت لتكون مختلفة بأحلامها، شخصيتها، وحتى أفكارها. فقدانها للبصر جعلها أقرب إلى ذاتها، تفهم ما تريد تماماً وإلى أين تتجه، بشغف وطموح. نسجت فاطمة أحلامها بالصبر والإرادة، ولم تفقد بوصلتها يوما. ظلت واثقة من خطواتها، عميقة بفكرها وإحساسها. وعلى الرغم من أن طريقها لم يكن سهلا، فإنها في كل مرة تعثرت أعادت تشكيل معالمه بإرادة لا تعرف الانحناء، حتى حفرت اسمها في ذاكرة كل من تعرف عليها. اليوم، تدرس فاطمة اللغة العربية وآدابها في الجامعة الأردنية، وتقترب من نهاية فصل مفصلي في حياتها امتد لأربع سنوات، حمل لها الكثير من النجاح والفرح، إلى جانب التحديات والخوف. طموحها الذي لا حدود له جعلها تتجاوز تخصصها الأكاديمي، فعملت على تطوير مهاراتها في مجال الإعلام، وبالأخص التقديم الإذاعي، لتواصل رحلة الحياة. الولادة المبكرة وتعرضها لضوء الخداج كانا وراء فقدانها للبصر، لم تيأس فاطمة ولم تتذمر لكونها ولدت كفيفة تمتلك بقايا بصرية بسيطة جدا، وكانت الفكرة التي تلاحقها في السنوات الأولى من عمرها أنها ستفقد حتى البقايا البصرية بمرور الوقت، وعلى هذا الأساس رتبت حياتها بمساعدة والدتها التي علمتها كيف تسند نفسها بنفسها منذ أن كانت طفلة كما زرعت فيها الأمل واحترامها لذاتها. فاطمة تربت داخل أسرتها على القوة والمساواة لم يكن فقدانها للبصر أبدا ذريعة تعفيها من المسؤولية، أو أن تكون شخصية مستقلة تعتمد على نفسها في كل شيء. عاشت طفولة طبيعية لم تغربها أمها عن أقرانها ولم تحاول عزلها على الإطلاق. دخولها لروضة الضياء ومن ثم لأكاديمية المكفوفين مكنها من تعلم مهارات كثيرة أهمها القراءة والكتابة بطريقة برايل، بالإضافة إلى أنها ركزت على إحساسها في اكتشاف الأشياء من حولها لكون الشخص الكفيف يعيش ببصيرته وبحواسه الأخرى كالسمع واللمس. تقول إن علاقتها بوالدتها أوجدت لديها قوة استثنائية، وخاصة أنها عرفت كيف توجهها لأن تفكر بإيجابية وأن تبني طموحاتها الكبيرة بعيدا عن التنازل أو الاستسلام، مبينة أنها رأت في فقدانها للبصر ميزة إيجابية واختلاف صنع شخصيتها بكل ما فيها من عمق وصلابة وقدرة على فرض نفسها في كل مكان تتواجد فيه. تأقلمها مع كف البصر مكنها من فتح نافذة جديدة على الحياة. فيها الكثير من الحلم والأمل ولا تنسى نصيحة والدتها لها وتشجيعها لأن تحول كل الأفكار السلبية إلى إيجابيات تدفعها للحياة ولتكتشف ذاتها إضافة إلى أنها علمتها أن تجعل من الكلمات الجارحة والنظرات نقطة انطلاق وتحد. لدى فاطمة قناعة راسخة أن السعي هو أساس كل نجاح، وأن تحقيق الأحلام لا يمكن أن يتم إلا إذا طورنا أدواتنا وآمنا بقدرتنا على الوصول إليها. كما ترى أن التغيير هو الثابت الوحيد في الحياة، وأن الانسيابية في طرح الأفكار ووضع الخطط المستقبلية تعزز من ازدهار الفكر وتنضجه. بشخصيتها الواعية وشغفها بالقراءة المتعمقة، تسعى دائما إلى التفكير بأسلوب مختلف، خارجة عن الأطر المألوفة. هذا ما يمنحها بصمة خاصة ويميزها كفرد قادر على النقاش في مختلف المواضيع بثقة ووعي، مما يعكس عمق رؤيتها وقدرتها على الابتكار. المشوار الجامعي لم يكن سهلا بالنسبة لفاطمة وزملائها من المكفوفين، العوائق كانت كثيرة في الرحلة نحو النجاح. تقول إن عدم توفر المناهج الدراسية بطريقة برايل من أصعب التحديات التي تواجهه الطلبة، لذلك يكون البحث عن بدائل أخرى أكثر تيسيرا كاللجوء لتسجيل المواد وإعداد ملخصات إلكترونية تعيد صياغتها بلغة سهلة