مؤسسة تومسون رويترز - (ميدل إيست مونيتور) 18/12/2024
وقف الرجل الذي يبدو عليه الإعياء على الجانب اللبناني من "معبر المصنع" الحدودي وأدار ظهره لسورية، وأخذ يتفحص السيارات المتوقفة على طول الطريق الجبلي الذي يشكل الطريق الأكثر مباشرة من بيروت إلى العاصمة السورية دمشق.
وكان الرجل قد غادر منزله في دمشق مع عائلته لأنهم مسلمون شيعة، وخشي أن ينقلب الإسلاميون السنة الذين أطاحوا بالرئيس السابق بشار الأسد قبل أيام فقط على أفراد طائفته في نهاية المطاف.
وقال الرجل، متحدثًا شريطة عدم الكشف عن هويته خوفًا من الانتقام: "إنها فوضى. لم يكن الوضع آمنًا بالنسبة لنا. الشوارع تمتلئ بالأطفال الذين يحملون السلاح".
على الرغم من أن الاهتمام الدولي تركز في غالب الأحيان على ملايين اللاجئين السوريين الذين قد يعودون إلى وطنهم الآن بعد انتهاء أكثر من 50 عامًا من حكم عائلة الأسد الوحشي، فإنه ليس الجميع يشعرون بأنهم مرحب بهم في سورية الجديدة. وقد فر عشرات الآلاف من المسلمين الشيعة إلى لبنان منذ أن أطاحت قوات المعارضة بالأسد في 8 كانون الأول (ديسمبر)، وفقًا لمسؤول أمني لبناني كبير نقلت عنه "رويترز".
حدث هذا على الرغم من حقيقة أن "هيئة تحرير الشام" -الجماعة الإسلامية السنية التي برزت كقوة متمردة مهيمنة- وعدت بحماية الأقليات الدينية.
كانت الحرب الأهلية السورية التي استمرت نحو 14 عامًا قد أصبحت طائفية، حيث حشد الأسد، الذي ينتمي إلى الأقلية الدينية العلوية، حلفاء شيعة إقليميين، بمن فيهم قوات لبنانية وعراقية وإيرانية، لمساعدته في محاربة مقاتلي المعارضة السنيين في أغلبهم.
وكانت "هيئة تحرير الشام" تابعة في البداية لتنظيم القاعدة إلى أن قطعت علاقاتها مع الشبكة الجهادية في العام 2016، وأمضى زعيمها، أحمد الشرع، سنوات في محاولة لتلطيف صورة "الهيئة" وجعلها أكثر قبولًا.
ولكن، في حين أن الآلاف في سورية سعداء بسقوط الأسد -حيث احتشد الناس في الشوارع وكانوا يرقصون ويهتفون بعد صلاة الجمعة في الأسبوع الماضي- فإن هناك آخرين أكثر تحفظًا ويتساءلون عما يخبئه المستقبل.
يشكل الشيعة حوالي عشر السكان، الذين كان عددهم نحو 23 مليونا قبل بدء الحرب. وقد فر بعض الشيعة من دمشق بعد تلقيهم تهديدات، سواء شخصياً أو على وسائل التواصل الاجتماعي، وفقًا لـ"رويترز".
وقال سوريون آخرون عند "معبر المصنع" بين سورية ولبنان إنهم يغادرون بسبب الوضع المزري للاقتصاد والخدمات بعد سنوات من الحرب. وكان الناتج المحلي الإجمالي للبلد قد انخفض بأكثر من النصف بين العامين 2010 و2020، وفقًا للبنك الدولي.
وبالإضافة إلى مئات الآلاف من الأرواح التي أودت بها الحرب، نزح حوالي 12 مليون شخص، ويحتاج 16.7 مليون شخص إلى المساعدة لمجرد البقاء على قيد الحياة. وقد دُمرت المدارس والمستشفيات وتضررت الأراضي الزراعية من جراء النزاعات وتغير المناخ.
"معتادون على الاغتراب"
يقول ماجد مازنكو، الذي كان ينتظر وسيلة نقل على الحدود، إنه سيعود إلى منزله في ريف دمشق للمرة الأولى منذ 15 عامًا. لكن العامل البالغ من العمر 31 عامًا كان قلقًا أيضًا بشأن الظروف الاقتصادية. كان قد ادخر 200 دولار لتمويل عودته، لكنه لم يكن متأكدًا من المدة التي سيغطيها هذا المبلغ إذا لم يتمكن من العثور على عمل. وقال: "لا أهتم كثيرًا ببشار أو أي شخص آخر. أريد فقط أن أعيش وأن أنام بسلام. لا أريد أي مشاكل".
وإذا لم يجد وظيفة قبل إنفاق أمواله، فإنه يخطط للعودة إلى لبنان. ويقول: "لقد اعتدنا على التغريب".
وكان حسن النواس أيضًا يقف في انتظار وسيلة نقل. وقال إنه