بيل ترو* - (الإندبندنت) 18/12/2024
في حمص؛ ثالث أكبر مدينة سورية، التقت بيل ترو قائد الشرطة الجديد المكلف بمهمة حفظ السلام بعد أن أطاحت القوات بقيادة "هيئة تحرير الشام" بنظام بشار الأسد. وأصبح السؤال الذي يتردد في كل مدينة في جميع أنحاء البلاد: من سيحكم، وكيف؟
* * *
يجلس علاء عمران محاطاً باهتمام كبير في مقر الشرطة في حمص، في مكتب كان حتى الأسبوع الماضي يديره جهاز الاستخبارات المرعب التابع لبشار الأسد.
بعد أن كان قائداً سابقاً في شرطة النظام، تحول إلى قائد مع الثوار الإسلاميين، وتنتظره مهمة معقدة لا يحسد عليها تتمثل في إدارة عملية انتقالية محفوفة بالمخاطر، قوامها خمسة عقود من الحكم الوحشي لعائلة الأسد. وقد خلفت الهزيمة التي مني بها ذلك النظام على يد خليط من المتمردين بقيادة "هيئة تحرير الشام" -التي كانت في السابق متحالفة مع تنظيم "القاعدة"- فراغاً أمنياً يجب ملؤه بسرعة قياسية. غير أن المأزق الذي يواجه كل مدينة في جميع أنحاء سورية يتمثل في سؤال بسيط: من سيحكم، وكيف؟
يطلق على حمص؛ ثالث أكبر مدينة سورية، لقب "مهد الثورة". وهي التي شهدت بعض أعنف المعارك خلال 13 عاماً من الحرب الأهلية التي ما تزال ندوبها محفورة في كثير من الأحياء. والمجتمع الحمصي متنوع، يتألف من المسلمين السنة، والمسيحيين، والأقلية العلوية التي تنتمي إليها عائلة الأسد. وتم تجنيد عمران من قبل "هيئة تحرير الشام" -التي قضت أعواماً في النأي بنفسها عن ماضيها الجهادي- لقيادة قوة الشرطة التابعة لها في مدينة (إدلب) الواقعة شمال غربي البلاد قبل سقوط الأسد. وحتى هو نفسه يشعر بالدهشة إلى حد ما من الهدوء الذي يسود هنا، على الرغم من أن الأجواء ما تزال متوترة.
متحدثاً عن ذلك، يعلن عمران من مكتبه الجديد أنه "بسبب التنوع الكبير للديانات الموجودة في حمص، اعتقدنا بأنه سيكون من الصعب السيطرة عليها". قال ذلك وهو يجلس في مكتبه الجديد، بينما يتعامل أفراد شرطته -وهم مزيج من المقاتلين الثوار السابقين وسكان حمص النازحين سابقاً- في الطابق السفلي مع عدد لا يحصى من الشكاوى من المواطنين القلقين المحتشدين في الخارج. ويقول: "ولكن الآن أصبح كل شيء تحت السيطرة. خلال الأسبوع الماضي، لم يتم تسجيل أي محاولات قتل".
وفي سياق متصل، لا يعزو عمران نجاح الهجوم الاستثنائي ضد قوات الأسد إلى التكتيكات العسكرية والمعدات العسكرية التي تم تطويرها حديثاً فحسب -في حين يكثر الحديث عن طائرات مسيّرة من طراز "شاهين" أو "الصقر"- بل يعزوه أيضاً إلى أعوام من التخطيط لـ"اليوم التالي".
وقد تضمن التخطيط جدولاً زمنياً للانتقال كان من المفترض -وفقاً لـ"هيئة تحرير الشام"- أن يشهد انسحاب الجناح العسكري للجماعات المتمردة من المدن لمصلحة قوة شرطة "مدنية" عاملة. ويزعم عمران أنهم أداروا على مدى أعوام برامج تدريبية في محافظة إدلب شمال غربي البلاد لبناء قوة شرطة قادرة على تسيير دوريات في الشوارع، وإدارة مراكز يمكن فيها لأولئك الذين يرغبون في التخلي عن أسلحتهم أن يفعلوا ذلك، فضلاً عن التواصل مع الأقليات والحفاظ على السلام.
ويضيف عمران: "تم وضع الخطة بحيث تشمل جميع الدوائر الحكومية، سواء كانت خدمات صحية أو شرطة. وقمنا ببناء وحدات جاهزة للسيطرة على الأمور ولتولي الإدارة". وكان عمران، الذي تشكل مدينة حمص مسقط رأسه، قد انشق عن نظام الأسد في العام 2012 وانضم إلى جماعة "أنصار الشام" الإسلامية المسلحة. ثم عينته "هيئة تحرير الشام"، في وقت لاحق، لإدارة الشرطة في مدينة حارم بريف إدلب. ويؤكد عمران أنه لم يعُد ينتمي إلى القوات المسلحة، ويستقبلنا مرتدياً ملابس مدن