غزة - في ظل أجواء باردة، يعيش آلاف النازحين الفلسطينيين حياة مأساوية داخل خيام وسط مدينة غزة، حيث ليلهم مثل نهارهم، لا ماء ولا طعام ولا أدوية ولا تدفئة تحمي أجسادهم من قساوة برد الشتاء. وفي الخيمة الواحدة تعيش الأسرة كاملة بصغارها وكبارها ومرضاها، ويعيش جميعهم وسط ظروف جد مأساوية. وتصف إحدى السيدات الحياة بأنها صعبة جدا في الخيام، حيث يفتقدون إلى الأكل والشرب ومياه الأمطار تهطل عليهم، بالإضافة إلى انتشار الحشرات والقمامة من حولهم. والأسوأ أن هناك عائلات لا تملك خياما تقيها برد الشتاء، وهي حال أسرة تعيش تحت ركام منزل دمرته قوات الاحتلال، بعد أن نزحت من بيت لاهيا. ورفقة 3 أطفال، جلس أب فلسطيني تحت ركام المنزل المدمر، لا يفترش سوى بطانية خفيفة، ويقول إنه اضطر إلى أن يأتي لهذا المكان مع أطفاله، رغم تخوفه من انهيار المنزل عليهم بسبب المطر والرعد، بالإضافة إلى أن الجو البارد والأكل قليل والأمراض والحشرات مزعجة. وإذا كانت هذه معاناة النازحين في النهار، فإن معاناتهم في الليل تفوق كل وصف، حيث تشتد هذه المعاناة بسبب عدم توفر الكهرباء وأدوات التدفئة. فالعائلات تفترش الأرض داخل مراكز الإيواء في شرق مدينة غزة، ونازحين اضطروا إلى نصب خيام داخل ساحات المدارس. وتقول سيدة كانت تجلس برفقة سيدات حول مدفأة تقليدية إنهم لا يملكون أغطية أو أي شيء يقيهم برد الشتاء، وعلاوة على ذلك الأمطار تتساقط على خيمهم والحشرات تملأ المكان. وزيادة على الظروف المعيشية المأساوية للنازحين، يواصل جيش الاحتلال غاراته المكثفة على مناطق القطاع، وأكدت وسائل إعلام فلسطينية أنه نسف مباني سكنية بمنطقة الخلفاء والعلمي ومنطقة أبو قمر بمخيم جباليا وفي بيت لاهيا شمال قطاع غزة. كما، يعيش الغزيون المنكوبون بفعل الحرب المستمرة عليهم منذ أكثر من عام، مع ضيوف منبوذة، استقدمتها هذه الحرب، وهي الفئران وهي نوع من القوارض، تُعد الأكثر والأشد سوءا بين المكاره البيئية التي يواجهها سكان قطاع غزة، سيما في المناطق المدمرة. وتحت أحد الأبراج المهالة بالكامل في مدينة حمد شمالي مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، تقيم عائلة أبو يوسف الدالي، أحد أصحاب شقق البرج، تحت أول سقف منهار بشكل معوج، متخذين منه مأوى، بديلاً عن الخيمة التي تركوها في عراء مواصي خان يونس قبل شهرين. والفئران انتشرت بشكل كبير في المكان، وباتت كل ليلة تقفز من فوق أجساد أطفال "أبو يوسف"، مسببة لهم الفزع والاشمئزاز. ويقول أبو يوسف: "نزحنا حتى شبعنا، وأخيرًا هدموا برجنا في آخر هجمة على المدينة، لكننا مع حرقة قلوبنا رفضنا حينما خرج جيش الاحتلال، أن نترك المدينة أو نبقى في المواصي". ويشير لمكان إقامته "هنا تحت ركام البرج في مساحة مفتوحة، قمنا فيها بعدما أزلت الركام، ولكننا تفاجأنا بالفئران والعناكب وأنواع عديدة من الدود". وبحال الرضا على ما أصابه من مصائب الحرب، يصيح "قبلنا نعيش بوجود كل هذه المكاره، إلا الفئران، فهي مسعورة وعددها كبير، وتنهش أي شيء تجده، حتى طعامنا شاركتنا فيه". ويتردد بين أصحاب البيوت المدمرة والمناطق المنكوبة، من أعداد القوارض، حديثا بأن جيش الاحتلال هو من استجلب هذه القوارض معه، وكبها في المناطق التي اقتحمها، وهي شهادات لمواطنين، لكنها لم تؤكد من أي جهة صحية أو بيئية بغزة. ومن المعروف أن القوارض تسبب العديد من الأمراض، فهي تحمل بكتيريا السالمونيلا في الجهاز الهضمي الخاص بها، والتي تنتقل إلى الإنسان عن طريق ملاسمة المكان الذي يحتوي على روث الفئران المصابة، ومن أعراضها القشعريرة وارتفاع درجة حرارة الجسم. كما يمكن أن تسبب القوارض مرض الطاعون